خبر يجب التصالح مع الإسلام-هآرتس

الساعة 10:35 ص|01 فبراير 2009

بقلم: موشيه معوز

(هو بروفيسور في الدراسات الاسلامية والشرق اوسطية والجامعة العبرية في القدس)

(المضمون: يتوجب على اسرائيل والولايات المتحدة والغرب ان يغيروا موقفهم من الاسلام وينتقلوا من التناحر معه الى الحوار والتعاون من اجل مصلحة الجميع - المصدر). 

بعد سنوات طويلة من التنديد بالاسلام – خصوصا في الولايات المتحدة واسرائيل – باعتباره عدو الحضارة الغربية ومنبع اللاسامية الجديدة، يدعو الرئيس الامريكي الجديد براك حسين اوباما الان لاقامة علاقات جديدة مع العالم الاسلامي، تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

هل تدلل دعوة اوباما الدراماتيكية على سذاجته وامانيه غير الواقعية ام انه يشير الى رؤية استراتيجية جريئة ونظرة سياسية ثورية وانقلابية تعتبر احد اهدافها المركزية حل الصراع الاسرائيلي – العربي – الفلسطيني؟ هل يمكن توقع انخراط رئيس وزراء اسرائيل القادم في هذا النهج؟

منذ التسعينيات تراكمت وتزايدت التصريحات الشديدة ضد الاسلام عموما من قبل قادة ومنظرين وخطباء متدينين مسيحيين ويهود، وكذلك سياسيون وصحافيون واكاديميون في امريكا واسرائيل واوروبا. المختص في العلوم السياسية صمويل هانتيغنتون، الذي توفي قبل اسابيع قلائل ادعى في عام 1969 ان الاسلام ذو نزعة قتالية وانه ملطخ بالدم. الرئيس جورج بوش تحدث في 2006 عن "الفاشية الاسلامية" وفي نفس العام اعتبر البابا بانديكتوس السادس عشر الاسلام "حاقدا وغير انساني".

ما من شك ان اعمال المسلمين الارهابية جديرة بكل تنديد وشجب. يتوجب مكافحة التنظيمات الارهابية الاسلامية بلا هوادة من خلال التعاون مع دول وجهات اسلامية معتدلة. نفس الشيء بصدد التصريحات اللاسامية المناهضة للغرب التي يقلقها رجال دين مسلمين متطرفين. ولكن اعتبار الاسلام عموما عدو للغرب واليهود مضلل وقد يزيد حدة العلاقات بين المسلمين والمسيحيين واليهود، بل سيؤدي الى حروب دينية دموية.

على امتداد التاريخ، الى جانب فترات الصراع، كانت هناك ايضا فترات حوار وتعاون بين الدول الاوروبية والاسلامية. علاقة مسلمين كثيرين باليهود لم تتميز فقط بالصبغة التنحارية الدينية والاحتقار، وانما شهدت ايضا تسامحا وتعاونا وعموما كانت افضل بدرجة لا توصف من الموقف السائد في البلاد المسيحية من اليهود.

اليوم ايضا، اغلبية الدول الاسلامية تمتلك علاقات معقولة بل جيدة مع الولايات المتحدة واوربا وكثيرات منها مع اسرائيل ايضا. هذه العلاقات ليست نابعة في الاغلب من دوافع دينية – ايديولوجية، وانما تقوم على اسس ومصالح متبادلة ومن بينها مكافحة التنظيمات الارهابية الاسلامية التي تشكل خطرا ايضا على الانظمة الاسلامية البراغماتية.

اوباما طرح خلال خطاب تتويجه شعار مكافحة الارهاب والمصالح المشتركة بين الدول الاسلامية والولايات المتحدة. هو بالتاكيد يعر ف ان التعاون ضد المتطرفين الاسلاميين يجب ان لا يكون محصورا بالمجالين الاستخباري والعسكري. على الولايات المتحدة ان تساعد الانظمة البراغماتية في معالجة جذور التعصب والارهاب، وخصوصا التعليم الممنهج المغرض في المدارس الدينية، ومعالجة الضائقة الاقتصادية والاجتماعية والمشاكل السياسية مثل الوجود الامريكي في العراق والصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

اوباما تطرق الى هذه المشاكل في قراراته باجلاء قواته عن العراق خلال فترة قصيرة والعمل بصورة قوية لحل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.حلا مقبولا ومتفق عليه لهذا الصراع العميق بما في ذلك قضية القدس، سيقلل من مستوى العداء عند مسلمين كثيرين لاسرائيل ويحسن العلاقات بين الدول العربية والاسلام مع اسرائيل والولايات المتحدة بدرجة لا توصف.

الوصفة المعطاة للحل موجودة منذ الان في خطط مثل تلك التي طرحها ميتشل وكلينتون ومبادرة جنيف ومبادرة الجامعة العربية. حل المشكلة الفلسطينية هو مصلحة مشتركة للفلسطينيين والدول العربية والاسلامية والولايات المتحدة، التي تعيد من خلال ذلك بناء صورتها ومكانتها في الدول والعالم. هذه بالنسبة لاسرائيل مصلحة ضرورية وتحدي تاريخي: وجود دولة يهودية – ديمقراطية تنخرط في المنطقة وتقليص الميول اللاسامية في اوساط المسلمين والمسيحيين على حد سواء.