خبر محلل :« عودة كابوس نتنياهو » ودعوته إلى إعادة احتلال غزة و"تصفية حكومتها المنتخبة

الساعة 07:31 ص|07 فبراير 2009

فلسطين اليوم- وكالات

تحت عنوان "كابوس نتنياهو يعود" كتب المعلق في صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية يوهان هاري منتقداً رئيس حزب ليكود بنيامين نتنياهو بسبب دعوته خلتال حملة الانتخابات الاسرائيلية الى اعادة احتلال قطاع غزة و"تصفية" حكومة "حماس" المنتخبة الموجودة هناك. كما ينتقد هاري المرشح المتطرف في الانتخابات رئيس حزي "اسرائيل بيتينو" (اسرائيل بيتنا) افيغدور ليبرمان الذي ينادي بالتعامل مع الاحزاب السياسية العربية الموجودة في اسرائيل كالتعامل مع "حماس".

وفي ما يأتي نص التعليق: "توشك اسرائيل على ارتكاب اساءة تقدير بنفس المقدار من الكارثية – والدموية – مثل الهجوم على غزة. وخلال بضعة ايام، يبدو من الممكن انها ستنتخب بنيامين نتانياهو رئيسا للوزراء مرة اخرى. انه رجل يدعو الى اعادة ااحتلال قطاع غزة بالعنف "لتصفية" حكومتها المنتخبة. انه رجل يقوم انه "سينمّي بشكل طبيعي" مستوطنات الضفة الغربية. انه رجل يقول انه لن يتفاوض "ابدا" حول القدس او هضبة الجولان او السيطرة على الموارد المائية في الضفة الغربية.

 

انه رجل يقول ان اقامة دولة فلسطينية ستترك اسرائيل في مواجهة "تهديد وجودي وكابوس علاقات عامة يذكّر بتشيكوسلوفاكيا في العام 1938". انه رجل قالت أرملة اسحق رابين انه ساعد في ايجاد مناخ الكراهية الذي ادى الى اغتياله. والمستفيدون السياسيون من عملية "الرصاص المسكوب" كانوا اليمين الاسرائيلي المتشدد. وقد ارتفعت ارقام الاستطلاعات لحزب "ليكود" الذي يتزعمه نتانياهو وحتى لأفيغدور ليبرمان الأكثر تطرفا. وهم يقولون ان المشكلة الوحيدة في القصف الذي استمر 23 يوما لغزة – وادى الى مقتل 410 اطفال وزاد بشكل هائل من التأييد لحركة "حماس" – هو انه لم يذهب بعيدا بما يكفي. والعالم بحاجة الى ان ينظر بشكل عاجل الى هؤلاء الأفراد – وأن يسأل كيف تم ذلك.

 

ان المفتاح لفهم نتانياهو يكمن في والده، بنتسيون. وهو عالم مرموق لتاريخ العصور الوسطى يؤمن ان العالم موبوء بشكل ابدي بعداء للسامية وميل للابادة الجماعية يتعذر استئصاله. وعندما وصل الى فلسطين في زمن الانتداب البريطاني، اعلن ان غالبية اليهود هناك كانوا سذجا ومثاليين. وان عليهم الاستيلاء فورا على كل ارض اسرائيل التوراتية – بالسيطرة على الضفة الغربية والامتداد يمينا الى ما هو الاردن اليوم. وقال انه لا ينبغي ان يكون هناك اي تنازل على الاطلاق مع العرب، الذين يفهمون فقط لغة القوة. والرجل الذي يعتبره مرشده، آبا اخيمئير، كان قد وصف نفسهمتفاخراً بأنه "فاشي". واليوم، فان نجل بنتسيون يقارن بشكل روتيني التعامل مع الفلسطينيين بالتعامل مع النازيين. ويمكنه فقط ان يفهم غضبهم على انه عودة لظهور الكراهية الأوروبية غير العقلانية والقاتلة. وهو يصر على ان ليس لهم اي حق في تقاسم الأرض لأنهم "سرقوها" عام 636 ميلادية. وبناء على ذلك، يتفّه نتانياهو كل مبادرة سلام تعرضها اسرائيل. وتكشف ردة فعل نتانياهو على قرار اسحق رابين توقيع اتفاقيات اوسلو الخفيفة والمعتدلة عن عمق معارضته للتسويات. وتحدث بحرارة امام حشود هتفت "رابين نازي" و"بالدم والنار، سينتهي رابين". ووصف رئيس الوزراء السابق بـ"الخائن"، قبل وقت قصير من تعرض رابين للاغتيال على يد اصولي يهودي يوافقه الرأي.

 

الشخص الآخر الذي تقدم في الاستطلاعات – ومن المرجح ان يكون شريك نتانياهو الائتلافي – هو افيغدور ليبرمان، وهو روسي كان في الماضي حارساً لملهى ليلي، يقول ان النموذج للتعامل مع الفلسطينيين يجب ان يكون قصف فلاديمير بوتين للشيشان عام 1990 الذي ادى الى مقتل ثلث عدد السكان الاجمالي. وهو يريد تجريم الاحزاب السياسية التي ينتخبها العرب في اسرائيل، ويؤكد وجوب التعامل معهم " مثل حماس".

