أخبار تونس اليوم عاجل اليوم السبت 21/9/2019

الساعة 01:33 ص|21 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

"السيستام" مصطلح تصاعد ذكره بقوة منذ صدور نتائج الدور الأول للانتخابات الرئاسية في تونس الأحد الماضي، وتساءل طيف واسع من التونسيين عن مصير "السيستام" بعد الهزيمة المدوية التي مُني بها مرشحون من المنظومة الحاكمة، وآخرون محسوبون على النظام السابق والدولة العميقة.

و"السيستام" كلمة دخلت معجم الللهجة العامية في تونس، وهي مستوحاة من اللغة الفرنسية وتعني "النظام" في إشارة إلى ما بعرف في كواليس الحكم بالمنظومة الحاكمة وأصحاب النفوذ والدولة العميقة.

وأفرز الدور الأول من الانتخابات صعود شخصيتين مستقلتين يكاد يخلو رصيدهما من أي نشاط سياسي: قيس سعيّد الذي تصدر الترتيب، وهو خبير دستوري وجامعي. ونبيل القروي الذي عرف بنشاطه في عالم المال والإعلام.

ونام طيف واسع من التونسيين، لا سيما الوجوه المحسوبة على الثورة، على نشوة ما اصطلحوا على تسميتها "ليلة سقوط السيستام"، إبان إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية، معبرين عن فرحتهم بهزيمة الوجوه المحسوبة على النظام.

في المقابل، نبه آخرون إلى أن القروي يعد امتدادا للدولة العميقة، وأنه ابن "السيستام"، وملاذ الأحزاب التي فشلت في الدفع بمرشحيها للدور الثاني، ومن بينهم عبد الكريم الزبيدي وعبير موسى ويوسف الشاهد ومحسن مرزوق، وآخرون.

بناء منظومة جديدة
ورفض الباحث في علم الاجتماع سامي براهم فرضية سقوط "السيستام"، واصفا إياها بالعبثية. وأكد أن الثورة تحاول بناء منظومة جديدة على أنقاض منظومة قديمة، تآكلت وفقدت سيطرتها وتغلغلها داخل أجهزة الدولة.

ولفت إلى أن "السيستام" بعد الثّورة حافظ على جسمه الصّلب ومنظومته المتشابكة، رغم فقدان سيطرته على جزء من السّلطة.

ويرى براهم أن القروي لا يمكن أن يحسب فعليا على "المنظومة" بقدر ما هو مجرد باحث عن ملاذ آمن يحميه من التتبعات القضائية التي تحاصره من سنوات، حيث حاول التقرب سابقا من نداء تونس والسبسي، ثم حين فشل دخل غمار الرئاسية بحثا عن الحصانة.

ويعرف عن المرشح القروي القابع في السجن بتهم تتعلق بفساد مالي وتبييض أموال، أنه كان من الشخصيات التي أسهمت في صعود الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي إلى السلطة، حين فتح له قناته الخاصة "نسمة" للترويج لشخصه ولحزبه.

وتقلد لوقت قصير منصبا قياديا في نداء تونس، لكن الخلافات التي برزت بينه وبين حافظ قايد السبسي نجل الباجي قايد السبسي عجلت بإبعاده، لينشغل بعد وفاة ابنه في العمل الخيري، ثم ينخرط رسميا في العمل السياسي ويؤسس حزب "قلب تونس" ويتقدم للرئاسة.

تآكل الدولة العميقة
من جهته، يرى الناشط السياسي أمين البوعزيزي أنه منذ اندلاع الثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، فقدت الدولة العميقة واجهتها السياسية، لكنها حاولت جاهدة أن تستعيدها في انتخابات 2014 التي فاز فيها قايد السبسي وحزبه نداء تونس.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن ما أفرزته انتخابات الرئاسة في 2019 يعد ضربة موجعة "للسيستام" الذي بدأ يفقد جزءا كبيرا من تماسكه وسيطرته على مفاصل الدولة.

وأقر -في المقابل- بأنه لا يمكن فعليا الحديث عن سقوط "السيستام" بشكل نهائي، مضيفا "نحن أمام مترشح يمثل المنظومة القديمة في أبشع تمظهراتها ونظامها "المافيوزي"، و"هنا أتحدث عن نبيل القروي الذي تدعمه كل تلك القوى سواء في السر أو العلن".

تشويه القروي
من جانبه، استنكر حاتم المليكي رئيس الحملة الرئاسية للمرشح نبيل القروي محاولات البعض تشويه مرشحهم وتصنيفه ضمن خانة مرشحي الأحزاب التقليدية وامتداد الدولة العميقة.

وأكد في تصريح للجزيرة نت أن القروي يختلف في رؤيته ومقاربته الاجتماعية والسياسية عن باقي الأحزاب كنداء تونس وتحيا تونس، ومع ما وصفها بالتيارات الفوضوية، وأنه يسعى لإعادة النظر في أداء الدولة على قاعدة مقاومة الفقر وعلى أساس المسألة الاقتصادية والاجتماعية.

ودعا المليكي إلى عدم الانسياق خلف بعض الساعين لتخريب الدولة وتحطيم مؤسساتها ومكتسباتها الاجتماعية، في إشارة إلى المرشح المنافس قيس سعيد.

وحذر مما أسماه محاولة ممنهجة من بعض الأطراف في الحكم لتحطيم مسار الانتقال الديمقراطي وتلويث المناخ الانتخابي من خلال حرمان مرشحهم نبيل القروي المسجون، من الحديث عن برنامجه السياسي والاجتماعي والتوجه لأنصاره بشكل مباشر.

دعم حزبي لسعيد
ويرى كثيرون أن حظوظ المرشح المستقل قيس سعيد تزداد يوما بعد يوم، في ظل التفاف شعبي غير مسبوق على شخصه من عامة التونسيين، خاصة فئة الشباب، فضلا عن إعلان أحزاب سياسية ومرشحين للرئاسة دعمهم له في الدور الثاني.

وأعلن مرشحون محسوبون على التيار الثوري، ومنهم الصافي سعيد وسيف الدين مخلوف ولطفي المرايحي والمنصف المرزوقي والهاشمي الحامدي، دعمهم المطلق لقيس سعيد في الدور الثاني، موجهين أنصارهم للتصويت له.

وكشفت أحزاب سياسية، عبر بيانات رسمية دعمها لسعيد، مثل التيار الديمقراطي وحركة الشعب والحزب الجمهوري والحزب الاشتراكي وتيار المحبة، في حين أعلنت قيادات بارزة في حركة النهضة مساندتها المرشح الذي يحمل قيم الثورة ومبادئها في الدور الثاني، دون أن يصدر بلاغ رسمي من الحركة.

المصدر : الجزيرة

كلمات دلالية