خبر دولة واحدة: سجنان - معاريف

الساعة 11:40 ص|09 فبراير 2009

بقلم: كوبي نيف

 (المضمون: في الانتخابات غدا لا يوجد اي انتخاب. خيار الدولتين لم يعد قائما. الخيار هو بين طغيان يهودي او طغيان عربي او بين ديمقراطية مدنية حقيقية -  المصدر).

قبيل الانتخابات غدا يجدر بنا نحن، المواطنين، على الاقل، خلافا للاحزاب، ان نكون صادقين ونعترف امام انفسنا بالحقيقة، حتى لو كانت مرة كالعلقم. خيار الدولتين في ارض بلاد اسرائيل – فلسطين ذات مرة، واحدة يهودية اسرائيلية - والثانية عربية فلسطينية تعيشان جنبا الى جنب بسلام لم يعد قائما.

يحتمل جدا الا يكون خيار سلام الدولتين في واقع الامر قد وجد ابدا الا بمثابة حلم، اما اليوم – بعد اكثر من 40 سنة من الاحتلال، القمع، الاستيطان، الغباء والارهاب – فان هذا الخيار لم يعد قائما، ولا حتى في الحلم. امكانية ان تقام هنا دولتان ليست قائمة، اذ ان الدولة الفلسطينية "المستقلة" التي "نريدها" او يمكننا ان نعرضها على الفلسطينيين ليست دولة، بل هزلية دولة. بين دولة (اسرائيل الكبيرة والقوية) ومزحة (فلسطين مبتورة وضعيفة برعاية اسرائيل) لن يقوم ولن يكون سلام ابدا، بل فقط حرب وارهاب، الى ابد الابدين، او حتى شطب احد الطرفين، او ما ياتي منهما قبل الاخر.

وعليه، في واقع الامر، انتخابات الغد ليست ذات صلة، اذ ليس فيها اي انتخاب.

خيار "دولتين للشعبين" – الذي تتبناه ظاهرا الكتلة الليبرالية – الوسط – اليسار لاحزاب كاديما، العمل، ميرتس وحداش – يتجسد هذه الايام امام ناظرينا ومعناه العملي هو دولة واحدة لليهود (وبشكل مؤقت للعرب ايضا) الاسرائيليين، وسجنان كبيران للفلسطينيين – سجن مغلق جدا في قطاع غزة وسجن مفتوح في يهودا والسامرة. هكذا تتجسد عمليا رؤيا الدولتين، ولا يوجد اي سبيل اخر يمكنها ان تتجسد فيه في الواقع القائم، الا عبر واقع "دولة واحدة وسجنين".

اما الخيار المشوش لاستمرار الوضع الراهن والحفاظ على الوضع الحالي – والذي تتبناه الكتلة القومية – الدينية لاحزاب الليكود، ليبرمان، شاس، وكل البيوت والاتحادات والشكوك الوطنية على انواعها – فيتجسد عمليا وعلى الارض حقا بذات الصورة مثل "رؤيا دولتين" – بوجود دولة اسرائيل المستقلة وذات نزعة القوة وبوجود سجنين كبيرين للشعب الفلسطيني في نطاقها وتحت سيطرتها – سجن مفتوح في يهودا والسامرة وسجن مغلق في قطاع غزة.

هكذا في واقع الامر فان كل ما تنتخبوه غدا هو شعار ما في بوابات السجنين الكبيرين للشعب الفلسطيني – "دولتان للشعبين" ام "لا مواطنة بلا ولاء" (لا تقلقوا، بعد الانتخابات سيأتي الحل الوسط، والشعارين سيتوزعان على نحو متساو بين السجنين). اذ فضلا عن فوارق الشعارات، في مسالة الحل العملي للنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني لا يوجد اي فارق بين الاحزاب التي تقف غدا امام انتخاباتكم.

الخيارات الحقيقية الثلاث المتبقية لنا، تلك التي لا تقف امام الاختبار غدا، ليست خيارات الدولتين، بل خيارات الدولة الواحدة. السؤال هو اي دولة – عربية طاغية، يهودية طاغية، ام كبديل "دولة كل مواطنيها"، اي دولة يهودية – عربية – اسرائيلية – فلسطينية مشتركة وديمقراطية حقا.