 

ولعل الأكثر اثارة للاكتئاب من صعودهم هو شكل الرد المسطح من الاحزاب الاخرى. فحزبا "كاديما" و"العمل" كلاهما يدافعان بقوة عن حصار غزة وقصفها، لأسباب ليس اقلها ان زعيمي الحزبين- تسيبي ليفني وايهود باراك - قادا الهجوم في الحكومة. وحتى باراك التقط هذه المقارنة المتعلقة ببوتين وبدأ يقتبس اقوال قيصرروسيا الجديد موحياً باتفاقه معها. أما الأحزاب الشجاعة المؤيدة للسلام مثل "ميرتس" فقد وضعت على هامش النقاش.

 

كيف حدث هذا؟ من الضروري تذكر ان الاسرائيليين لم ينته بهم المطاف في الشرق الأوسط بسبب رغبة شريرة في الاستعمار والقتل، مثلما يدعي بعض الأشخاص حاليا. انهم هناك لأنهم فروا من كراهية لليهود تنطوي على رغبة في ابادتهم جماعياً. ان هذا لا يبرر جريمة واحدة ضد اي فلسطيني- ولكن اذا نسينا ذلك، والصدمة الهائلة التي تكمن وراءه، فلن نستطيع ان نفهم ما الذي يحدث الآن.

 

خلال الاشهر القليلة الماضية اجدني اكرر العودة الى مقال متميز كتبه الروائي الاسرائيلي العظيم عاموس عوز في العام 1982.

 

يومها شبه رئيس الوزراء الليكودي مناحيم بيغن القيادة الفلسطينية بأدولف هتلر، فكتب عوز (مخاطبا بيغن): "انك تظهر حاجة ملحة لاعادة احياء هتلر كي تتمكن من القيام بقتله في شكل يومي. انني، كالكثير من اليهود، اشعر بالاسف لعدم تمكني من قتل هتلر بيدي الأعزلتين. ولكن هذا لن يبلسم الجرح المفتوح، لا الان ولا في اي وقت. ان عشرات الالاف من القتلى العرب لن يتمكنوا من شفاء ذلك الجرح. وذلك، يا سيد مناحيم بيغن لأن ادولف هتلر قد مات، ولا يختبىء في النبطية، او صيدا، او بيروت. فهو ميت واحرق حتى تحول رماداً".

 

المجتمع الاسرائيلي يتألف، بحسب عوز "من مجموعة من الناجين واللاجئين نصف الهستيريين، فالصدمة التي يبلغ عمرها 2000 عام، والتي تتألف من تكلفة الدم ومن محاكم التفتيش ومن اوشفيتز وكليمنو وارخبيل الغولاغ انتجت رؤية مشوهة، ما يجعل اية صرخة الم موجهة الى اسرائيل تبدو وكأنها بدايات أصوات جماهير نورمبيرغ".

 

هذا يعني ان اسرائيل تفوت فرصا للسلام. ان حتى معظم "حماس" - وهو حزب اسلامي اعارضه بشدة - يوافق على وقف طويل لاطلاق النار على حدود العام 1967. وهذا ليس رأيي الشخصي، هذا رأي يوفال ديسكين، الرئيس الحالي لجهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي "شين بيت". اذ قام بابلاغ الحكومة الاسرائيلية قبيل قصف غزة، ان "حماس" ستجدد وقف اطلاق النار ان انهت اسرائيل حصار القطاع، واعلنت وقفاً لاطلاق النار في الضفة الغربية. عوضا عن ذلك قاموا (الاسرائيليون) بالقصف، ومات هذا العرض.

 

ويقول الرئيس السابق لـ "موساد" افريم هاليفي ان على "حماس" "ان تعتمد طريقا اخر يقودها بعيدا عن اهدافها الاصلية" ان بدأت اسرائيل الير على درب الحلوا الوسط. ان من شأن ذلك ان يؤدي الى انحسار التأييد للرافضين امثال اسامة بن لادن ومحمود احمدي نجاد، وسيجعل من الاسهل بناء تحالفات دولية.

 

ولكن الكثير من الاسرائيليين - الذين لا يزالون اسرى لتاريخهم - يبدون مصممين على اختيار الطريق المعاكس: طريق نتنياهو وليبرمان الذي يدوس بحذاء اقصاء لا نهاية له على رقاب الفلسطينيين.

 

ليس من الضروري ان تكون الأمور على ما هي عليه.

 

كل ما نستطيع قوله لهم، مع عاموس عوز، وفي شكل عاجل: ادولف هتلر لا يختبىء في مدينة غزة، ولا في بيت حانون، ولا في الخليل... ادولف هتلر قد مات".