إسرائيل والحرب الإلكترونية.. بقلم : محمود محارب

الساعة 12:37 م|10 أكتوبر 2019

فلسطين اليوم

 بقلم : محمود محارب

العنوان: حرب الفضاء الالكتروني - تحديات على الصعيد العالمي والسياسي والتكنولوجي

المؤلف: شموئيل ايفن ودافيد بن سيمان

الناشر: معهد دراسات الأمن القومي -إسرائيل

الفضاء الالكتروني ..مصطلح حديث، ظهر في العقود الأخيرة نتيجة لثورة تكنولوجيا المعلومات. ويشمل الفضاء الالكتروني، في ما يشمل، جميع الحواسيب والمعلومات التي بداخلها والأنظمة والبرامج والشبكات المفتوحة لاستعمال الجمهور العام أو تلك الشبكات التي صممت لاستعمال فئة محددة من المستعملين ومنفصلة عن شبكة الإنترنت العامة.  

وقد تعاظم في الفترة الأخيرة اهتمام مراكز الأبحاث والنخب في إسرائيل بموضوع الحرب في الفضاء الالكتروني. ونظم معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في التاسع من حزيران/ يونيو 2011، يوماً دراسياً تناول هذا الموضوع، وتحت عنوان "حرب الفضاء الالكتروني - تحديات على الصعيد العالمي والسياسي والتكنولوجي". وافتتح اليوم الدراسي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وتحدث فيه نخبة من الباحثين والمختصين الإسرائيليين، الذين أكدوا على أهمية الحرب في الفضاء الالكتروني بالنسبة لأمن إسرائيل. وشدد بنيامين نتنياهو في مداخلته على أهمية وحيوية هذا الموضوع بالنسبة لإسرائيل، وأكد على ضرورة أن تصبح إسرائيل دولة عظمى في مجال حرب الفضاء الالكتروني، وأن تكون فاعلاً هاماً على الصعيد العالمي في هذا المضمار[2]. كما ناقشت "لجنة العلم" التابعة للكنيست في الرابع من تموز/ يوليو 2011 موضوع الحرب في الفضاء الالكتروني، واستمعت إلى الخبراء والمختصين في هذا المجال.

 وأشار الجنرال البروفيسور يتسحاق بن يسرائيل، رئيس "المجلس الوطني للبحث والتطوير" أمام "لجنة العلم"، إلى وجود فجوة في إسرائيل بين الاحتياطات الدفاعية عن البنى التحتية الأمنية وبين الدفاع عن بنى تحتية مدنية حساسة وهامة ضد هجمات في الفضاء الالكتروني. وأضاف أن الهجمات في الفضاء الالكتروني تحدث يومياً وأنها ليست جزءا من الخيال العلمي بل هي حقيقة واقعة. واستطرد قائلا: "جزء من هذه الهجمات يسبب ازعاجاً، بينما قد يلحق الجزء الآخر من هذه الهجمات أضراراً جسيمة. فهناك الكثير من البرامج والأنظمة المتطورة التي يمكن استعمالها في الفضاء الالكتروني التي قد تشل وتعطل عمل مرافق الدولة الأساسية مثل: البورصة والبنوك والكهرباء والمواصلات والاتصالات، والناس لا يدركون عمق الخطر".

وأشار يتسحاق بن يسرائيل إلى أن أحد أهداف إقامة "هيئة السايبر الوطنية" في إسرائيل، التي أعلن عن تأسيسها في أيار/ مايو 2011، هو إنشاء "الحاسوب المتطور" في إحدى الجامعات بإسرائيل، إذ لا تملك إسرائيل مثل هذا الحاسوب، ويحظر بيعه إليها، لعدم توقيعها على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. أما رئيس "لجنة العلم" التابعة للكنيست، مئير شطريت، فقال في سياق تشديده على موضوع تأمين الفضاء الالكتروني، إنه بالإمكان التسبب في انهيار إسرائيل من دون دبابات وطائرات، وإنما بواسطة حرب الفضاء الالكتروني[3]. 

