خبر لنضرب حماس بأطراف الأصابع وليس بالمطرقة.. هآرتس

الساعة 10:13 ص|03 فبراير 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

الحرب احيانا مثل تناول مأدبة عن طريق التذوق. لقمة فاخرى فاخرى حتى الوصول الى لحظة نشعر فيها بألم في البطن. وفي لحظة ما يشعر المتذوق ان الوجبة لم تكن جيدة كما يعتقد. هذا ما حدث لنا في عملية "الرصاص المصهور". عرفنا ما الذي نريد تحقيقه ولكننا لم نعرف متى نتوقف بالضبط. اسباب هذه العملية كانت مبررة بالتأكيد. لا جدل حول ذلك. ومثلما اوضحت الحكومة لكل من يريد ان يسمع – لا يعقل وضع تتحمل فيه دولة اطلاق الصواريخ على مواطنيها وفي مدى آخذ في الاتساع. اولا سديروت ومن ثم اسدود، بعد ذلك جاء دور بئر السبع – عاصمة النقب. ولو واصلنا ضبط النفس لاستيقظنا ذات صباح مع سقوط الصواريخ على تل ابيب. العالم قابل هذه العملية بتفهم.

العملية تسببت بارتياح قادة المنطقة المعتدلين الذين يتابعون تفشي الاسلام المتطرف وعلى رأسه ايران بقلق. الاردن صمت ازاء العملية ومصر لم تكتفي بعدم ذرف دمعة واحدة – بل بذلت مساعيها للتوصل للتسوية. وسوريا جلست هادئة من دون ان تكشف حقيقة انها تخشى من مصير مشابه في الضفة. لم يكن هناك تضامن جلي مع حماس عدا عن الدعم الدولي المطلق لاسرائيل. تفسيرنا – الذي بدأ بالكلمات "هل كنتم ستصمتون لو قصفت لندن وباريس بنفس الطريقة؟" فعل فعله. المشاكل بدأت عندما لم نعرف اين ندوس على الفرامل.

من المهم القول اننا شاهدنا الجيش الاسرائيلي في هذه المرة مختلف بصورة كبيرة جدا خلافا لما حدث في حرب لبنان، بفضل قيادة الفريق، جابي اشكنازي رئيس هيئة الاركان هذا هو القائد العسكري غير السياسي الوحيد الذي كان لنا في هذا المنصب. يركز على بناء الجيش وليس على كيفية الوصول الى رئاسة الوزراء. يعترف بصلاحيات الحكومة ويتشاور مع المجلس الامني المصغر:- انتم حددوا الهدف وانا اقول لكم ما هو الممكن.

الا ان المجلس الامني المصغر الذي يراقب الانتخابات الوشيكة توقع منه شيئا اقرب الى سحق حماس. المداولات في المجلس الامني المصغر جرت تحت سحابة الخلافات الشخصية والسياسية بين الوزراء. الطرف الذي كانت له الصدارة في التطرف هو رئيس الوزراء ايهود اولمرت الذي يحاول الخروج من اخفاقات حرب لبنان الثانية متحفزا ومندفعا ويرغب في انهاء ولايته مع احراز النصر ليتوجه بعدها الى التحقيقات الدبلوماسية.

وفي موازاة تسيبي لفني التي سئمت قولهم عنها انها لا تفهم في الامور العسكرية وتسعى لاظهار حماسها وتشددها في كل ما يتعلق بالحرب ضد حماس.

هناك من يقولون انه كان من الواجب الاكتفاء بالمرحلة (أ) من الهجمة والتدمير الواسع لرموز الحكم هناك. ولكن مواصلة الهجوم تسببت بدخول الدبابات والولوج في الحرب رويدا رويدا. هذه الحرب التي هي "من اكثر حروب اسرائيل عدالة ومصداقية" كما كان شارون يقول، تحولت الى هدف للانتقادات الدولية بسبب القتل الواسع للابرياء. صحيح ان قادة حماس يستخدمون المدنيين كدروع بشرية ولكن من الخسارة ان تحولنا هذه العملية الصادقة جدا في نظر العالم الى "قتلة الاطفال".

اولمرت ولفني كما اسلفنا ليسا في حالة غرام ولكن الانتخابات تفرض نفسها وكلاهما تحديا صلاحيات ايهود باراك في اتخاذ قرار حول اللحظة التي استنفدت فيها العملية ذاتها. باراك كان محقا عندما تبنى مقولة هذه العبارة التي تهز الابدان، تشير الى اننا قد اجتزنا الحدود ليس في نظر العالم فقط وانما في نظر انفسنا ايضا. صحيح انهم ما زالوا يطلقون النار من غزة ولكن ما من شك ان هذا عمل استعراضي قبل وقف اطلاق النار. على الحكومة ان لا تسقط في هذه المصيدة وان لا ترد "بصورة غير متناسبة" من الافضل استخدام اطراف الاصابع وليس المطرقة.