خبر مخاوف من تحول مراكز الإيواء المؤقتة بجباليا إلى مخيمات لجوء دائمة

الساعة 06:32 ص|04 فبراير 2009

فلسطين اليوم-غزة

بعد استقراره في مركز إيواء مؤقت لاستيعاب المهجرين والمشردين في شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة، بدا القلق على وجه أبو فادي فرج الذي فقد منزله خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.

وخيم الحزن على وجه فرج في بداية الخمسينيات من عمره لما آلت إليه أوضاع المشردين الذين تكدسوا داخل مركز الإيواء، الذي أقيم بداية الأسبوع الجاري.

ويخشى فرج المصاب بعدة أمراض مزمنة أن يطول الحال والمعاناة لفترة طويلة، مشيراً إلى أن ظروف العيش في خيام مراكز الإيواء صعبة للغاية خصوصا في فصل الشتاء.

ويطارد فرج شبح اللجوء والهجرة التي تعرض له أهله قبل أكثر من ستين عاما، ولا يزالون يعيشون التشرد في المنافي وأماكن اللجوء المختلفة.

ويحاول فرج وعائلته أن يتأقلموا مع واقع التشرد الجديد الذي تعرضوا له منذ نحو شهر، بعدما غادروا مكان سكناهم في عزبة عبد ربه شرق جباليا مع بدء العدوان الإسرائيلي البري على القطاع.

وقال بحزن "لقد غادرنا منازلنا على أمل العودة إليها، لكننا عدنا إلى نفس المكان لنسكن الخيام وسط ظروف غاية في الصعوبة والخطورة".

وتحدث فرج عن منزله الذي شيده قبل نحو سنتين فقط وصممه ليتسع لأسر أبنائه المقبلين على الزواج، مؤكداً أن تكلفة بنائه فاقت 70 ألف دولار.

وأشار إلى أن المنزل تعرض للقصف بطائرات الـ "إف 16" لأكثر من مرة خلال الاجتياح البري، مؤكداً أن شدة القصف منعتهم من استخراج أي من مقتنيات المنزل.

ولم يخف فرج الذي فقدت عائلته عشرات المنازل خلال الحرب مخاوفه من قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مركز الإيواء وساكنيه في أية لحظة.

 

مخاوف من استهدافها

وأشار فرج إلى بعض الدبابات التي تجوب الحدود القريبة من المكان، لافتاً إلى كثرة تحرك الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود منذ إقامة مركز الإيواء.

ويبعد مركزا إيواء أقيما شرق عزبة عبد ربه المنكوبة عدة مئات الأمتار عن الحدود الإسرائيلية، حيث يسمع هدير الدبابات بشكل واضح من داخل المركزين.

وأبدى العديد من ساكني أحد المركزين مخاوفهم من استهداف قوات الاحتلال للمركز سواء بالقصف أو محاصرته، كونه يبعد مئات الأمتار من الحدود.

وتفتقد تلك المراكز إلى الحد الأدنى من البنية التحتية والبيئية والصحية المناسبة، حيث الغبار الناجم عن حركة السيارات والأشخاص يملأ المكان ويجعل التنفس شديد الصعوبة، كما تبعث روائح كريهة من تحت أنقاض المنازل المدمرة التي تحيط بالمركز.

ويعتقد أحد الأشخاص الذين تواجدوا بالقرب من المكان أن يكون مصدر تلك الروائح جثثا أو بقايا جثث لا تزال تحت أنقاض المنازل المدمرة، والتي تقدر بالمئات.

وانتقد أحد الساكنين إقامة المركز بالقرب من الحدود، مشيراً إلى أن تاريخ الاحتلال أسود بارتكاب المجازر ضد المدنيين والمخيمات ومراكز الإيواء، وكذلك مقرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وقلل من أهمية رفع أعلام منظمات دولية على المخيم، مؤكداً أن إسرائيل لم تحترم موظفي ومقار هذه المؤسسات حتى تحترم أعلامها.

لكنه قال إنه لا مفر أمامه إلا العيش داخل المخيم نظراً لانعدام البدائل في الوقت الراهن، معرباً عن تشاؤمه من إمكانية إعادة إعمار منزله ومنازل المواطنين الذين تهدمت منازلهم.

 

وأشار محمود دردونة أحد الذين فقدوا منازلهم بيده إلى أكوام الدمار المنتشرة بالعشرات شرق مركز الإيواء الجديد متسائلا: أين الإمكانات التي ستعيد إعمار هذا الدمار، مؤكداً أن قطاع غزة يحتاج إلى مئات الجرافات والرافعات لإزالة هذا الدمار ونقله إلى مكان آمن.

واستخف دردونة الذي يعمل في قطاع البناء بالحديث عن عمليات الإعمار في ظل المناكفات السياسية، متهماً الأطراف الفلسطينية والعربية بتضييع الوقت لإنهاء القضية بشكل هادئ.

ويتوقع أن يبقى حال المشردين على ما هو عليه لمدة طويلة، مشيراً إلى أن عمليات توزيع الطرود والكابونات على المشردين تهدف لإسكاتهم فقط.

وعبر عن حزنه الشديد لما وصل إليه حال المشردين الذين يقفون في طوابير طويلة للحصول على المساعدات التي توزعها بعض المؤسسات الاغاثية.

وأكد أن ساكني المخيمات لا يريدون الكوبونة وإنما يريدون إعادة إعمار منازلهم والعودة إلى أعمالهم، كما أنهم لا يريدونها لأنها شوهت صورة النضال الفلسطيني.

وأضاف قائلا إن إسرائيل والعالم يريدون أن يظهروا أن كل مشكلتنا هي الحصول على حصص التموين والكوبونة وهذه الطامة الكبرى، مشددا على ضرورة قيام المسؤلين بالعمل عل تصحيح الوضع بشكل عام وعدم السماح بنقل صورة للعالم وكأننا نلهث خلف طرد غذائي سخيف.

وأبدى عدد من المارة الذين جاؤوا من مناطق لم تتعرض للتدمير لتفقد أحوال المشردين عن ذهولهم من حجم الدمار وسوء الأوضاع التي يعيشها هؤلاء المشردون والمهجرون.

أوضاع صعبة للغاية

وتقول إيمان الصالح التي جاءت من وسط غزة بصحبة زوجها وأبنائها لتفقد الدمار الذي حل بشرق بلدة جباليا إنها لم تكن تتوقع أن تكون أحوال المشردين بهذا الشكل.

وعبرت الصالح التي جلست داخل السيارة بجانب زوجها عن حزنها الشديد لمشاهد الأطفال الذين يلتفون بالمئات حول متطوعين من جمعيات إغاثية جاءت لتوزيع المعونات.

وطلبت إيمان من زوجها مغادرة المكان فوراً بعد أن سمعت إطلاق نار متقطعاً بالقرب من المكان، كان مصدره الدبابات الإسرائيلية المتمركزة بالقرب من الحدود.

ومع انتهاء العدوان الإسرائيلي تسابقت العديد من المؤسسات الدولية والمحلية والبلدية إلى إقامة العديد من المخيمات لإيواء المشردين الذين يقدر عددهم بأكثر من خمسين ألفا، حيث شوهد أكثر من خمسة مخيمات في شرق مدينة جباليا وغرب بيت لاهيا.

وأكثر ما يخشاه ساكنو تلك المخيمات أن تطول فترة لجوئهم كما طالت فترة لجوء أسلافهم.