وفي سياق هذا الاهتمام الإسرائيلي بحرب الفضاء الالكتروني صدر باللغة العبرية، في حزيران/ يونيو 2011، عن معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، كتاب "حرب الفضاء الالكتروني: اتجاهات وتأثيرات على إسرائيل"، للباحثين شموئيل ايفن ودافيد بن سيمان- طوف، العاملين في معهد أبحاث الأمن القومي. ويضم الكتاب مقدمة وأربعة فصول وخاتمة وملحقين، بما مجموعه تسعين من الصفحات. وأشار المؤلفان إلى أن الفضاء الالكتروني بات مجال قتال جديد، وانضم بذلك إلى مجالات القتال الأخرى، في اليابسة والبحر والجو والفضاء. فالدول المتطورة وجيوشها تزيد من نشاطاتها وأبحاثها في الفضاء الالكتروني الذي أصبح يشكل بالنسبة لها مصدر قوة عظيمة، ولكنه في الوقت نفسه يكشف خاصرتها الضعيفة، لأن البنى التحتية التي تقوم عليها الدول الحديثة مثل الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات والبورصة والبنوك تعتمد في عملها على الفضاء الالكتروني. وكذلك شبكات القيادة والسيطرة والتحكم العسكرية ومختلف أنواع التكنولوجيا المتطورة في ساحات القتال؛ مثل: أنظمة جمع المعلومات، واستعمال الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار في الحرب؛ كلها تعتمد على الفضاء الالكتروني.

ونوه المؤلفان إلى ميزات الفضاء الالكتروني كمجال قتال، وأبرزها التمكن من العمل بسرعة واحد من الألف من الثانية، ضد أعداء يبعدون آلاف الأميال من دون تعرض المهاجمين أو المقاتلين للأخطار.

والميزات التي يتمتع بها الفضاء الالكتروني تجعله جذاباً للاستعمال في القتال خلال الحرب، إلى جانب الأسلحة التقليدية، مثلما فعلت روسيا، كما يقول المؤلفان، في حربها ضد جورجيا في سنة 2008. ويمكن أيضا استخدامه أثناء الحرب ضد أهداف استراتيجية، مثل الهجوم الذي تعرض له المفاعل النووي الإيراني في سنة 2009، حيث اعتبر المؤلفان أن هذا الهجوم (الذي قامت به إسرائيل وفق العديد من المصادر الإعلامية) كان حدثا تأسيسياً في مجال حرب الفضاء الالكتروني، وشكل مرحلة جديدة في تطور استعمال الفضاء الالكتروني في مجال القتال.

واعتبر المؤلفان أن استعمال الفضاء الالكتروني في القتال وعمليات التطوير والاستعدادات التي قامت بها دول عديدة، يؤكد أن سباق التسلح في مجال الفضاء الالكتروني قد بدأ. ويشيران إلى أن العديد من الدول أقامت في السنوات الأخيرة مؤسسات وهيئات مختلفة ومختصة باستعمال الفضاء الالكتروني كمجال قتال، وطورت استراتيجيات أمنية في الفضاء الالكتروني.  

وبدأ المؤلفان الفصل الأول الذي جاء تحت عنوان "الفضاء الالكتروني والمجال الأمني - إطار مصطلحي"، بتعريف وشرح المصطلحات المتعلقة بموضوع الفضاء الالكتروني. ثم عالجا في هذا الفصل المواضيع التالية: ميزات الفضاء الالكتروني كمجال للحرب، الفضاء الالكتروني - مصطلحات أمنية تقليدية مع مضمون جديد، البيئة الاستراتيجية للفضاء الالكتروني، التجسس والحرب الالكترونية الرخوة، وحرب الفضاء الالكتروني.

وحمل الفصل الثاني عنوان "عمليات هجومية وعوامل كابحة في الفضاء الالكتروني"، وشمل المواضيع التالية: عمليات هجومية بارزة في الفضاء الالكتروني، العوامل التي قادت إلى زيادة المعرفة في الفضاء الالكتروني، استعمال الفضاء الالكتروني لأغراض الحرب - العوامل الكابحة، الإرهاب في الفضاء الالكتروني، ميثاق دولي لتنظيم النشاط في الفضاء الالكتروني، وتلخيص للعوامل المشجعة والعوامل الكابحة لاستعمال سلاح حرب الفضاء الالكتروني في الصراعات بين الدول.

وعالج الفصل الثالث الذي جاء تحت عنوان "نظرة إلى ما وراء البحر - استعداد دول لتحدي الفضاء الالكتروني"، استعدادات العديد من الدول الهامة واستراتيجياتها والمؤسسات التي أقامتها من أجل ضمان أمنها أمام المخاطر الكامنة في الفضاء الالكتروني، وهذه الدول هي: الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين.

