ربع قرن على اغتياله

"هاني عابد".. أول معتقل سياسي لدى السلطة لم تهنأ "إسرائيل" بعد اغتياله

الساعة 09:23 ص|02 نوفمبر 2019

فلسطين اليوم

لم يختلف اثنان على شخصية القائد في حركة الجهاد الإسلامي الشهيد هاني عابد، الذي سجل في تاريخه المشرف بصمة واضحة في العمل المقاوم، أسس فيه جيل من محبي القرآن والسلاح، فلم يهنأ ذلك لـ"إسرائيل" فاغتالته قبل ربع قرن.

ففي الثاني من نوفمبر لعام 1994م، وتحديداً في ساعات العصر هز انفجار كبير سيارة الشهيد عابد، فيصاب إصابات خطيرة وينقل إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ليلقى ربه فيما بعد.

والشهيد القائد عابد ولد في مخيم جباليا الثورة، في العام 1962م، في أسرة فلسطينية بسيطة تعشق تراب فلسطين وتلتزم بتعاليم الدين؛ إذ كان أكبر الأولاد من الذكور حيث كان له ثلاثة إخوة وست أخوات.

تعليمه

والتحق  بالجامعة الإسلامية بغزة في العام 1980م وهناك بدأت مرحلة جديدة من حياته، وعرف أن فلسطين والإسلام توأمان لا ينفصلان وأن مرحلة جديدة سوف يحمل فيها أبناء الإسلام راية الدفاع عن فلسطين آتية لا محالة.

وكانت هذه بدايته مع الجهاد الإسلامي ليلتقي بعدها بالمعلم الدكتور فتحي الشقاقي ولينضم إلى تلك المسيرة التي بدأت البعض أفراد في الجامعات المصرية لتمتد نحو فلسطين ولتزهر مشروع ثورة لا تنتهي.

وبدأ الشهيد نشاطاته الطلابية التي استمرت إلى أن تخرج من الجامعة في العام 1984م، من كلية العلوم قسم الكيمياء وليواصل بعدها دراسة الماجستير في جامعة النجاح بنابلس وذلك في العام 1988.

وكانت محطته الأولى في الاعتقال سنة 1991م، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي بتهمة إيواء أحد أقربائه، ليحكم عليه بستة أشهر ويرحل إلى معتقل النقب الصحراوي، وليخرج شهيدنا من القيد ليواصل رحلة عطائه الدائم لهذه الأرض الطيبة وليتولى مسؤولية الجماعة الإسلامية ـ

ومع تأسيس صحيفة «الاستقلال» يتولى الشهيد إدارتها العامة ويشارك في تأسيسها ليتواصل مع رحلة الوعي والثورة التي بدأها، وجاء استشهاده بعد العدد الثاني فقط من إصدار الصحيفة.

أول معتقل سياسي

وكان الشهيد رجلا بألف, إذ كان أول أسير سياسي في سجون السلطة, واتهمته" إسرائيل"  بحكم تخصصه في الكيمياء, بأنه يصنع المواد المتفجرة ويساعد القوى الإسلامية المجاهدة –قسم- على تطوير قدراتها العسكرية.

أدرك شهيد خلال حياته خطورة المرحلة, وحمل الرسالة مع ثلة من قادة الجهاد المخلصين, فكان ملقى عليه أعباء ثقيلة فكان محاضرا في جامعة العلوم والتكنولوجيا بخانيونس, وقائدا في حركة الجهاد الإسلامي, وكذلك قاد مسيرة صحيفة " الاستقلال" .

الاغتيال

وفي الثاني من تشرين الثاني عام 1994م وفي أحد الأيام المشمسة يخرج الشهيد كأجمل ما يكون الشهداء متوجهاً إلى كلية العلوم والتكنولوجيا حيث يعمل محاضراً هناك، ويمضي يومه يعلم طلابه الكيمياء.

وفي الساعة الثالثة عصراً يخرج مرة أخرى ليعود إلى مكتبه في الصحيفة حيث كان الشهيد دائم العمل من أجل نشر الوعي بين أبناء شعبه وما أن يدير شهيدنا مقود سيارته حتى تنفجر به فيصاب إصابات خطيرة وينقل إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس ليقلى الله شهيداً في زمن السلام المزعوم.. ومع إعلان نبأ الاستشهاد تحول قطاع غزة إلى عواصف ورياح وكأنما السماء تعلن غضبها من هذه الجريمة البشعة.

طريق حافل بالمقاومة والجهاد

واعتقد الكيان الصهيوني باغتياله أن طريق المقاومة والجهاد ستتوقف وسيضرب قدرة حركة الجهاد الإسلامي في مواصلة عملياتها دون أن يدرك أن الأيديولوجية التي انطلقت بها جذوة الجهاد في بداية الثمانينات قادرة على إنجاب القادة والكوادر والاستشهاديين والاندفاع نحو خيار المقاومة والجهاد بصلابة وإرادة أقوى وإيمان مضاعف .

 فبعد اغتياله توالت العمليات الاستشهادية انتقاما لدماء الشهيد عابد، ففي يوم تأبينه الاثنين  ١٩٩٤/١١/ ١1تقدم الاستشهادي هشام حمد بدراجته الهوائية على مفترق الشهداء قرب مستوطنة " نتساريم " المقتلعة فقتل أربعة جنود وأصاب آخرين.

 وفي العشرين من يناير ١٩٩٥ يتقدم الاستشهاديان صلاح شاكر وأنور سكر في عملية استشهادية مزدوجة هي الأولى من نوعها في تاريخ المقاومة الفلسطينية في محطة بيت ليد فيوقعان ٢٣ قتيلا بين الجنود الصهاينة وعشرات الجرحى.

قلب الأم

وتقول والدته إنها منذ الصباح شعرت بانقباض في قلبها وشعرت أن هناك أمراً يخفيه القدر لها، وأخذت ترقب هاني وهو خارج من البيت وتدعو الله أن يحفظه وما أن جاءت ساعة المساء حتى سمعت نعيه من مآذن المساجد فبكت قليلاً ثم صمتت لأنها أدركت أن هذا هو قدر الله عز وجل.

أما زوجته فكانت دائمة الترديد لكلمة «الحمد لله، الحمد لله».

كلمات دلالية