خبر محللان : التهديدات الإسرائيلية ضد غزة مجرد دعاية للاستهلاك الانتخابي

الساعة 04:54 ص|08 فبراير 2009

فلسطين اليوم - وكالات

مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية، فإن أياماً قليلة تفصلنا عن معرفة رئيس وزراء (إسرائيل) الجديد، الذي سيجد بمجرد تسلمه دفة الحكم، مشكلة صعبة للغاية، يزداد تشابك خيوطها كل يوم، وهي "الوضع القائم في غزة".

 

فالوضع هناك كما لخصه أحد الخبراء (الإسرائيليين) هو أن غزة صارت "إمارة إسلامية" في خاصرة (إسرائيل) الجنوبية، بتمويل إيراني – سوري، وأنها أصبحت تشكل معضلة خطيرة بالنسبة لصانعي القرار في (إسرائيل) "، ما يعني أنها أضحت في نظر قادة الاحتلال، الصداع الدائم الذي يجب التخلص منه وبأسرع وقت ممكن. كيف سيواجه رئيس الوزراء (الإسرائيلي) القادم الوضع في قطاع غزة؟ وما حقيقة التهديدات الحالية التي يطلقها رؤساء الوزراء المرشحون ضد غزة بين الفينة والأخرى؟

 

لكي تجيب على هذه الأسئلة، حاورت "فلسطين" خبيرين في الشئون الإسرائيلية، وكان هذا التقرير:

 

ثلاثة عوامل

 

المحلل السياسي، وديع أبو نصار، رأى أن الحكومة (الإسرائيلية) المقبلة سواء أكان انتماؤها لليمين أو الوسط، فإنها ستواجه وضعاً معقداً ومتشابكاً في المنطقة بأسرها.

 

ويوضح ذلك بقوله: " لن يكون الملف الفلسطيني الملف الوحيد الذي سيكون على طاولة رئيس الوزراء (الإسرائيلي) المرتقب، حيث إنه سيواجه مع طاقم حكومته وضعاً شديد التعقيد في ملفات عدة، من بينها اشتعال الأمور في لبنان، الذي يعاني منذ مدة ليست بالبسيطة وضعاً مقلقا للغاية، بالنسبة للأمن (الإسرائيلي). وهناك أيضاً مستقبل المفاوضات السورية (الإسرائيلية) المشتركة. وكذلك أيضاً مشكلة الخلاف السياسي التركي مع (إسرائيل)، والذي ظهر مؤخراً".

 

وفيما يخص التعامل مع قطاع غزة، يلخص أبو نصار الموقف بالقول: " أعتقد أن تعامل الإدارة (الإسرائيلية) القادمة مع غزة سيكون متعلقاً بثلاثة عوامل رئيسية: العامل الأول هو العامل الفلسطيني، والذي ينقسم إلى شقين، أولهما أمني يمكن تلخيصه في سؤالين: هل ستقوم  حكومة حماس بغزة بعقد تهدئة مع (إسرائيل)؟ وهل سيتوقف إطلاق الصواريخ والعمليات العسكرية ضد (الإسرائيليين) من القطاع؟ إن إجابات هذه الأسئلة هي ما سيحدد طريقة تعامل (الإسرائيليين) مع الوضع القائم في غزة".

 

ضوء أخضر أمريكي

 

ويضيف أبو نصار إن الشق الثاني هو الشق السياسي، حيث إن نتائج محادثات الوحدة الوطنية، وحوارات التفاهم بين حركتي "فتح" و"حماس"، وكيفية تعامل "حماس" سياسياً مع (إسرائيل)، سيساهم في وضع الخطوط العامة للسياسة (الإسرائيلية) المقبلة تجاه حركة "حماس" وحكومتها بغزة.

 

وتابع قائلاً: " أما العامل الثاني، فهو تركيب الحكومة (الإسرائيلية) ذاتها، إذ إن تعاملها مع الملف الغزي عندما تتكون من تحالف أحزاب اليمين والوسط (الإسرائيلية)، سيختلف في حال ما إذا كان تركيبها من أحزاب اليمين المتطرف (الإسرائيلي)، لأن الأخيرة ستوجه رداً قاسياً ضد غزة، حال إطلاق صورايخ منها تجاه –المغتصبات- الإسرائيلية".

