ترامب إذ يرتدي حلة إسرائيلية كاملة؟!- بقلم: نواف الزرو

الساعة 11:51 ص|24 نوفمبر 2019

فلسطين اليوم

الصورة اليوم باتت واضحة جداً.. وأعتقد ان الوعي الجمعي العربي –الفلسطيني اليوم بات يستوعب المعادلة تماما، فالحقوق المغتصبة المسلوبة لا تسترد بغير القوة وهي المعادلة التي اعلنها وكرسها القائد الخالد جمال عبد الناصر، وإن كانت هذه المعادلة مجربة ومعروفة ، إلا ان لغة الرئيس الامريكي ترامب في التعامل مع دول وشعوب العالم، وهي لغة القوة الغاشمة المشبعة بعقلية وسيكولوجيا الكاوبوي الامريكي، تطرق عقول العالم والعرب على نحو خاص منهم على مدار الساعة، بل ان هذه اللغة الكاوبوية تصل الى قمة تجلياتها- وابتزازيتها في التعامل مع الفلسطينيين في قضيتهم وحقوقهم، ومع العرب في وجودهم وكرامتهم-.

وقد وصلت هذه اللغة الى قمة العجرفة والاستخفاف بالضربات التي وجهتها  وتواصل الولايات المتحدة توجيهها للفلسطينيين، إلى جانب الهدايا المقدّمة لإسرائيل، وهي دليل على أن الولايات المتحدة التابعة لترامب أيضاً “تثيب الأقوياء وتضرب الضعفاء”. والخطوات الهجومية الأميركية ضد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية  تبدو منسقة مع إسرائيل، بل ربما تمليها إسرائيل على ادارة ترامب.

اعتقد ان الوجه الامريكي الحقيقي بات اليوم بلا اي قناع تماما، بل يمكن القول ان الرئيس الامريكي ترامب يرتدي حلة اسرائيلية-صهيونية كاملة، فكشف حسابه وادارته ووزرائه ومستشاريه خلال ولايته الرئاسية حتى الآن،  لا يخدم سوى المشروع الصهيوني ولا يسر سوى”اسرائيل” ونتنياهو، فقد قدّم ترامب وادارته كشف مبايعة لـ”إسرائيل”، و تحدث وكأنه أحد زعماء الحركة الصهيونية التاريخيين،  بل وكأنه رئيس وزراء”اسرائيل”، ألم يصرح قبل ايام  قليلة انه”اذا لم يتم تشكيل حكومة اسرائيلية  فانه سيرشح نفسه لرئاسة الحكومة الاسرائيلية-وكالات-“، بل انه تحدث دائما ك”حليف وصديق وفي جدا” وك”موظف في الكيان الصهيوني” لا كرئيس دولة، وخاطب إسرائيل ك”حلم”، وطلب من الفلسطينيين تجاهل الاستيطان، واعترف ب”القدس موحدة عاصمة ابدية لاسرائيل”، وشن حربا شعواء على الفلسطينيين وعلى وكالة غوث اللاجئين، كما اعترف ب”الجولان منطقة خاضعة للسيادة الاسرائيلية”،  اعلن ان : “الحرية تجسّدت في الصهيونية”، ليتحول الى شاهد زور لصالح الصهيونية، وليغدو “المتملق” الأكبر في إسرائيل، فاصبح من وجهة نظر اقطاب اسرائيل “بلفور الثاني”.

ثم يأتي وزير خارجيته بومبيو قبل ايام ليعلن”ان واشنطن لم تعد تعتبر الاستيطان متعارض مع القانون الدولي”، هكذا، متحديا عشرات القرارات الاممية التي تعتبر الاستيطان غير شرعي.

وكان وزير الخارجية الامريكي  ومبيو أطل علينا الأربعاء2019/3/27 بتصريح بلفوري جديد يضاف الى سلسلة التصريحات والقرارات التي اتخها رئيسه ترامب ومن سبقه من الرؤساء الامريكان إذ قال: إن خطة السلام للشرق الأوسط (صفقة القرن) التي تعتزم الولايات المتحدة طرحها، ستتخلى عن المعايير القديمة التي تتعلق بقضايا مثل القدس والمستوطنات، مؤكدا فشل المقاربة القديمة”، وأضاف في شهادة أمام الكونغرس، “أنا واثق تماما أن ما تمت تجربته في السابق فشل، وأنا متفائل بأن ما نفعله سيوفر لنا احتمالات أفضل بأن نحقق النتائج التي ستكون أفضل للشعب الإسرائيلي، وكذلك للشعب الفلسطيني”، حسب قناة “الحرة” الأمريكية. وأشار إلى أن “الخطة الأمريكية ستستند إلى الحقائق على الأرض، والتقييم الواقعي لما سيقودنا إلى تحقيق نتيجة جيدة”، وحكاية “الحقائق على الارض والتقييم الموضوعي-المزعوم هي بيت القصيد هنا، فهو يقصد طبعا الاعتراف بحقائق الاحتلال والاستيطان على الارض الفلسطينية في الضفة الغربية.

والحقيقة ان بومبيو لم يأت بجديد في هذا السياق، فقد سبقه رئيسه بالاعترافات البلفورية بالقدس والجولان تحت السيادة الاسرائيلية. بل وقد سبقه الرئيس بوش الابن في حكاية حقائق الامر الواقع.

وكذلك الحال بالنسبة لرئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، الذي يتبجح ويهدد ويصول ويجول متغطرسا ملوحا بالقوة الغاشمة ضد الفلسطينيين ومن يناهضه من العرب، فقد قال في خطاب له  في احتفال تسمية المفاعل في ديمونا على اسم شمعون بيريس: “الضعفاء ينهارون، يذبحون، يشطبون من التاريخ، والأقوياء، إيجاباً كان أم سلباً، هم من يبقون على قيد الحياة. الأقوياء يُحترمون، مع الأقوياء تعقد التحالفات… وفي نهاية المطاف يصنع السلام معهم- “هآرتس 2018-9-12.”

هكذا هي الامور وهكذا هي المعادلات في العلاقات الدولية الى حد كبير، ولكن هكذا هي المرتكزات والثوابت في منظومة العلاقات ما بيننا كأمة وما بين الكيان والسياسات الامريكية…؟

فالبقاء للأقوى في عالم ترامب ونتنياهو ، والقوة لدينا لا يمكن ان تستجمع إلا بالنقاط وعبر مشروع المقاومة المفتوح…؟!