خبر غياب عباس عن قمة الدوحة زاد الهوة بين دول المنطقة

الساعة 10:27 ص|08 فبراير 2009

معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط بواشنطن في دراسة عن قمة الدوحة الطارئة:

غياب عباس عن قمة الدوحة زاد الهوة بين دول المنطقة

 

القاهرة – عبد المنعم حلاوة ـ الشرق القطرية 8/2/2009

في إطار الاهتمام العالمي المتزايد بتنامي دور قطر المؤثر في منطقة الشرق الأوسط، ومشاركتها الايجابية والفعالة في كل قضايا المنطقة المهمة خاصة القضية الفلسطينية التي ظلت لعقود طويلة حكرا على قوى ودول بعينها في المنطقة، نشر "معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط" الأمريكي المعروف اختصارا باسم "ميمري"، الذي يتخذ من العاصمة واشنطن مقرا له، دراسة جديدة حول دور قطر في القضية الفلسطينية وعلاقاتها الايجابية بمختلف القوى والفصائل الفلسطينية، وكذلك الخلاف الذي نشب مؤخرا بينها وبين قيادات فتح وما تبعه من محاولات البعض إظهار وجود خلاف بين قطر ومنظمة التحرير، هذا رغم علاقات قطر التاريخية والجيدة بغالبية القوى والفصائل الفلسطينية التي تشكل العصب الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وليست حكرا على فتح وحدها.

وفي مقدمة الدراسة يؤكد "سي جاكوب" معد الدراسة والباحث المتخصص في شؤون إعلام الشرق الأوسط، أنه على الرغم من أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلقى دعوة رسمية من قطر لحضور قمة الدوحة الطارئة التي دعت إليها قطر من أجل مساعدة غزة وكذلك ليكون على رأس الوفد الفلسطيني الذي سيشارك بالقمة، إلا أنه رفض الحضور إليها، لا لشيء إلا لأن هذه القمة دعت إليها قطر ومن خلفها سوريا.

ورغم عدم حضور عباس إلا أن قطر حافظت على شرعيته ومكانته كرئيس للسلطة الفلسطينية وأبقت مقعده خاليا في القمة، ومنحت خالد مشعل وبقية فصائل المقاومة مقعدا آخر خاصا بهم على الطاولة، ومع هذا فقد أطلقت بعد وسائل الإعلام بالمنطقة على القمة ومن حضروها "جبهة الممانعة أو المعارضة".

وترى الدراسة أن غياب عباس عن القمة كان السبب الرئيسي وراء إشعال الموقف وتزايد الهوة بين دول المنطقة، وقد كان بمثابة الشرارة التي أشعلت الأوضاع، وأوحت للجميع بوجود صراع بين السلطة الفلسطينية من جانب وبين قطر وحماس من جانب آخر.

أما حماس عندما تساءلت حول شرعية الرئيس محمود عباس، فقد كانت تتحدث حول أنها لا تصدق أن هناك رئيسا فلسطينيا يقاطع مؤتمرا أو قمة عربية أو في أي مكان آخر بالعالم عقدت لمساعدة الفلسطينيين وإنقاذهم من الاعتداءات الإسرائيلية، بينما اعتبرت حماس أن دعوتها إلى قمة الدوحة انجاز تاريخي بالنسبة لها ويمثل دعما كبيرا من الأنظمة العربية لها ولموقفها.

وحاولت الدراسة رصد رد فعل السلطة الفلسطينية وكان ردها الوحيد يتمحور في أن قطر دعت إلى قمة غير شرعية كانت تهدف للإساءة إلى عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية وتهمش دور منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة كممثلين عن الشعب الفلسطيني.

وحتى تكون الدراسة موثقة فقد استند المعهد المتخصص في الأبحاث السياسية وتوجهات الرأي العام من خلال وسائل الإعلام المختلفة، فقد اقتبس أجزاء من المقالات والتحليلات والتصريحات التي نشرتها الصحف والمواقع الإخبارية في المنطقة حول هذه القضية.

من هذه التصريحات تصريحات "مشير المصري" القيادي بحركة حماس لموقع "بلاسطين انفو" والتي نشرت يوم 16 يناير 2009، وطالب فيها عباس ليس فقط بالرحيل عن منظمة التحرير بل والرحيل أيضا عن فلسطين بأكملها، لأنه اسقط الشرعية عن نفسه بعد تخليه عن شعبه وبات كشخص يوافق على الاحتلال والحصار وقتل الفلسطينيين، ورفض الحضور إلى قمة الدوحة التي خصصت للدفاع عن شعبه ومساعدته ووقف الاعتداء عليه، وأضاف مشير أن مشاركة المقاومة المسلحة التي تقاوم العدوان الإسرائيلي في قمة الدوحة انجاز بكل المقاييس ولأول مرة منذ عقود تتم دعوة المقاومة الفلسطينية إلى قمة عربية، وهو ما يعني أن المقاومة لا تحظى فقط بدعم واحترام الشارع العربي والإسلامي، بل وبعض الحكومات والأنظمة الشريفة أيضا.

