خبر انتخابات إسرائيل.. ليبرمان يتزعم « اليمين الجديد »

الساعة 08:25 م|03 فبراير 2009

أحمد البهنسي

"أفيجدور ليبرمان"، الذي سمع الناس عنه من خلال تصريحاته العنصرية، واشتهر من خلال التهجم على العرب والفلسطينيين، وعلى قيادات عرب 48، يحتل اليوم مساحة كبيرة من عناوين وسائل الإعلام، ويظهر كلاعب رئيسي على الساحة السياسية الإسرائيلية، وذلك بصفته أكثر المرشحين لتزعم "يمين جديد" في إسرائيل.

فبعد أن أعطته معظم الاستطلاعات المتعلقة بالانتخابات الإسرائيلية ما بين 14- 16 مقعدا في انتخابات الكنيست القادمة، بزغ بشكل غير مسبوق نجم "ليبرمان" وحزبه "إسرائيل بيتنا"؛ حيث حظي بالمرتبة الثالثة من بين الأحزاب المتنافسة على الانتخابات، بعد الليكود وكاديما، بل إنه في بعض الاستطلاعات يتفوق على كاديما من حيث عدد المقاعد.

 

وإذا كانت الاستطلاعات تنبئ بقدوم حكومة "بيبي" أي بنيامين نتنياهو، فمن الآن وصاعدا ينبغي التنبؤ بأن تكون الحكومة القادمة حكومة الثنائي القديم "بيبي – ليبرمان" اللذين ارتبطا ببعضهما منذ عام 1988؛ إذ اعتبرت الأوساط السياسية والحزبية الإسرائيلية أن "ليبرمان" وحزبه سيكونان بمثابة "الحصان الرابح" في الانتخابات القادمة للكنيست الـ18، المقرر أن تجرى في العاشر من الشهر الجاري، وذلك بعد أن بات من المؤكد أن أي قائمة حكومية ائتلافية ستحتاج لحزبه لتكوينها.

 

من تابع لطامح

 

أكثر ما يلفت الانتباه في السيرة الذاتية لـ"ليبرمان" هو ذلك الغموض الشديد الذي لا يزال يحيط بالفترة السابقة على هجرته من الاتحاد السوفيتي لإسرائيل عام 1978، فحتى الآن لا تتوافر أي معلومات عن تلك الفترة، التي لا تزال تطارد سمعته في الداخل الإسرائيلي، فأحيانا ما يتهم بأنه كان عضوا في عصابة مافيا غسيل أموال سوفيتية كبيرة، وأحيانا أخرى يتهم بأنه كان عميلا للمخابرات الروسية التي قامت بزرعه في إسرائيل.

 

ولد ليبرمان في 5 حزيران/يونيو 1958 في مدينة "كشينيف" بمولدافيا التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقا؛ حيث درس بجامعة كيشنيف، وعمل في نفس الوقت كرجل أمن بها.

 

وبعد هجرته لإسرائيل قام بأداء خدمة عسكرية قصيرة في سلاح المدفعية، ليبدأ حياته العملية بشكل سريع، وذلك بالالتحاق بالجامعة العبرية، التي عمل بها حارسا في ملهى ليلي، وحصل منها على شهادة في العلوم الاجتماعية، ثم عمل "حمالا" في مطار بن جوريون، وذلك قبل دخوله معترك العمل السياسي من باب العمل النقابي؛ حيث عين سكرتيرا لنقابة العمال الوطنية (الهستدروت) في القدس.

 

تدرج بعدها في مناصب إدارية مختلفة ضمن دوائر مؤسساتية أهلية، وصولا إلى وضع رجله على الدرجة الأولى من سلم الحياة السياسية مع تعيينه في عام 1993 مديرا عاما لحزب الليكود، الذي انتسب إليه قبل نحو 10سنوات.

 

وفي أعقاب ذلك عُرف "ليبرمان" في عالم السياسية الإسرائيلية باسم "إيفيت"، وهو اللقب الذي أطلق عليه، ولا يزال يرافقه حتى الآن؛ حيث بدأ يبزغ نجمه بشكل كبير في أعقاب تعيين "بنيامين نتنياهو" -الذي كان رئيسا للحكومة عام 1996- له مديرا لمكتبه، ليبدأ من ذلك المنصب رحلته في الصعود الصاروخي نحو مشارف القمة، التي لا يخفي طموحه في الوصول إليها.

 

وطوال الفترة التي اقترن فيها اسم "ليبرمان" بـ"نتنياهو"، سواء في حزب الليكود أو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، عُرف عنه – أي ليبرمان- أنه "رجل المهام القذرة"، والشخصية الصراعية المثيرة للجدل والأزمات، الذي طالما استعان به نتانياهو في الصراع مع خصومه السياسيين والحزبيين.