عالج الباحثان في الفصل الرابع أهمية وحيوية الفضاء الالكتروني لإسرائيل والتدابير المؤسساتية التي اتخذتها إسرائيل لحماية فضائها الالكتروني. وقدما اقتراحا حول الاستراتيجية التي ينبغي على إسرائيل اتباعها للدفاع عن فضائها الالكتروني. كما عالجا كيفية دمج الفضاء الالكتروني باستراتيجية الأمن الإسرائيلي.

وأشار المؤلفان إلى أن إسرائيل باتت دولة "محوسبة" تعتمد مؤسساتها الحكومية ومختلف المرافق والشركات فيها على شبكة الإنترنت. كما تتم الكثير من معاملات المواطنين فيها مع مؤسسات الدولة والمرافق المختلفة في الدولة بوساطة شبكة الإنترنت. وأكد الباحثان أن تكنولوجيا المعلومات تساهم مساهمة مباشرة وغير مباشرة في نمو الاقتصاد الإسرائيلي، إذ تعتبر إسرائيل من ضمن مجموعة الدول العديدة المتقدمة في تطوير تكنولوجيا المعلومات. وقد بلغ حجم اقتصاد الإنترنت في إسرائيل في سنة 2009 خمسين مليار شيكل (الدولار يساوي ثلاثة شيكل ونصف)، وهو ما يعادل 6.5 في المئة من مجمل الانتاج المحلي الإسرائيلي. ومن المتوقع أن يبلغ اقتصاد الإنترنت في إسرائيل في سنة 2015 خمسة وثمانين مليار شيكل، وهو ما سيعادل 8.5 في المئة من مجمل الإنتاج المحلي الإسرائيلي.

تدابير إسرائيل للدفاع عن فضائها الإلكتروني

ذكر المؤلفان أن إسرائيل اتخذت مجموعة من التدابير خلال العقد ونصف العقد الأخيرين من أجل حماية الفضاء الالكتروني والدفاع عنه، وأهم هذه التدابير:

أولاً: البنية التحتية الحكومية لعصر الإنترنت

أقامت إسرائيل في سنة 1997 مشروع "بنية الحكومة التحتية لعصر الإنترنت" في داخل وزارة المالية الإسرائيلية. وحدد هدف هذا المشروع في حماية وتأمين استعمال الإنترنت في الوزارات والمؤسسات الحكومية. وأقيم داخل هذا المشروع "مركز حماية المعلومات لحكومة إسرائيل" وأنيطت به مهام متابعة تطور وسائل حماية المعلومات في العالم والتنسيق بين الوزارات والمؤسسات الحكومية من أجل إيجاد حلول لمشاكل حماية المعلومات وكذلك إجراء أبحاث حول هذا الموضوع.

ثانياً: السلطة الرسمية لحماية المعلومات

أنشئت في سنة 2002 "السلطة الرسمية لحماية المعلومات"، في داخل جهاز المخابرات العامة (الشاباك). وأنيط بهذه السلطة مهام حماية البنى التحتية للحواسيب الهامة والحيوية في إسرائيل من مخاطر ما أطلق عليه "تهديدات إرهابية" و"عمليات تخريب" ونشاطات تجسسية. وأشار المؤلفان إلى وجود لجنة تابعة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والتي تقع من بين صلاحياتها السماح لـ"السلطة الرسمية لحماية المعلومات" التابعة لجهاز المخابرات العامة (الشاباك) بتوسيع قائمة المؤسسات التي تقوم بمراقبتها بغرض حماية المعلومات فيها. وذكر المؤلفان أن عمل "السلطة الرسمية لحماية المعلومات" تعتريه العديد من النواقص، لكونه لا يشمل جميع المؤسسات والمنشآت في إسرائيل ولأن هذه السلطة تابعة لجهاز المخابرات العامة (الشاباك)، ما يردع الكثير من المؤسسات من التعامل والتفاعل معها بحرية وأريحية.