 

أما العامل الثالث والأخير، وهو هام جداً حسب رأي أبو نصار، هو الدور الأمريكي المرتقب في المنطقة، خاصة فيما يخص عملية التسوية الفلسطينية – (الإسرائيلية) المرتقبة، خاصة وأن (إسرائيل) لا تستطيع أن توجه أي ضربة لغزة دون تلقي ضوء أخضر أمريكي يسمح لها بذلك، وهذا شيء مهم جداً بالنسبة للقادة (الإسرائيليين) لتنفيذ مخطط حرب جديدة على غزة.

 

دعايات انتخابية

 

وحول وعود مرشح حزب الليكود لتولي رئاسة الحكومة (الإسرائيلية)، بنيامين نتنياهو، لناخبيه بالقضاء على حكومة "حماس" بغزة، يوضح أبو نصار: " بحسب ما أرى، فإن تعهد نتنياهو بالقضاء على حركة حماس بغزة لا يتجاوز كونه مجرد دعاية للاستهلاك الانتخابي، وفي حال صعود نتنياهو إلى سدة الحكم في (إسرائيل)، فإنني أتوقع أنه لن يقوم بذلك".

 

المراقب للشئون (الإسرائيلية)، عامر خليل، يتفق مع أبو نصار، حول أن تعهدات نتنياهو بالنسبة لاجتياح غزة تتعلق بدعاية انتخابية، أكثر من كونها سياسة سيلتزم بها في حال فوزه، خاصة وأن أغلب مرشحي الانتخابات (الإسرائيلية) يتبارون في إبداء المواقف المتطرفة تجاه غزة.

 

كما يقول خليل أن مسألة موقف الساسة (الإسرائيليين) من غزة لا تخضع لشخصية رئيس الوزراء (الإسرائيلي) القادم، لأن السياسات (الإسرائيلية) العامة تصيغها المؤسستان السياسية والأمنية بـ(إسرائيل)، وهي سياسات ترتبط بتوازنات القوى في الساحتين الإقليمية، والدولية.

 

ومن وجهة نظر خليل، فإن التعامل مع غزة مرتبط بتطورات على عدة أصعدة، حيث يشرح ذلك، فيقول: "إن التطورات المحتملة القادمة، كقيام التهدئة، وصفقة تبادل الأسرى، قد يؤدي إلى عودة الهدوء لعام أو عامين، وبالتالي لن يكون هنالك عدوان عسكري تجاه غزة، حتى في حال تشكيل نتنياهو لحكومة جديدة. بل ربما يتم توقيع اتفاق التهدئة قبل تشكيل الحكومة (الإسرائيلية) الجديدة، مما سيعني انفراجاً في الوضع القائم، فتحاً كاملاً لجميع معابر القطاع".

 

حرب أخرى على غزة؟

 

ولكن، برغم كل شيء: هل من الممكن أن تقوم (إسرائيل) بشن حرب أخرى على غزة؟ يجيب خليل عن هذا السؤال، مستقياً إجابته من وجهات النظر التي يتم طرحها في وسائل الإعلام (الإسرائيلية): "وسائل الإعلام في (إسرائيل)  تقول أنه ليس من مصلحة الأخيرة أن تشن حرباً جديدة على غزة، مبررة ذلك بأنه قد يتسبب بإثارة المزيد من المواقف الإقليمية، والدولية ضدها.

 

كما أن الموقف الإقليمي والدولي لا يسمح لـ(إسرائيل) بتكرار تجربة حرب جديدة من هذا النوع، نظراً لردة الفعل العالمية التي كانت بعد الحرب على غزة، والصورة البشعة لضحايا الحرب المدنيين من نساء وأطفال، مما جعلها تخسر التأييد والتعاطف العالمي الذي كانت تحظى به".

وختم خليل حديثه بالقول إنه في حال فشل التوصل إلى اتفاق تهدئة مع حركة "حماس"، فإنه يتوقع أن يحافظ نتنياهو على سياسة سلفه أولمرت، كالإبقاء على الحصار المفروض على غزة، وإغلاق المعابر، مع إدخال كميات مقننة من المواد الغذائية والوقود لسكان القطاع.