واقع العرب وواقع الصهاينة عام 1948م.. نعيم عطا الله

الساعة 01:34 م|31 أكتوبر 2019

فلسطين اليوم

بقلم / نعيم محمد عطا الله

باحث في التاريخ الاسلامي

 

بعد صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947م، كانت الحركة الصهيونية قد أخذت بالأسباب خلال سنوات طويلة لتتمكن من احتلالها لفلسطين؛ وخلق واقع جديد وإقامة الدولة الصهيونية "إسرائيل" بينما  وفي نفس الوقت الذي كان فيه أهل فلسطين يُمنعون من امتلاك قطعة سلاح-حتى لو كانت للحراسة-، أو حتى رصاصه وخير مثال ما حصل في ثورة 1936م لعائلة غزية من آل شملخ، حيث اعتقل الأب وأبناؤه التسعة بسبب امتلاكهم مسدساً لم يثبت أنهم استخدموه في أي عمل مخالف (للقانون)، ونقلوا للمثول للمحاكمة العسكرية في القدس وحوكموا بأحكام كبيرة جائرة، عشرة أشخاص يحاكمون بسبب امتلاك مسدس واحدٍ.

ثار أهل فلسطين ضد قرار التقسيم لبلادهم، وكانت تلك الثورة لأن الأمم المتحدة تُقر بيع جزء كبير من أراضيهم لعدوهم رغماً عنهم- فهمّ الفلسطينيون لمقاومة التقسيم من خلال ثلاث تشكيلات هي جيش الإنقاذ، وجيش الجهاد المقدس والوحدات المحلية، وكانت جميعها محدودة التسليح، وقليلة التدريب، وأثبتت الروايات الشفوية أن أهالي العائلة الواحدة كانوا يجمعون ذهب ومصاغات نسائهم، ويشترون بثمنها قطعة سلاح وبضع رصاصات ليقاوموا الهجمات الصهيونية ضد قراهم.

ظلت التشكيلات العسكرية الثلاث هي التي تواجه الصهاينة منذ صدور قرار التقسيم، وحتى انتهاء الانتداب البريطاني في 15/5/1948م، وأثبتت الدراسات العربية والصهيونية أن معظم هذه الفترة كانت الغلبة للجانب الفلسطيني حتى بدايات شهر نيسان (إبريل) 1948م حين اكتملت الخطط الصهيونية، والدول العربية لم تتدخل حتى15/5/1948م، لأنها لا تريد أن تغضب بريطانيا التي كانت لا تزال منتدبة على فلسطين.

في الوقت المحدد لانتهاء الانتداب (15 آيار/ مايو 1948)، اجتمع رجال الوكالة اليهودية برئاسة دافيد بن غوريون، الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية ومدير الوكالة اليهودية، وقرأ ابن غوريون تصريحاً أعلن فيه قيام إسرائيل، وذلك في تمام الساعة الرابعة من عصر يوم الجمعة 14 آيار/ مايو في قاعة متحف تل أبيب، وأعلن في تصريحه أن قيام هذه الدولة هو باسم الصهيونية في العالم، والشعب اليهودي في فلسطين

وفي اليوم التالي دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين، الجيش المصري (10.000) جندي، الجيش العراقي (3.000 جندي)، الجيش الأردني (4.500 جندي)، (الجيش السوري 3.000 جندي)، الجيش اللبناني (1.000) جندي. بقيادات مختلفة، بأسلحة قديمة فاسدة، بتدريبات غير متناسقة، بخطط متباينة إن كان لديها خطط أصلاً. وكانت طرق الإمداد والتموين بعيدة، لأنها من خارج البلاد، إضافة إلى أن الأنظمة العربية كانت مرتبطة بمعاهدات مع بريطانيا تحول دون حرية التصرف إلا بإذن بريطانيا.

وفي مجال الدفاع كانت الخطط هزيلة، وكان بمقدور القوات الصهيونية أن تنفرد بكل جيش على حدة وكانت القوات العربية (الجيوش السبعة) لا تزيد عن (20.500) جندياً.

وفي نفس الوقت الذي كانت في أعداد العسكريين الصهاينة كما يلي: الهاغاناة (60.000) عسكـري مدربين تدريب عسكري على ايدي البريطانيين، الأرغون (اتسل) (6.000) عسكري، وكان بعضهم مسلحاً، شتيرن (ليحي)(1.000) عسكري، وكان بعضهم مسلحاً أيضا، أي أنه قد بلع عدد القوات الصهيونية (67.000) جندي، وكانوا تحت قيادة واحدة، ومدربين تدريباً جيداً، ويمتلكون كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة المستوردة من أمريكا وتشيكوسلوفاكيا ومن مخازن الجيش البريطاني وغيرها، وكانت خطتهم واحدة، وكانت طرق المواصلات والتموين قصيرة لأنها داخل أراضي فلسطين التاريخية.

في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1948م، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم (194) الداعي إلى:

  1. تأليف لجنة توفيق تقوم بالأعمال التي كانت موكلة إلى وسيط الأمم المتحدة وإلى لجنة الأمم المتحدة للهدنة.
  2. حماية الأماكن المقدسة وإقامة نظام دولي لمنطقة القدس.
  3. وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر.
  4. تسهيل مهمة عودة اللاجئين، وتوطينهم من جديد، وتأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي.                        

هذا هو واقع الجيوش العربية في الميدان خلال فترة احتلال فلسطين عام 1948م، وما نتج عنه اعلان قيام دولة "إسرائيل"، التي خططت وعملت من أجل ما خططت له، بحيث كان إنشاء وطن لهم في فلسطين هو الحلم الذي يراودهم منذ مؤتمر بال بسويسرا عام 1897م، وعلى هذا الأساس عملت... ولهذا كانت نتائج الحرب كما يعلم الجميع.

 

 

 

كلمات دلالية