نتنياهو حاول الخروج الى حملة في غزة من خلف ظهر القيادة الامنية - معاريف

الساعة 01:15 م|18 سبتمبر 2019

بقلم: بن كسبيت

 

(المضمون: لولا يقظة وحذر قادة اجهزة الامن والمستشار القانوني لكان نتنياهو جر الدولة الى حرب غير مسؤولة مع غزة - المصدر).

 

فلتعلم كل أم عبرية، أن هكذا تتخذ في أيامنا قرارات أمنية محملة بالمصير في دولة اسرائيل: هكذا يعلن عن ضم الغور، بلا اعداد، او نقاش مع جهاز الامن أو اتخاذ خطوات لمنع اشتعال محتمل في الميدان؛ هكذا يصفى الغموض الامني في الشمال، بلا أي حاجة، في ظل تعريض الجنود لخطر حقيقي؛ وهكذا يحاول رئيس الوزراء اخراج الدولة الى حرب بلا الاجراء اللازم حسب القانون، قبل اسبوع من الانتخابات.

 

ان القضية السياسية – الامنية – الحزبية التي هزت الاسبوع الاخير القيادة الاسرائيلية تحت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كانت دراماتيكية اكثر بكثير مما وصف حتى الان. فقد علمت "معاريف" بانه في ليلة الاربعاء، بعد أن اضطر لان يخلى في حدث انتخابي في اسدود بسبب اطلاق الصواريخ، كاد نتنياهو ينجح في اجبار الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن على الخروج الى حرب في غزة – دون مصادقة الكابنت.

 

في الساعة الثانية ليلا أجرى مشاورات كابنت هاتفية، كي "يبتز" مصادقة من الوزراء للخروج الى العمل. المشكلة: لم يشرك في هذه المشاورات محافل الامن. فقد أجرى الكابنت نقاشا هاتفيا ليليا بدون رئيس الاركان، الفريق افيف كوخافي، بدون رئيس الشاباك، نداف ارجمان، وبدون قادة اذرع اخرى. هذا حدث غير مسبوق. في نهاية المطاف، اوقف المستوى القضائي اندفاع نتنياهو نحو الحرب. ليس مؤكدا ان في المرة القادمة سيكون هناك مستوى قضائي ليكبحه.

 

هاكم خلاصة الاحداث: القسم الاول من الدراما انكشف يوم الجمعة الماضي في العنوان الرئيس في "معاريف". رئيس الوزراء اتصل ليطلع قادة اذرع الامن على نيته ضم غور الاردن، قبل دقائق معدودة من اعلانه عن ذلك للجمهور وللعالم بأسره. نشبت جلبة وانزلق الحديث الى نبرات عالية جدا. انتشر الامر في جهاز الامن كالنار في الهشيم. رئيس الاركان ورئيس الشباك احتجا على مثل هذه الخطوة، ذات الاثار الامنية بعيدة المدى، والتي تنفذ بدون اعداد، اطلاع ذوي الصلة او النقاشات المرتبة. منسق اعمال الحكومة في المناطق ارتعش. واضطر نتنياهو في اللحظة الاخيرة للتراجع: بدلا من الاعلان عن الضم الفوري لغور الاردن، اعلن عن "نيته" ضم الغور بعد أن يشكل الحكومة القادمة.

 

ملاحظة: لم يدع احد في أي من المداولات بانه لا يجب ضم الغور. هذا قرار سياسي شرعي، يتمتع ايضا باجماع جماهيري. المشكلة هي طريقة التنفيذ السائبة، عشية الانتخابات، بارتجالية.

 

في ذاك المساء، وبعد أن هدأت اصداء لهيب "حديث الصراخات"، خرج نتنياهو الى جولة انتخابات في اسدود. الجهاد الاسلامي اطلق صاروخين، احداهما باتجاه المدينة. اخلى الحراس نتنياهو من المنصة في ما ظهر كصورة مهينة وصفها نفتالي بينيت كـ "اهانة وطنية".

 

يفهم نتنياهو جيدا معنى مثل هذه الصورة عشية الانتخابات. صورته كـ "قوي حيال حماس" تعرضت لضربة أليمة، في التوقيت الاسوأ الذي يمكن تصوره. عاد الى الكريا في تل ابيب وهو يتميز غضبا وعقد على الفور المشاورات الامنية.

