خبر صعود المتطرفين يضع عرب إسرائيل أمام رهان التصويت « لمنع التمييز »

الساعة 07:49 ص|07 فبراير 2009

فلسطين اليوم -  وكالات

ينهمك شبان على الطريق السريع قرب مفرق الناصرة, كبرى مدن الجليل, بتعليق لافتة عبرية تقول "لا ولاء, لا مواطنة", شعار حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف الداعي لعدم منح عرب إسرائيل حقوقا مساوية إن لم يعلنوا ولاءهم للدولة "الصهيونية اليهودية".

 

"لم تمض بضع سنوات على وصول المهاجرين الروس إلى هنا، وها هم يريدون طردنا من أرضنا", تقول فلسطينية شابة من حيفا, معبّرة عن غضبها إزاء خطاب رئيس "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الذي يحظى بتأييد نصف المهاجرين الروس.

 

وتتوقع استطلاعات الرأي أن يأتي الحزب ثالثا بعد الليكود اليميني وكاديما الوسطي, في الانتخابات التشريعية المقررة الثلاثاء المقبل، في العاشر من فبراير/شباط 2009. وبقدر ما يثير صعود اليمين المتطرف قلقا من تعزيز التمييز إزاء نحو 1.2 مليون عربي يمثلون 20% من سكان إسرائيل, فإنه يخشى أن يعمق اليأس الذي خلفته الحرب على غزة لديهم، فيحجمون عن التصويت, الأمر الذي يهدد بتراجع تمثيل الأحزاب العربية في الكنيست (9 نواب من أصل 120 مقعدا).

 

 

ويرى أنطون شلحت, الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) أن "التخوف من تراجع التمثيل قائم ومرهون بنسبة المشاركة, إذا ارتفعت عند اليهود وانخفضت عند العرب". وبلغت نسبة المشاركة العامة 63% في انتخابات 2006, و55% بين العرب. ويضيف أن "الحرب على غزة أشاعت اليأس بين المواطنين العرب لعدم قدرتهم على التأثير على قرارات الحكومة ونشطت الدعوة لمقاطعة الانتخابات. نأمل أن تدفع حملة التحريض غير المسبوقة من اليمين المتطرف والمركزة على العرب المزيد منهم إلى التصويت".

 

ويؤكد شلحت، المقيم في عكا (شمال)، أن "العداء للعرب ليس عنصرا مستجدا في الخطاب الإسرائيلي. الفارق أن "ليبرمان صعد العداء إلى مستوى البرنامج السياسي، بينما الأحزاب الأخرى كانت تترجمه في سياساتها". ويضيف "هناك خطر على وجود العرب في ظل أي حكومة مقبلة. ونحن نتوقع تشديد القيود بحقنا سواء في استمرار الملاحقات السياسية على خلفية أمنية أو تشديد التمييز، خصوصا في الخدمات, وعودة سياسة هدم البيوت والمضايقات بشأن امتلاك الأراضي".

 

بينما يعتبر جمال زحالقة, الذي يتزعم قائمة "حزب التجمع الديمقراطي" (3 نواب) أن "عدم التصويت هو بالضبط ما يريده ليبرمان الذي يريد إخراجنا من الكنيست. نريد أن نرفع نسبة المشاركة وألا يصوت الناس للأحزاب الصهيونية بعد ما ارتكبته من جرائم بشعة بحق شعبنا في غزة". وتذهب أصوات 30% من العرب عادة إلى أحزاب إسرائيلية ارتباطا بمصالح وخدمات.