ثالثاً: هيئة السايبر في الجيش الإسرائيلي

في سنة 1909، اعتبر غابي اشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الفضاء الالكتروني كمجال قتال من الناحيتين الاستراتيجية والعملياتية. وبناء على ذلك أقام الجيش الإسرائيلي "هيئة السايبر" في الوحدة 8200 في جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، بغرض توجيه وتنسيق نشاطات الجيش الإسرائيلي في الفضاء الالكتروني. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2009، أشار عاموس يادلين، رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية حينئذ، في محاضرة له في معهد أبحاث الأمن القومي، إلى أن أحد أهم الأخطار التي تتربص بإسرائيل وقد تلحق بها الأذى، تكمن في احتمال اختراق الحواسيب الحيوية الإسرائيلية. وأوضح عاموس يادلين، أن هيئة السايبر في الجيش الإسرائيلي تهدف إلى توفير دفاع جيد لشبكات الأنترنت العاملة في إسرائيل، وكذلك القيام بهجمات في الفضاء الالكتروني على أهداف خارجية.

رابعاً: وحدة إدارة أنظمة المعلومات

صادقت الحكومة الإسرائيلية في 27 أذار/ مارس على إقامة "وحدة إدارة المعلومات"، وهي تتبع مدير عام وزارة المالية الإسرائيلية ومسؤولة مسؤولية مباشرة على جميع أنظمة الاتصالات المحوسبة الحكومية، بما في ذلك عن مشروع "بنية الحكومة التحتية لعصر الإنترنت".

خامسا: هيئة السايبر الوطنية

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في 18 أيار/ مايو 2011 عن إنشاء "هيئة السايبر الوطنية" في إسرائيل. وذكر نتنياهو أن الهدف الأساس لهذه الهيئة هو تعزيز قدرات إسرائيل الدفاعية عن أنظمة البنى التحتية الحيوية، من "هجمات إرهابية" في الفضاء الالكتروني، التي قد تقوم بها دول أجنبية أو "منظمات إرهابية". ووفق ما ذكره نتنياهو، فإن إسرائيل مكشوفة لهجمات في الفضاء الالكتروني، فكل ما هو محوسب فإنه قد يتعرض للهجمات في الفضاء الالكتروني، التي قد تشل أنظمة مرافق ومؤسسات حيوية للغاية التي تشغل الدولة مثل: الكهرباء والمياه والاتصالات والمواصلات.

ويشير المؤلفان إلى أنه علاوة على مهامها الدفاعية عن الفضاء الالكتروني الإسرائيلي، فإن من مهام "هيئة السايبر الوطنية" تشجيع وتطوير شركات إسرائيلية مختصة في الدفاع عن الفضاء الالكتروني، بغرض الحصول على جزء من سوق الفضاء الالكتروني الذي ينمو بسرعة كبيرة للغاية على الصعيد العالمي.

وأوضح الكاتبان أن ثلاثة عوامل هامة تدفع إسرائيل للإسراع في اتخاذ الاحتياطات والتدابير الأمنية في الفضاء الالكتروني، وهي:

أولاً: كدولة متطورة ومرافقها ومؤسساتها محوسبة، يتعرض الفضاء الالكتروني في إسرائيل إلى أخطار حدوث هجمات عليه، قد تؤدي إلى إلحاق الشلل بالبنى التحتية الإسرائيلية.

ثانياً: تواجه إسرائيل أعداء لهم دوافع لإلحاق الأذى بها كلما استطاعوا تحقيق ذلك، سواء من قبل دول أو منظمات أو أفراد.

ثالثا: هناك فرصة أمام إسرائيل ليس فقط لتطوير دفاع متقدم في الفضاء الالكتروني وإنما أيضا لاستعمال الفضاء الالكتروني في الحرب.

استراتيجية للدفاع عن الفضاء الالكتروني الإسرائيلي

اقترح المؤلفان أن تتبنى الحكومة الإسرائيلية استراتيجية وطنية للدفاع عن الفضاء الالكتروني الإسرائيلي وفق الخطوط التالية:

* الاعتراف بالفضاء الالكتروني كمجال وطني جديد، الذي ينبغي الدفاع عنه بشكل خاص (إلى جانب المجالات الأخرى: البر والبحر والجو)، من خلال رؤية شاملة وتعاون جميع الأطراف ذات الصلة.

* تأسيس مؤسسة وقيادة مركزية للدفاع عن الفضاء الالكتروني على المستوى الوطني.