 

في المشاورات الامنية طلب نتنياهو الخروج الى عملية في غزة. لم يأمر بالحرب، ولكنه أمر باتخاذ سلسلة اعمال هجومية كانت ستؤدي، على نحو شبه مؤكد، الى اندلاع جولة قتالية قوية في القطاع. احتج قادة اذرع الامن مرة اخرى. هناك حاجة لتجنيد الاحتياط، لاعداد المخططات، لاعداد الميدان، قالوا لنتنياهو، ولكنه لم يرغب في السماع، اصدر الامر، وهذا هو. في هذه المرحلة قيل له انه ملزم بطرح الموضوع لمصادقة الكابنت. قيل له "هذه اعمال معناها حرب. والى الحرب يتم الخروج فقط بمصادقة الكابنت".

 

تفاصيل هذا اللقاء نشره لاول مرة امس الصحافي عاموس هرئيل في "هآرتس". واضاف باراك رابيد تفاصيل في القناة 13 في نشرة المساء.

 

ومن هنا لاحقا، تفاصيل لم تنشر بعد: نتنياهو كان في لحظة متشنجة على نحو خاص وقرر الاستجابة للتحدي. تحتاجون الى الكابنت؟ فليكن كابنت. في الساعة 1:30 ليلا عقد الكابنت. هاتفيا. وبخلاف كل منطق، لم يضم الى خط الاتصال قادة اجهزة الامن كي يسمعوا الوزراء استعراضا امنيا. كان يعرف ان رئيس الاركان، رئيس الشابات، رئيس أمان ومسؤولين آخرين سيحذرون الوزراء من عملية فورية. فحصل هو على مصادقة الكابنت للخروج الى عملية من خلف ظهر جهاز الامن. إذ انه ببساطة وضع الوزراء امام الامر الواقع وطلب المصادقة للخروج في عملية. طلب، فتلقى.

 

في الغداة، يوم الاربعاء، نتنياهو لم يهدأ. أمر الجيش الاسرائيلي بان يبدأ بالاعمال اللازمة تمهيدا للهجوم. فهو لديه في اليد مصادقة الكابنت. في جهاز الامن فقدوا في هذه المرحلة أي ثقة برئيس الوزراء. كان هناك بعض من كبار المسؤولين ممن فكروا بالاستقالة.كان صعبا على الناس ان يصدقوا بان نتنياهو عقد الكابنت دون أن يسمع الوزراء استعراضات امنية. غير أن نتنياهو لم يهدأ. اقلع الى سوتشي، الى لقاء مع رئيس روسيا، فلاديمير بوتين، حيث جف ثلاث ساعات بانتظار مهين فسخن أكثر فأكثر.

 

من أنقذ الوضع كان المستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت. في مرحلة معينة تلقى مندلبليت توجها من الجيش الاسرائيلي وسمع القصة. فهم أن رئيس الوزراء يوشك على أن يأمر بعملية عسكرية واسعة – بدون نقاش مرتب في الكابنت. فأوضح مندلبليت لنتنياهو بان الحديث يدور عن فعل غير قانوني. فقد قال المستشار انه يجب على الكابنت ان "يجلس"، بمعنى، بحث مرتب، في جلسة. ويجب، اضاف المستشار، ان يسمع الوزراء الاستعراضات الامنية – وعندها يجرى التصويت.

 

في هذه المرحلة، قبيل نهاية الاسبوع، نتنياهو هدأ اخيرا.

 

غضبه يبدده منذئذ في خصومه السياسيين. امس غرد رئيس وزراء اسرائيل بانه "لو كان غابي اشكنازي في الليكود لكان في السجن منذ الان". اما الحقيقة، بالطبع، فمعاكسة. لاشكنازي توجد شهادة حسن سلوك من شرطة اسرائيل. التغريدة الصحيحة هي أنه "لو لم يكن نتنياهو رئيس وزراء، لكان منذ الان في السجن". بعد ذلك اعلن بان غانتس اتفق منذ الان مع احمد طيبي وايمن عودة على منصبي وزيرين في الحكومة رغم أنه يعرف بان احتمال حصول هذا ليس واردا.

 

"رئيس الوزراء فقد الكوابح"، قال امس مسؤول كبير سابق في جهاز الامن. (ليس هو جزءا من الساحة السياسية الان). مسؤول كبير آخر اضاف: "المشكلة هي انه في هذه المركبة التي يندفع فيها الى الهاوية، نجلس جميعنا".

 

أفادت مصادر في مكتب رئيس الوزراء بان المستشار القانوني للحكومة هو الذي طلب من رئيس قيادة الامن القومي اطلاع القضيم ملتسر على امكانية عملية في اعقاب الوضع الامني.

 

وجاء من مكتب رئيس الوزراء: "كل شيء يتم بتنسيق كامل مع محافل الامن".