 

وبالتالي كان من الطبيعي أن يقترن اسمه بعدة فضائح سياسية ومالية اتهم بها نتنياهو، كان أبرزها فضحية "بارو أون"، وهي محاولة تعيين بنيامين نتنياهو المحامي روني بار أون مستشارا قضائيا للحكومة الإسرائيلية عام 1997، مقابل الاتفاق معه على إلغاء لوائح اتهام بحق زعيم حزب شاس في حينه آرييه درعي في مقابل تقديم الأخير دعم كتلة الحزب في الكنيست لرئيس الوزراء في ذلك الوقت بنيامين نتنياهو، وكان عراب هذه الصفقة "أفيجدور ليبرمان" مدير مكتب نتنياهو.

 

كما لم يسلم "إيفيت" نفسه من قضايا الفساد التي لحقت به بعد عام واحد من توليه منصبه في مكتب نتنياهو؛ حيث اضطر عام 1997 لتقديم استقالته على خلفية تصاعد الانتقادات الموجه له في قضية جنائية تتعلق بالاعتداء بالضرب على طفل.

 

ومع ذلك فقد ظل "ليبرمان" أهم شخصية من بطانة "نتنياهو" السياسية، ففي أعقاب خلاف بين نتنياهو وبين "ناتان شيرانسكي" رئيس حزب "يسرائيل بعليا"، حزب المهاجرين الروس، أوعز نتنياهو إلى ليبرمان بتشكيل حزب روسي جديد موال لليكود، سواء في السياسات أو التوجهات الفكرية.

 

على إثر ذلك، قام ليبرمان عام 1999 بتأسيس حزب "يسرائيل بيتينو" (إسرائيل بيتنا)، نسبة إلى حزب روسي كان بزعامة الرئيس الروسي السابق يلتسين يدعى (روسيا بيتنا)، وهي محاولة من ليبرمان لكسب تعاطف المهاجرين الروس الذين أصبحوا بمثابة القاعدة الجماهيرية له فيما بعد.

 

وبالاعتماد على برنامج سياسي –اجتماعي- اقتصادي متكامل، إلى جانب توجهات يمينية - علمانية متشددة، نجح حزب ليبرمان في الحصول في أول انتخابات يخوضها على 4 مقاعد عام 2000، ثم انطلق نحو الحصول على 7 مقاعد في انتخابات 2003 التي خاضها بقائمة مشتركة مع حزب "موليدت" اليميني تحت اسم "إيحود ليئومي" (الاتحاد القومي)، هذا التحالف الذي نجح في انتخابات العام 2006 في الحصول على 11 مقعدا؛ ليتبوأ بذلك القوة "الرابعة" من حيث عدد المقاعد في الكنيست.

 

هذه الفترة الوجيزة في عمر الحياة الحزبية لـ"ليبرمان" تمكن خلالها في الظهور كزعيم للمعارضة داخل الكنيست؛ حيث كان ملحوظا دائما عدم اشتراكه في أي من الائتلافات الحكومية، وحتى في حال اشتراكه عادة ما كان ينسحب منها اعتراضا على سياسات لا تتفق مع برنامجه الحزبي.

 

فقد كان واضحا أن "ليبرمان" صاحب طموح سياسي قوي، مما جعله ينتظر وفق نصائح مستشاره المخضرم للشئون الحزبية "آرتور فنكلشتاين" لتحين الفرصة المناسبة لتحقيق طموحه السياسي بأن يكون زعيما للمعارضة فيما بعد حكومة أولمرت، ذلك الطموح الذي بدأت تتبدى الكثير من ملامحه في الوقت الراهن مع إقرارات موعد الانتخابات العامة؛ ليتحول بذلك من "تابع" لليمين بزعامة نتنياهو إلى "طامح" لقيادة يمين جديد في إسرائيل.

 

بين الفاشية الفكرية والبرجماتية السياسية

 

بالنسبة لأيديولوجية "ليبرمان"، فهو يعتنق الفكر الصهيوني المتشدد؛ إذ إنه يميني علماني يدعو إلى فصل الدين عن الدولة واعتماد الزواج المدني، ويرى أن هدف الصهيونية هو الحفاظ على دولة ذات قومية واحدة، هي اليهودية، وأن وجود أقلية أخرى كبيرة "عرب 48" يتناقض مع هذا الهدف، ويناقض رؤيته في وجوب الحفاظ على الدولة اليهودية النقية.

