بالصور في غزة.. حفل توقيع رواية على بسطة قهوة

الساعة 06:16 م|08 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

جمع هاني المقاعد البلاستيكية، وجهز بسطة القهوة الخاصة به كأي يومٍ عادي، لكنه ليس كذلك، فاليوم حفلٌ خاصٌ لكاتبٍ خاصٍ من قطاع غزة، لم يسلخه الأدب عن بساطة الناس والحياة، ولم تستطع هموم الحياة أن تنزع منه حسّه الأدبي، بل أضافت بمتاعبها له الكثير.

جاء أصدقاء الروائي الفلسطيني هاني السالمي من البسطاء والأدباء والكتاب والأقارب لتهنئته بصدور روايته الجديدة "المسيحي الأخير"، فشربوا من القهوة التي يُعدها على بسطته، وتناقشوا بتفاصيل العمل الأدبي، الذي خرج هذه المرة بصيغة مختلفة، بعدما اضطر السالمي إلى العمل على بسطة القهوة بسبب البطالة.

قصة السالمي انتشرت على المستوى المحلي والعربي بشكل كبير، وتساءل الكثيرون كيف لرجل أديب مثله، فائز بعدد من الجوائز أن ينتهي الحال به على بسطة قهوة، لكن الإجابة من السالمي كانت أدق وأكثر تفصيلًا عندما خاض المعترك كاملًا، ودمج ضوضاء الشارع وهموم الناس في عمله الأدبي الجديد، ليؤكد أنه الأديب الكادح المنتمي للبسطاء.

وعن روايته يقول السالمي لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية" إنها "تتحدث عن أعداد المسيحيين في قطاع غزة والتي تتناقص بشكل كبير، محاولًا فهم سبب الرحيل، ومؤكدًا على أنهم جزء أساسي من قطاع غزة، وفعال وأصيل".

فكرة الرواية لمعت في ذهن السالمي بعد قراءته لإحصائية عن تناقص أعداد المسيحيين في قطاع غزة، لكن الرواية هذه المرة كانت مختلفة تمامًا، فتناقص استخدام الخيال الذي اعتاد هاني على اشباع كتاباته به، وانطلقت حكايا البسطاء وضوضاء الشوارع التي يعيشها بشكل يومي من محبرته، مشكلةً تجربة كتابة جديدة تستحق برأي من حضر حفل التوقيع البسيط أن تتحول لنموذج عالمي.

ويؤكد السالمي على تجربته الجديدة قائلًا: "ساعدتني أصوات الناس في الشوارع، والإزعاج، وقضايا الناس اليومية، وحكايا العابرين التي أسمعها كل يوم أثناء عملي على بسطة القهوة، لأنتج نصًا يستطيع الناس قراءته وتخيله والاحساس به بشكل كبير".

الروائي صاحب الـ(40 عامًا) استطاع أن يجد فرصة لرواية جديدة له من خلال اتحاد الكتاب الفلسطيني، الذي أشاد بالمخطوطة المقدمة له، وكان لها نصيب الطباعة لترى النور، ولتصبح أول رواية يُقام لها حفل توقيع مفتوح الزمان على بسطة قهوة.

وعن سحر البساطة المعدي يقول السالمي والابتسامة على محياه: "أصدقاء من الدول العربية اتصلوا بي وطلبوا مني أن يقتبسوا فكرة توقيع الرواية في مكان مفتوح وعامي وبسيط، حيث أعجبتهم الفكرة وأرادوا أن يعيشوا التجربة، لكن الفرق أنني ابن التجربة وصاحبها وأعيش معها طوال الوقت".

الروائي ابن مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة تخرج من جامعة الأزهر في غزة، في تخصص علوم عامة عام 2002، وحاول الحصول على فرصة عمل لكنّه وجد نفسه أنّه في حاجة إلى واسطة، وأنّها حاجة أساسية للحصول على فرصة عمل في مناطق السلطة الفلسطينية في ذاك الوقت.

حب الأدب والقراءة دفع السالمي إلى السعي وراء شغفه، فكتب الروايات ومنها من حازت على جوائز محلية وعربية،  وله روايات وقصص  عديدة مثل رواية "هذا الرصاص أحبه" عام 2011 مثل "سر الرائحة" و"الظل يرقص معي" و"الماسة" و"قلب طابو" و"الأستاذ الذي خلع بنطاله" و"الحافلة رقم 6". وكتب رواية "الجنة الثانية" التي تحاكي قصة الجندي الإسرائيلي المختطف في غزة جلعاد شاليط، التي حظيت بتقييم مرتفع، كما وصلت رواياته وقصصه إلى كثير من دول العالم.

تزوج السالمي عام 2008، ولديه أربع فتيات؛ قمر (10 سنوات)، وسما (9 سنوات)، وسوار (6 سنوات) وجودي (3 سنوات) يعتبرهن أربع روايات، واستطاع غرس حب القراءة فيهن، حتى أنّهن يحضرن في كثير من المرات ليخبرنه أنّهن وجدن اسمه في المكتبة المدرسية، ويطلبن منه المجيء إلى المدرسة للحديث عن بعض قصصه أمام زميلاتهن.

في عام 2014، بدأت ظروف السالمي المعيشية تسوء، فهو لم يحظَ بالعمل مع أيّ من المؤسسات الثقافية أو التعليمية، وقرر العمل على بسطة قهوة لكسب قوت يومه، ويجلس الكاتب أمام عربة صغيرة، تحمل موقدًا يعمل بالغاز، يعلوه رف محمّل بعلب البن والشاي، منذ ساعات الصباح، في انتظار الزبائن، وبخاصة سائقي الأجرة.

ويقول السالمي: "لا يضرني العمل على بسطة قهوة، هذا يزيد إصراري أن أكون كاتب فلسطيني فخورًا بما قدمت في عالم الأدب"، معبّرًا عن اعتزازه بنفسه لكونه نشر العديد من المؤلفات في دور نشر عالمية وعربية، وحازت على جوائز وإشادات.

ويعيش سكان قطاع غزة (مليونا نسمة) ظروفًا اقتصادية سيئة وصعبة للغاية، بسبب الحصار الاسرائيلي المتواصل منذ حوالي 12 عاماً، ما أدى لارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين الشبان والخريجين.

ويعمل المئات من خريجي الجامعات في مهن وأعمال لا تناسب تخصصاتهم التي درسوها، فمنهم من يعمل في بيع المرطبات والمشروبات الساخنة أو في بيع السجائر مقابل الحصول على بعض النقود.

وبات من الملاحظ أن ظاهرة بائعي القهوة أصبحت تنتشر بشكل لافت في قطاع غزة الذي يشهد انتكاسة اقتصادية بفعل الحصار الذي أدى إلى بلوغ نسبة العاطلين عن العمل حوالي 295 الفا، فيما بلغت نسبة الفقر 80%، بينما بلغت نسبة البطالة54% وفق احصاءات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.

 

هاني السالمي 2
هاني السالمي 3
هاني السالمي 4
هاني السالمي 5
هاني السالمي 6
هاني السالمي 7
هاني السالمي 8
هاني السالمي 9
هاني السالمي 10
هاني السالمي 11
هاني السالمي 12
 

كلمات دلالية