خبر حماس والمنطق اليساري .. معاريف

الساعة 09:43 ص|04 فبراير 2009

بقلم: اران يرديني

يعد اجازة الدكتوراة ومحاضر في الفلسفة

فرض البدء السائد عند جهات يسارية هو ان المواجهة بين اسرائيل وحماس جزء لا ينفصل من النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. ومن هنا يشتق استنتاج ان انتهاء الاحتلال سيضعف من قوة تكتيك حماس. على نحو ضمني بل ظاهر احيانا، يرى نشاط حماس مشتقا من اضطهاد الشعب الفلسطيني. قضية المعابر هذه المرة هي التي اعتادوا ان ينسبوا اليها سلوك حركة المقاومة الاسلامية. هذه البنية هي بنية منطقية في اساسها.

ان البنية المنطقية التي ترى في الواقع سلسلة للافعال وردود الافعال، تفترض ان الدافع الاساسي لحماس لا يختلف اختلافا جوهريا عن الدافع الاساسي لحركات المقاومة المعتدلة مثل فتح. ان الحديث في الاكثر ها هنا عن صيغة اشد وقاحة وفظاظة، لكنها ستظل ابدا يخفق فيها المنطق البسيط وهو ان نهاية الاحتلال تعني نهاية اعمال المقاومة.

هكذا تصبح مشكلة "اسرائيل – حماس" جزءا من مشكلة اكبر هي "اسرائيل – فلسطين"، في حين ان الحل مضمن في الفرض الاتي وهو ان حل المشكلة العامة سيفضي الى حل ما يتشعب عنها ايضا. اهذا حق؟

اليكم اتجاه تفكير مختلفا: حان وقت ان نعترف بان المشكلة بيننا وبين حماس لا تتعلق البتة بالمشكلة الاسرائيلية – الفلسطينية، وحسبنا النظر في ميثاق حماس لنبرهن على ذلك.

في المادة 11 من الميثاق مثلا تعرف ارض فلسطين على انها "ارض مقدسة". "ليست هي ملكا لاي دولة عربية، او كل الدول العربية، ولا لاي ملك او رئيس، او كل الملوك والرؤساء، وليست هي ملك اي منظمة او المنظمات جميعها سواء اكانت فلسطينية ام عربية".

هذا الجزم القاطع يسحب البساط من تحت اي محاولة مصالحة مناطقية وفيها المبادرة العربية. هذا المبدأ يعني ايضا الغاء معادلة "انهاء الاضطهاد – انهاء المقاومة"، ما ظل معناها تسوية سياسية لا انصراف الكيان الصهيوني.

يحسن بمن ما يزال عنده شيء من الشك في صدق هذا الامر ان ينظر في المادة 13: "المبادرات السياسية وما يسمى الحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل المشكلة الفلسطينية تناقض تصور حركة المقاومة الاسلامية. فالتنازل عن جزء من ارض فلسطين كالتخلي عن شيء من الدين". بعد ذلك تعرف المبادرات الدولية على انها "سخافة"، في حين ان الحل الوحيد للمشكلة هو الجهاد.

يحسن ان نصغي الى هذه المواد والى مواد اخر في ميثاق حماس. فهي تقول لنا شيئا ما. انها تبين لنا ان محاولة احداث علاقة بين الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وصراع اسرائيل – حماس ليست في محلها. وهي تبين لنا ان الحديث عن محاولة ابوية بقدر ما ، لجهات جذرية في اليسار الاسرائيلي من اجل تطبيق "المنطق السليم" والسياسة الواقعية على جهات ليس لها اي اهتمام بها.