وحول محاولة بعض الجهات التلميح بصورة سيئة لعلاقات قطر بإسرائيل والولايات المتحدة، وفتح مكتب إسرائيلي للتبادل التجاري على أراضيها، أوردت الدراسة الكثير من الدفاعات عن الموقف القطري، فقد قال دكتور "ياسر أبو شمالة" الناشط في حركة حماس في مقالته التي نشرها موقع "بلاسطين انفو" في 17 يناير 2009، إن على من يدينون قطر بشأن علاقتها بالولايات المتحدة وإسرائيل أن ينظروا إلى أنفسهم أولا ويلوموا أنفسهم على استضافة السفارات وإقامة علاقات كاملة مع العدو الإسرائيلي، وحتى لو أخطأت قطر وفتحت مكتب تبادل تجاري مع إسرائيل فقد كان هذا في الوقت الذي كنا جميعا نسير فيه في عملية السلام، أما الآن وبعد أن أظهرت إسرائيل نواياها الحقيقية وبدأت في الاعتداء على الفلسطينيين وقتلهم بوحشية في قطاع غزة، فقد راجعت قطر مواقفها وقطعت علاقاتها بإسرائيل وطردت ممثليها التجاريين وهذا تصرف يحسب لها، لكن بالنسبة للآخرين ومن يدعون أنهم حريصون على الشعب الفلسطيني فماذا فعلوا للفلسطينيين، إنهم مازالوا يلتقون الإسرائيليين ويصافحونهم ويتوددون إليهم ويقبلون مسؤوليهم وكأنهم يشجعونهم على ما يفعلونه بالفلسطينيين، حتى إخواننا في منظمة التحرير والسلطة يفعلون هذا أيضا ألا يلتقون الإسرائيليين ويصافحونهم ويقبلونهم وأيديهم ملطخة بدماء الأطفال والنساء والأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني ؟!

وطرح أبو شمالة عدة تساؤلات وطالب رموز السلطة بالإجابة عنها، من يقابل أولمرت وأعضاء حكومته في الوقت الذي يحاصرون فيه غزة ويقتلون شعبها جوعا؟ ومن يعقد لقاءات أمنية سرية مع الإسرائيليين وضباط المخابرات والأمن الداخلي الإسرائيلي؟ من يعتقل رجال حماس في الضفة ويعذبهم في السجون؟ ومن منع أعضاء المقاومة من فتح وحاملي السلاح من الانضمام إلى المقاومة في غزة في الوقت الذي كان العالم كله ينتفض من أجل غزة؟!

وتطرقت الدراسة إلى المحاولات القطرية ليحضر عباس قمة الدوحة، وقد اضطرت قطر في النهاية بعد الهجمات الشرسة التي تعرضت إليها من رجال السلطة الفلسطينية أمثال ياسر عبد ربه الذي ادعى أن قطر تخطت الخطوط الحمراء بدعوتها حماس إلى حضور القمة، وكذلك عزام الأحمد زعيم كتلة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني الذي قال إن عدم حضور عباس القمة أفقدها شرعيتها الحقيقية، فمع كل تلك الهجمات اضطرت الدوحة إلى كشف السبب الحقيقي وراء عدم حضور عباس والذي تمثل في الضغوط التي مارستها بعض الدول عليه لإجباره على عدم الذهاب إلى القمة، وهو ما أفضى به عباس إلى رئيس الوزراء معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والذي أخبر عباس بضرورة حضوره للقمة لأنها ستناقش معاناة الشعب الفلسطيني الذي يمثله، وكذلك المشكلات والعقبات التي تقف عقبة في توحيد الصف الفلسطيني.

لكن عباس استمر في رفضه بحجة أن إسرائيل لن تمنحه الإذن لمغادرة رام الله، لكن معالي الشيخ حمد بن جاسم أعلن أنه كان مستعدا للوساطة لمنحه الإذن بالمغادرة إلا أن أبو مازن عاد ليؤكد وجود ضغوط عليه تمنعه من السفر إلى الدوحة.

وأكدت قطر كذب ادعاءات السلطة أنها لم تدع إلى القمة لتكريس الانقسام الفلسطيني، لذلك فهي لم تدع حماس إلى القمة إلا بعد التأكد من غياب أبو مازن حتى لا تمنحه الذريعة لإعلان عدم الحضور، لكن بعد رفضه الحضور كان لابد من وجود تمثيل فلسطيني لأنها قمة في الأساس لمساعدة فلسطين فكان لابد من إيجاد ممثل عن الفلسطينيين فكانت حماس وفصائل المقاومة.

واستشهدت الدراسة بما قاله سمو الأمير أثناء القمة وتناقلته جميع وسائل الإعلام العالمية والمحلية ومنها صحيفة الشرق القطرية حول غياب الرئيس، حيث قال سمو الأمير: "كنا نود أن يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس معنا اليوم لمناقشة المشكلات التي يواجهها شعبه في غزة، لكنه فضل عدم الحضور، فإذا كنا لن نجتمع في مثل هذا الوقت الحرج، فلماذا ومتى سنجتمع؟!"

وأكد بعض الكتاب والمحللين في الصحف القطرية أن غياب عباس عن قمة الدوحة كان أكبر خطأ استراتيجي ارتكبته القيادات الفلسطينية منذ تأييدها لغزو العراق للكويت عام 1990، فكيف يمكن لقيادة أن ترفض حضور قمة خصصت لمناقشة معاناة شعبها والعدوان الواقع عليه، وكيف لقائد يرى بلده يدمر وشعبه يقتل ويقف متفرجا ؟!

وقد اعترضت السلطة الفلسطينية على الإعلان القطري وأعلنت أن كلام أبو مازن قد تم تحريفه وأنه لم يقل إنه يتعرض لضغوط خارجية لمنعه من الذهاب إلى الدوحة، كما أعلن بعضهم أنه سيتم الإفراج عن تسجيلات للحوار الحقيقي الذي دار بين عباس ومعالي الشيخ حمد بن جاسم لكشف الحقائق إلا أن هذا الأمر لم يحدث ولم يتم الإفراج عن التسجيلات حتى الآن.