 

ويحتل الفاشي الصهيوني "فلاديمير زئيف جابوتنسكي" من ذوي الأصول الروسية، المقام الأول من بين الشخصيات الأكثر تأثيرا في فكر ليبرمان، فكلاهما يرى "أنه يجب على المرء أن يكون عبقريا وقاسيا في ذات الوقت، فإذا حاول أعداؤه مجرد زعزعته، فعليه أن يهاجمهم بصورة شمولية وشديدة جدا".

 

أما عن فكره السياسي، فقد اشتهر بفاشيته الشديدة تجاه العرب والمسلمين، حتى إنه يعتمد فكرة تهجير عرب 48 الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وذلك في إطار مشروعه الكبير للتسوية السلمية مع الفلسطينيين؛ إذ إنه لا يؤمن بفكرة التعايش بين اليهود والعرب، ويرفض قيام دولة فلسطينية، ويعتبر أن حكما ذاتيا للفلسطينيين كما هو متجسد الآن في السلطة الفلسطينية، أمر كاف بالنسبة لهم.

 

وبشكل عام، يؤمن ليبرمان بفكرة "الترانسفير الطوعي" كحل للصراع العربي - الإسرائيلي، لكنه في انتخابات عام 2006، قدم مقترحا آخر يتمثل في عملية "تبادل للأراضي" بين الفلسطينيين وإسرائيل، بشكل يمكن إسرائيل من الاحتفاظ بكتل استيطانية كبيرة في الضفة الغربية، مقابل حصول الفلسطينيين على مدن يقطن بها عرب إسرائيل مثل أم الفحم.

 

ويرى البعض أن فكرة ليبرمان لحل الصراع يتجلى فيها بشكل واضح ما يوصف بـ"الخطاب الكهنوتي - الفاشي" أي الذي يجمع ما بين الديباجات الدينية، والتوجهات العنصرية، فهو يمزج ما بين العنف والوعد الإلهي، وذلك من خلال فكرة طرد العرب كحل لكل المشاكل من خلال ضربة إلهية ساحقة.

 

وبالنسبة لتصوره العام للصراع العربي- الإسرائيلي، فإنه يذهب به إلى حد اعتباره جزءا من الصراع الأكبر بين الغرب والإسلام؛ إذ يرى أن الإسلام الراديكالي يهدد بتغيير الواقع المحيط بإسرائيل، ويفرض عليها واقعا جديدا لم تشهده من قبل، فحسب رؤيته لا ينحسر الصراع في ثالوث "الأرض، والإنسان، والدم"، بل إنه صراع متعدد الزوايا، وزاويته الأخطر هي الزاوية العالمية.

 

فليبرمان يرى أن الصراع نتيجة أساسية للصراع الدائر في العالم كله، بين الإسلام وبين كل ما يخالفه، فالعداوة بين إسرائيل وجيرانها ليست في جوهرها عداوة على الأرض، وإنما على الهوية وعلى الطابع اليهودي لدولة إسرائيل، وعلى مصير الحلم الصهيوني، ويعتبر ليبرمان أن التجربة أثبتت وجهة نظره، فإسرائيل تنازلت عن حوالي ما يقارب من ثلث مساحة أراضيها كاملة "يقصد فلسطين من البحر إلى النهر"، ولم يتحقق السلام, وما تحقق هو المزيد من الصراعات مع العرب والمسلمين.

 

ويخرج ليبرمان من خلال نظريته السياسية والفكرية بنتيجة مفادها أن حل الصراع يكمن في عملية تبادل للأراضي والسكان بين إسرائيل والفلسطينيين؛ إذ إن هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الطابع اليهودي لإسرائيل، وتجسيد طموحاتها الصهيونية.

 

ويضع ليبرمان خطة واضحة المعالم لتنفيذ هذه الفكرة، والتي تتمثل في سعي إسرائيل للفصل بين القطاع والضفة ديمجرافيا وسياسيا، واتخاذ سيطرة حماس على غزة كمبرر للضغط نحو نقل مسئوليته إلى حلف شمال الناتو أو الاتحاد الأوروبي.

 

كما عبر "ليبرمان" بشكل أوضح عن تلك الرؤية من خلال الوثيقة التي تقدم بها في عام 2007 للكنيست، وذلك في أعقاب تزايد الجدل في الداخل الإسرائيلي حول إمكانية التنازل عن القدس والاعتراف بإقامة دولة فلسطينية، والتي أشار فيها إلى أن حل الصراع ينبغي أن يشمل اتفاقا سكانيا، وتبادل مناطق، بحيث يضمن وجود دولتين قوميتين متجانستين، ولا ينتج أمرا واقعا يكون فيه دولة ونصف دولة للفلسطينيين، ونصف دولة لليهود، وعدم القبول بواقع تقوم فيه دولة فلسطينية دون أن تشمل يهوديا واحدا، وفي المقابل تتحول دولة إسرائيل لدولة ثنائية القومية وتشمل أكثر من 20% من أبناء الأقلية.

