خبر ليبرمان يعود من غزة .. هآرتس

الساعة 11:05 ص|02 فبراير 2009

بقلم: اسحق ليئور

هل كان من الواجب تقديم القادة الصرب في البوسنة للمحاكمة امام محكمة لاهاي الدولية بسبب قصفهم لسراييفو؟ يبدو ان اغلبية الاوساط الليبرالية في البلاد تعتقد ان ذلك صحيح. هناك سيتقرر ان كانت الظروف قد سمحت بقصف المدينة، ولذلك هناك حاجة للمحكمة، لان في هذا العالم "تجمعات قومية" تلغي "المسموح" و "المحظور" بالنسبة للغير. وهل يتوجب تاييد تقديم قادة كبار في الجيش الاسرائيلي للمحاكمة؟ الاوساط التي تؤيد عندنا اجراء محاكمة لمن قصفوا سراييفو ترفض تسليم ضباط اسرائيليين في لاهاي.

الاوساط الليبرالية عندنا لا تمتلك الشجاعة لرسم خط احمر بينها وبين ما جرى في غزة، الخسارة من نصيبها هي. بعد سنوات سندفع ثمن الوقوف من وراء الجيش وكانه هو "جزء منا" وكاننا نحن "الذين ارسلناه" وليس السلطات الحاكمة. الخلط بين الحكم وبين الناس البسطاء نابع ايضا من غياب اية انتقادات اخلاقية للجيش من خلال افتراض ما بأن الاخلاق هي امتيازات فاخرة مترفة ومن الواجب التجرد منها مثل الامور المعرقلة والعقد الاخرى.

الان حيث تهدد المعركة الانتخابية بايصال ليبرمان الى مستوى القائد الوطني يجدر ان نتذكر ان الحكم هو الذي يحدد النغمة السائدة.

اليكم مثلا على ذلك:- حققوا في حرب لبنان لمدة طويلة وكل ما "نجح لنا" و لم "ينجح". جرائم الحرب التي نفذت في تلك الحرب لم تذكر حتى في تقرير فينوغراد. ازالة حي الضاحية الجنوبية في بيروت وقتل الرضع في كفر قانا واطلاق القنابل العنقودية لم تتعرض للبحث بالمرة. النفور من الحرب تحول الى نفور من الفشل.

الموقف من حاييم رامون ميز الطريقة التي تم فيها كنس الحرب تحت السجادة وشق الطريق الى فظائع غزة:- تصريحاته حول الحاجة لتدمير قرى لبنانية مر بلا احتجاج. وفي نفس الوقت تم التنديد به لانه قبل ضابط بالاكراه. اما اسهامه في حرب غزة بما في ذلك تصريحاته المغالية العلنية حول الحاجة لمواصلة الهجوم بلا توقف فلم يطالبه احد بالتحقيق فيها.

ليس الشارع هو الذي يحدد النغمة السائدة. الشارع يستوعب ما يفعله الحكم السائد، الجزء من القيم العليا. اليكم التفسير الافضل لعجز المعتدلين اثر كل حرب، هم يؤيدون الحرب حتى يحسنوا مواقعهم في مواجهة اليمين وبعد ذلك يستغربون بسبب عدم ارتفاع قوة "الجنرال المعتدل" وانما قوة ذاك الذي عرف كيف "يضربهم". وكأن هناك فرق او لذلك اهمية.

عندما تقصف المدافع الاطفال ويطالبنا الحكم بكل الناطقين باسمه ان نظهر "الانتصار" فعليا، وعندما لا يستطيع المعتدلون انشاء حوار جدل ونقاش مقابل في وقت مبكر وينجرون وراء الحرب وكانهم لا يعرفون نتائجها، تظهر صورة افيغدور ليبرمان من الدخان والاراء العنصرية على شاكلة "ليبرمان يعرف العربية" اي انهم يقولون ان العربية ليست لغة يتوجب تعلمها وانها قبضة.

من اين جاءت هذه  القيم المعربدة؟ من النظام القديم. الا ان صياغات ومواقف كثيرة لم تكن في الماضي جزءا من الجهاز العلني وكانت سرية ولا تقال الا في الغرف المغلقة. يد كانت تفعل امورا لا ترتكب واخرى توزع اغاني الشجب التي يؤلفها الترمان. ولكن ما حدث منذئذ حتى الان هو ضياع الخجل. ان لم تكن عملية غزة امرا مخجلا وانما تضامنا شعبيا واسعا مع الجيش البطولي فلماذا يخجل ناخبو ليبرمان من تأييده؟ ليبرمان هو المنطق العنصري الذي يهيمن على حياتنا ويطغى عليها: من المسموح لنا ان نفعل بهم ما نريد لانهم محظورون من فعل اي شيء لنا. نحن السادة. هذه نتائج الحرب والانتخابات.