* وضع البنى التحتية الحيوية وأنظمة الأمن في قمة الأولويات، وفي الوقت نفسه القيام بالدفاع عن مركبات أخرى، مثل الدفاع عن المعلومات في الجامعات ومراكز الأبحاث والدفاع عن شركات لها تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي ولكنها ليست مصنفة كجزء من البنى التحتية.

* بناء نظام دفاعي دينامي وشامل في الفضاء الالكتروني مثل النظام الذي أقامته وزارة الدفاع الأميركية.

* التعاون الدائم في مجال الفضاء الالكتروني بين القطاع الحكومي والقطاع الأمني والقطاع الخاص.

* التعاون مع دول أجنبية بشأن الفضاء الالكتروني، وخاصة الدول الحليفة.

* سن قوانين خاصة بالفضاء الالكتروني والقيام بتطبيقها على أرض الواقع.

* مساعدة الجمهور العام في زيادة الوعي بالفضاء الالكتروني وتطوير قدراته في الدفاع في هذا المجال، ومنح محفزات للشركات والأفراد لشراء برامج دفاع، وزيادة الرقابة على شركات الحماية.

* استعمال الوسائل والأجهزة التكنولوجية الأكثر تطورا المتعلقة بالفضاء الالكتروني.

* بلورة وتطوير سياسة ردع إسرائيلية، بما في ذلك قدرة الرد المباشر ضد كل من يهاجم الفضاء الالكتروني الإسرائيلي وإلحاق الأذى به، وهذا الأمر من مهام المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

الفضاء الالكتروني في استراتيجية الأمن الإسرائيلي

يؤكد المؤلفان أن إضافة الفضاء الالكتروني كساحة قتال جديد، إلى جانب ساحات القتال في البر والبحر والجو والفضاء، يستوجب دمج الحرب في الفضاء الالكتروني في استراتيجية ومفهوم الأمن الإسرائيلي؛ وهو ما يستوجب استحداث تغييرات في مفاهيم المصطلحات الأساسية المتعلقة بنظرية الأمن الإسرائيلي. فمثلا تختلف "البيئة الاستراتيجية" في الفضاء الالكتروني عن المفهوم التقليدي لها في نظرية الأمن الإسرائيلي القائم على التهديدات الجيو-سياسية التقليدية. علاوة على ذلك، يختلف الزمان والمسافة والمساحة في الفضاء الالكتروني عن المفاهيم التقليدية، لأن سرعة العملية الهجومية في الفضاء الالكتروني، ضد هدف يبعد مئات أو آلاف الأميال، تبلغ واحد على الألف من الثانية. ويرى المؤلفان أنه من الصعب للغاية أن تقوم إسرائيل بتطبيق سياسة الردع، التي تعتبر حجر الزاوية في سياسة الردع الإسرائيلية، في حرب الفضاء الالكتروني، لصعوبة تحديد هوية الطرف المهاجم في حرب الفضاء الالكتروني.

ويقول صاحبا الكتاب أن الدفاع في حرب الفضاء الالكتروني يشكل تحدياً من نوع جديد لإسرائيل، وذلك لأنه بمقدور العدو شن هجمات بسرعة البرق ومن الصعوبة بمكان تحديد من هو المهاجم. ويوصي المؤلفان أن تتعلم إسرائيل وتستفيد من مفهوم "الدفاع الفعال" في الفضاء الالكتروني الذي تتبعه الولايات المتحدة الأميركية. إذ يستند هذا "الدفاع الفعال" على قدرة مخابراتية متطورة لتحديد النشاطات في لإنترنت وعلى أنظمة دفاع دينامية ذات رد تلقائي من دون تدخل الإنسان. ويستطرد المؤلفان، إن "الدفاع الفعال" لا يعتمد فقط على التكنولوجيا المتطورة، وإنما أيضا على شبكة محكمة ذات قواعد وإجراءات صارمة وعلى ثقافة تفهم المخاطر وعلى انضباط شديد وعلى حماية المواقع وعلى رقابة بشرية قوية.

ويوصي المؤلفان، في ضوء اعتراف الجيش الإسرائيلي بالفضاء الالكتروني كساحة قتال إلى جانب الساحات الأخرى، بإجراء تغييرات في قوات الجيش الإسرائيلي والعمل على إقامة جيش خاص بالفضاء الالكتروني، أسوة بالقوات البرية والبحرية والجوية.

 

 

كلمات دلالية