 

أما على مستوى السياسات الداخلية، فبرنامج حزب لييبرمان كما هو منشور على موقع الحزب www.beytenu.org.il يطغى عليه مفهوم "الأمن"، فهو يهدف بالأساس إلى تحقيق أمن قومي وسياسي واجتماعي وتعليمي بل شخصي للمواطن الإسرائيلي.

 

فبخلاف التعامل مع التهديد الفلسطيني الذي قدم حوله وثيقة لمواجهته، فإن برنامج الحزب يقوم على فكرة تغيير نظام الحكم في إسرائيل إلى نظام حكم "رئاسي"؛ لأنه باعتقاده يخفف من وطأة الرضوخ للضغوطات في الاتفاقات الائتلافية الحزبية، كما أنه يدعو إلى استقالة الوزراء من البرلمان، على غرار النظام القائم في النرويج.

 

وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي فهو يدعو إلى تبني نموذج الاقتصاد الحر، وأن يصبح المجتمع الإسرائيلي منفتحا على كل التيارات والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية، كما يعتبر أن التضامن الاجتماعي هو أكثر ما يحتاج إليه المجتمع الإسرائيلي في الوقت الحاضر.

 

وحول التوجهات السياسية والفكرية لليبرمان يعلق البروفيسور "داني جوتوين" الخبير في الشئون الصهيونية بجامعة تل أبيب، بالقول إن سياسات وأفكار أفيجدور ليبرمان هي "النموذج الأكثر حداثة للفاشية الإسرائيلية"، فهو يسعى إلى تأجيج الصراع في المنطقة، من أجل ترسيخ سيطرة رأس المال على الاقتصاد والسلطة، ومأسسة العنصرية تجاه مواطني إسرائيل العرب وإلغاء الديمقراطية.

 

في حين اعتبر الدكتور "رون برايمان" الخبير في الشئون الحزبية الإسرائيلية في مقابلة معه على القناة السابعة الإسرائيلية، أن سياسات وأيديولوجية ليبرمان يطغى عليها "التوجه البراجماتي" فهو يظهر على أنه يميني متشدد للغاية، لكن سياساته الداخلية تبرهن على أنه تحالف أكثر من مرة مع اليسار ويمين الوسط، وليس أدل من ذلك على دخوله لحكومة أولمرت على الرغم من فشلها الذريع الذي تحقق عقب حرب عام 2006؛ إذ إنه عادة ما يعرف الطريق الصحيح لخدمة مصلحته الحزبية والسياسية.    

 

سيخافون مني!

 

أكثر ما كان لافتا في الحملات الانتخابات القائمة حاليا في إسرائيل، هو تصاعد ما بات يعرف في داخل إسرائيل بـ"الظاهرة الليبرمانية"، تلك الظاهرة التي باتت تشق طريقها بأسرع مما تستطلعه مراكز الأبحاث واستطلاعات الرأي المختلفة.

 

فقد تمكنت "الليبرمانية" من تبوء مكانة "مرموقة" للغاية في أوساط المجتمع الإسرائيلي، فبعد أن كانت حكرا على الروس الذين هاجروا في مطلع التسعينيات إلى إسرائيل، وكان ينظر إليهم على أنهم مجموعة من "الغوغاء"، أصبح لليبرمانية - كمعبر عن الجمهور الروسي في إسرائيل- شأن وقدر لا يمكن الاستهانة به.

 

وتبدت قوة "ليبرمان" السياسية والشعبية، بشكل قوي للغاية خلال الفترة الأخيرة، وكان أبرز دليل على ذلك أنه على الرغم من اتهام سبعة من المقربين له –من بينهم ابنته- بقضايا فساد، فإن حزب "ليبرمان" لا يزال يحظى بالمرتبة الثالثة من بين الأحزاب المتنافسة على الانتخابات؛ وذلك على الرغم من حساسية قضايا الفساد التي يُتهم فيها سياسيون في إسرائيل؛ إذ إنها دائما ما تطيح بهم، مثل ما حدث مع الرئيس الإسرائيلي السابق "موشيه كاتساف" ورئيس الوزراء المستقيل "إيهود أولمرت".