 

ويركز ليبرمان هجومه على العرب ويتهمهم بمساندة الإرهاب لرفضهم الحرب على غزة, وبعدم الولاء لدولة إسرائيل اليهودية. ويرد زحالقة بقوله "إنهم يطالبوننا بالولاء. الولاء لمن؟ لدولة قامت على أنقاض شعبنا؟ نحن هنا منذ ما قبل قيام إسرائيل ولسنا مهاجرين, بل أهل البلاد الأصليين". ويضيف "أن أهم مبادئ الديمقراطية هي المساواة بين المواطنين, ونحن نعاني من العنصرية وخطابنا الديمقراطي يغضبهم. هم يرون فينا تهديدا لأننا نطالب بمعاملتنا كأقلية قومية، ونطالب بدولة المواطنين في حين يريدون هم دولة لليهود".

 

كذلك، تذهب قائمة "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" (3 نواب) في الاتجاه نفسه. ويقول محمد بركة، رئيس القائمة التي تضم مرشحين عربا ويهودا، لوكالة فرانس برس، الجمعة 6-2-2009، "شعارنا هو أدلوا بأصواتكم، ولكن إياكم أن تصوتوا للأحزاب الصهيونية لأنها تشكل امتدادا لليمين الفاشي".

 

ويقول حسين السويطي, المحرر المسؤول لموقع صحيفة "الصنارة" الإلكتروني في الناصرة, إن "نشاط الأحزاب الصهيونية انخفض كثيرا بين العرب. لم يأت (زعيم حزب العمل إيهود) باراك لزيارة مدن عربية في إطار الحملة، كما كان يفعل سابقا, ولا أي من وزراء الحزب. وبالمثل انحسرت شعبية كاديما والليكود بسبب الحرب على غزة".

 

ولكنه لا يبدي تفاؤلا في زيادة أصوات الأحزاب العربية؛ لأن "الاشمئزاز من الحرب وهجوم اليمين المتطرف يدفعان باتجاه عدم المشاركة, في حين استفاد اليمين الإسرائيلي من الحرب لتعبئة مؤيديه".

 

تبدّل المزاج

 

ويعبّر أبو محمد, وهو صاحب متجر للألبسة في مدينة باقة الغربية في منطقة المثلث, عن حالة الاستياء بقوله، إنه لن يدلي بصوته. لكن أم شادي التي كانت تتبضع من متجره أكدت مشاركتها "لأن ذلك سيكون مفيدا للعرب".

 

بالمثل قال هاني -34 عاما- "كل الشباب إجمالا مشجعون على التصويت. اختلف الوضع خلال الأيام الماضية, نحن مصممون على الإدلاء بأصواتنا لنعطي مجالا أكبر للعرب".

 

وتعبيرا عن تبدل مزاج الناخب العربي, قال خالد -21 عاما- "لم أكن أهتم سابقا بالانتخابات, لكني هذه المرة سأنتخب جكارة (نكاية) بليبرمان".

 

ويشير الناشط السياسي السابق سامي الحاج، وهو من مواطني الناصرة إلى القلق في الأوساط العربية, مؤكدا أن خطاب الأحزاب الإسرائيلية المتشدد يذهب أبعد من الانتخابات لأنه يهدد "ليس فقط صورة إسرائيل الديمقراطية في محيط من القمع العربي, كما روجت إسرائيل دائما, وإنما كذلك السلم الاجتماعي في الداخل".

 

ويقول إن تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر 2000 المؤيدة للانتفاضة والتي قتل خلالها 13 عربيا برصاص الشرطة الإسرائيلية داخل إسرائيل, "هزت البلاد, رغم أنها كانت عفوية. أما اليوم فالناس خائفون من مواجهات تالية (..) صعود الخطاب الفاشي يدفع إلى التطرف، والإنسان البسيط لا يقتنع بأن بين الإسرائيليين معتدلين ومسالمين".

 

ويضيف "في السابق كان الحديث عن الترانسفير (طرد العرب) منبوذا ويثير الخجل بين الإسرائيليين, أما اليوم فهو لا يلقى معارضة لا من الجامعيين ولا من اليسار واليمين, لا بل إن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني تبنته عندما قالت لفلسطينيي الداخل إن عليهم أن يعبّروا عن تطلعاتهم القومية في مكان آخر".