خبر مبادرة سلام جديدة-هآرتس

الساعة 10:42 ص|08 فبراير 2009

بقلم: يحزقيل درور

(بروفيسور في العلوم السياسية في الجامعة العبرية)

 

(المضمون: يتوجب على اسرائيل ان تضع لنفسها رؤية استراتيجية جديدة تحاول التوصل الى تسوية شاملة مع المنطقة برمتها عربيا واسلاميا دون التمحور في الصراع مع الفلسطينيين فقط - المصدر).

احد الاخطاء الجسيمة في عملية "الرصاص المصهور" كان، ان العملية العسكرية لم توضع في اطار سياسي يسعى لدفع السلام للامام، ويؤدي الى تقليص قدرة مجموعات مثل حماس على التحرك. هذا الخطأ نمطي ومميز لنظرة الجزئية الموضعية، التي جاءت لتحل محل رؤية الاستراتيجية الشمولية.

لو كانت لدى الحكومة الاسرائيلية مثل هذه الرؤية لاعترفت بالحاجة الى نظرية سياسية جديدة، الى جانب تعزيز الردع والعقاب ازاء التعرض لاسرائيل. عميلة سلام تقوم على شعار "المزيد من نفس الشيء" ستكون عديمة الجدوى على المدى البعيد. تغير المجريات التاريخية الخطيرة يحتاج بالضرورة تدخلا مكثفا بدلا من المساعي المقطوعة والمجزئة. طرح خطة سلمية اسرائيلية جديدة ترتكز على المبادرة العربية هو امر يستوجبه الواقع.

الديناميكية الاقليمية والتغيرات الجيواستراتيجية العالمية تحول التشبث بتصور "ادارة الصراع" الى امر متزايد الخطورة بالنسبة لاسرائيل. نشر سلاح الابادة الجماعية وازدياد الاطراف المتشددة الاصولية، مع الخوف من عدم الاستقرار في الدول العربية المعتدلة، تجتمع معا لتتحول الى منحدر شديد الانزلاق. تضاف الى ذلك سياسية براك اوباما المتوقعة، التي تستوجب تجديد السياسة من جانب اسرائيل ايضا.

خطط السلام التي يكثرون من الخوض فيها مصابة بـ "نظرة – النفق". حتى ان تم التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين فلن يكون راسخا ومستقرا وسيشكل خطرا على الاردن وفي وقت لاحق على اسرائيل.الاتفاق مع سورية من دون فك ارتباط مع ايران لن يضمن الهدوء في الشمال. والاعتقاد بصحة "السلام الاقتصادي" مع مواصلة السيطرة الاسرائيلية في المناطق لا يمكنه ان يمنع التدهور.

اوراق المساومة التي تمتلكها اسرائيل محدودة. سيكون من الخطأ التنازل عن هذه الاوراق مقابل اتفاقيات سلام مع الدولة الفلسطينية ومع سورية فقط، والوعود المبهمة بالتطبيع التي تتضمنها مبادرة السلام العربية. الاتفاق الشرق اوسطي الشامل وحده الذي يرسخ اوضاع الدول العربية المعتدلة، هو الذي يمكنه ان يواجه ايران والمجموعات الاصولية المتعصبة، والذي يتضمن ترتيبات امنية موثوقة ومصداقة، هذا الاتفاق هو الذي يمكن ان نقول انه يستوجب ويعادل الانسحاب من المناطق وتقديم تنازلات مؤلمة في القدس. لتسوية كهذه فقط، بدعم اغلبية الدول الاسلامية والدول الكبرى، فرصة واحتمالية للحصول على تأييد الاغلبية في اسرائيل.

لذلك على اسرائيل ان تبادر على قفزة في الرؤية النظرية. بدلا من اتفاق انابوليس وخريطة الطريق اللذان ركزا على الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، سيتم السعي للتوصل الى اتفاق مع واشنطن – يصمم صورة لانهاء الصراع الشامل الاسرائيلي – العربي – الاسلامي – و"اطلس" للاتفاق الاقليمي، يكون فيه كل تنازل اسرائيلي مصحوبا بخطوات من الجانب الفلسطيني والسوري واغلبية الدول العربية والاسلامية على طريق اقامة علاقات سلمية دافئة وتسويات امنية. مشكلة اللاجئين ستحل من خلال التوصل الى صيغة متفق عليها للتعويض واستيعاب الراغبين من الفلسطينيين في الدول الشرق اوسطية وفقا لقدرة هذه الدول.

الرؤيا الاستراتيجية الجديدة يجب ان تتضمن خطوات لترسيخ الانظمة في الدول العربية المعتدلة حتى توفر فسحة من الزمن للتنمية الاقتصادية والعصرنة، التي لا تعتبر كل محاولة "للدمقرطة" صيغة تؤدي الى التعصب والتشدد. التسويات الامنية ونزع السلاح تحت رقابة متواصلة سيتضمن ايران ايضا ويشل قدرة المجموعات الفصائلية مثل حماس وحزب الله ويمنع الدولة الفلسطينية من التحول الى طرف مهدد لاسرائيل والاردن والشرق الاوسط.

ليس من المهم في هذا السياق من الذي سيفوز في الانتخابات القريبة. مع كل التباينات في القيم والتقييمات والتقديرات، سيكون على رئيس الوزراء الاسرائيلي القادم ان يتمتع بالابداع السياسي من خلال رؤية اقليمية بعيدة المدى، وان يبادر الى طرح تصور سياسي – امني استراتيجي جديد لاخراج اسرائيل من هذا المأزق.