 

هذه القوة الليبرمانية الصاعدة، أثارت المخاوف الشديدة داخل أروقة الأحزاب الأخرى المتنافسة، حتى بات يعرف ليبرمان وحزبه باسم "البعبع الروسي"، فأكثر الطُرف السياسية المتعلقة به في الوقت الحاضر تتمثل في عبارة "الروس قادمون" التي كانت تثير الرعب في دول المعسكر الرأسمالي، عندما كان الاتحاد السوفيتي قويا آنذاك.

 

لكن هذا "البعبع" تجاوزت المخاوف التي يثيرها حدود الداخل الإسرائيلي، ليهدد هو نفسه –أي ليبرمان- بإخافة العرب في حال ما حقق نجاحا كبيرا في الانتخابات القادمة، ففي حوار أجرته معه "سيما كدمون" مراسلة الشئون الحزبية في صحيفة يديعوت أحرونوت، أكد "ليبرمان" أنه في حال ما أصبح وزيرا للدفاع في الحكومة القادمة، فإن "العرب سيخافون مني"؛ إذ إنه سيقوم باتخاذ قرارات قوية وحازمة وغير مترددة تجاه حزب الله، ولن يترك لهم زمام المبادرة كما حدث في السابق، وسيجعلهم يدفعون ثمنا باهظا يدفعهم إلى التراجع عن مسعاهم.

 

أما عن غزة فقد أكد أنه من الضروري ضرب "أثرياء غزة" أي قيادات حماس، فأولئك هم الذين يوجد لديهم ما يخسرونه، ومن الأفضل استخدام القوة معهم لتحقيق "ردع نفسي"، والبرهنة للعدو أن لدى إسرائيل قدرة على البقاء وأنها ليست "نمرا من ورق".

 

وفيما يتعلق بسوريا، فهو لا يجد أي سبب للتفاوض مع دمشق، حتى إن أبدى "الأسد" استعدادا حقيقيا للسلام، فليس هناك سلام مقابل الأرض، حسب ليبرمان، وإسرائيل تنازلت حتى آخر شبر تستطيع التنازل عنه، كما أنه يرى أن أي استفزاز سوري حتى لو كان بسيطا، ينبغي الرد عليه بحزم.

 

وفيما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين، يرى ليبرمان أن "أبو مازن" من الصعب أن يكون شريكا في التسوية السلمية، وأن كلا من مصر والأردن يجب أن يشاركا فيها من خلال تعهدات والتزامات مشتركة، في نفس الوقت الذي تقوم فيه السلطة الفلسطينية بتفكيك المنظمات الإرهابية المعادية لإسرائيل.

 

وبالنسبة لإيران التي يعتبرها التهديد الإستراتيجي الأول لإسرائيل، فإنه يرى أنه سيكون الأقدر على التعامل مع هذا الملف؛ حيث يؤكد أن هناك أمورا كثيرة سيفعلها لكنه رفض الإفصاح عنها في الوقت الراهن.

 

ومع ذلك أشار إلى أن المجتمع الدولي فشل في حل أزمة إيران وكوريا الشمالية، وإسرائيل لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي طوال الوقت، مشددا على أن المواجهة ما بين إسرائيل وإيران تجعل الإسرائيليين في وضع "نكون أو لا نكون".

 

وعلى الرغم من وصف "ليبرمان" نفسه بأنه ليس ثرثارا؛ لأنه يمتلك القوة، ومن يملك القوة لا يحتاج للثرثرة الفارغة، حسب قوله، فإن هناك من يعتبر أن أفكاره وتصريحاته الخاصة بالعرب مجرد "ثرثرة وحسب" كما يصف "إيتان هابر" الصحفي في يديعوت أحرونوت، ويتفق معه في هذا الرأي الصحفي الإسرائيلي "ناحوم برنباع" الذي يعتبر تصريحات ليبرمان شكلا من أشكال الهذيان اللفظي.

 

ولكن بغض النظر عن كون "ليبرمان" ثرثارا أم لا، فإنه يظل تعبيرا متبلورا عن التيار العنصري اليميني المتطرف، فهو كما وصفه الصحفي الإسرائيلي "يتسحاق ليئور" دودة ضخمة نبتت وترعرعت في حقل القثاء هذا "أي في الساحة السياسية الإسرائيلية".

 

وفي الوقت الراهن استطاعت هذه "الدودة" أن تنخر حتى يكون لها مكان مهم على الخريطة السياسية الإسرائيلية بشكل يمكنها من المشاركة الفعلية في صنع القرار بإسرائيل، ما يمكن "ليبرمان" بالفعل من تحقيق تهديداته بأن يكون بعبعا للعرب.