الملعب السوري - هآرتس

الساعة 01:30 م|05 أغسطس 2019

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: الى حين انهاء روسيا وتركيا والولايات المتحدة منافسة لي الاذرع فان المدنيين السوريين سيستمر قتلهم وتهجيرهم من بيوتهم -المصدر).

كم هو عدد الاشخاص الذين قتلوا في الاشهر الثلاثة الاخيرة في سوريا؟ وكم هو عدد من هربوا منها وكم هو عدد من تم تهجيرهم من بيوتهم؟ حسب معطيات المنظمة السورية لحقوق الانسان، على الاقل 450 مواطن قتلوا منذ شهر نيسان الماضي، وأكثر من 450 ألف شخص تم تهجيرهم من بيوتهم أو هربوا الى تركيا.

هذه الارقام لا تشمل الـ 75 قتيل في الاسبوع الماضي أو الذين قتلوا اثناء كتابة هذه السطور. لأنه رغم التوقيع على اتفاق وقف اطلاق نار (آخر) الذي تم التوصل اليه في الاسبوع الماضي في كازاخستان، إلا أن اطلاق النار لم يتوقف. قوات النظام واصلت قصف مواقع في ادلب التي تجمع فيها أكثر من 50 ألف مسلح. رجال المليشيات الذين نقلوا اليها مكان سكنهم في اعقاب اتفاقات وقف اطلاق نار سابقة – ايضا في المحافظة التي يعيش فيها 3 ملايين نسمة.

ادلب هي الهدف القادم – هي المحافظة الاكبر التي تزعج الاسد من اجل استكمال سيطرته على الدولة. جيوب المقاومة ما زالت تعمل في محافظات كثيرة في الدولة، وداعش ايضا لم يوقف تماما عملياته. الاعلان عن انهاء الحرب ضدها خلقت شعور مضلل بأن التنظيم تمت تصفيته. صحيح أن سيطرة داعش الجغرافية صفيت، ولكن مقاتلوها، سوريون واجانب، يظهرون ويعملون في محافظات كثيرة. الآن وضع داعش "قنبلة موقوتة" سياسية، تهدد العلاقات بين الدول الاوروبية والولايات المتحدة. الرئيس ترامب هدد في الاسبوع الماضي بأنه اذا لم توافق الدول الاوروبية على أن تتسلم نشطاء داعش المعتقلين في المعسكرات في سوريا، ومنهم حوالي 800 في أيدي القوات الكردية، فهو سيطلق سراح المعتقلين وينقلهم الى اوروبا. من المهم معرفة كيف سيتم تنفيذ هذا الامر بالضبط.

ادلب هي حبة البطاطا الساخنة التي تثير التوتر ايضا بين انقرة وواشنطن وبين تركيا وسوريا وروسيا. تركيا اعلنت بأن "صبرها على الولايات المتحدة آخذ في النفاد". وبنفس هذه الكلمات بالضبط استخدمت سوريا من اجل التعبير عن نفاد صبرها على السلوك التركي. قبل سنة وقع اتفاق بين تركيا وروسيا، الذي بحسبه تركيا تكون هي المسؤولة عن نزع سلاح المليشيات في ادلب كشرط لعدم احتلال المدينة من قبل القوات السورية. حتى الآن تركيا لم تف بوعدها رغم ضغط روسيا الثقيل. في المقابل، هي تهدد بشن حملة احتلال واسعة في سوريا من اجل السيطرة على المناطق الحدودية بينها وبين سوريا في شرقي نهر الفرات من اجل "تطهير" المنطقة من التواجد العسكري للمليشيات الكردية التي تعتبرها تهديدا على أمنها القومي.

هذا بالضبط هو الامر الذي تخشى منه الولايات المتحدة التي تدافع عن الاكراد، حلفائها الذين حاربوا معها بنجاح ضد داعش. النقاشات التي اجراها مؤخرا جيمس جيفري، ممثل الولايات المتحدة للشأن السوري، مع تركيا، لم تثمر عن اتفاقات. تركيا تطالب بانشاء منطقة آمنة على طول 40 كم وعمق 20 كم بحيث تتولى المسؤولية الحصرية عليها. الولايات المتحدة توافق على منطقة اضيق بكثير، بعمق 5 – 14 كم، تكون المسؤولية عن ادارتها مشتركة (امريكية – تركية). هذه الفجوات تخلق لواشنطن معضلة صعبة مثل شراء صواريخ "اس400" الروسية من قبل تركيا. هل ستفرض على تركيا بالقوة وقف طموحها الجغرافي في سوريا، أم ستتراجع وتكتفي بتفاهمات مرنة تمكنها من سحب قواتها من سوريا – كما قرر ترامب في نهاية السنة الماضية.

لنتائج منافسة لي الاذرع التي تديرها تركيا مع الولايات المتحدة، تنتظر بنفاد صبر ايضا روسيا، التي تطمح الى انهاء قضية ادلب بسرعة من اجل الانتقال الى مرحلة الحل السياسي. هي ايضا تقف امام معضلة معقدة. اذا قررت تركيا الغزو فان روسيا ستضطر الى الوقوف الى جانب سوريا والمطالبة بانسحابها. ليس لأنه يوجد تعهد روسي للاكراد، بل من اجل مساعدة الاسد على طرد كل القوات الاجنبية (باستثناء الروس بالطبع). مطلب كهذا يمكن أن يخدم ايضا مصلحة اسرائيل والولايات المتحدة اللتان تطمحان الى طرد ايران من الاراضي السورية.

ولكن دعم روسيا لمطالبة الاسد بسحب قواتها من شأنه بالتحديد الآن، لا سيما بعد أن اجتازت تركيا الخطوط وتصادمت مع الولايات المتحدة واشترت انظمة صواريخ "اس400"، أن تعتبر كخطوة كاسرة للثقة، توضح لتركيا عمق الخطأ الاستراتيجي الذي قامت به عندما فضلت اتفاق مع روسيا على الطلب الامريكي. تركيا من ناحيتها يمكن أن تعتقد بأنها معفية الآن من الضغط الروسي وأنه يمكنها شن عملية "اورانيم" كبرى خاصة بها في كل المنطقة الكردية في سوريا. ولكن ليس لديها ضمانة في أن تسمح روسيا لها طوال الوقت بالسيطرة على المحافظات السورية، خاصة ليس في الوقت الذي تسعى فيه روسيا الى أن يشارك الاكراد في العملية السياسية كجزء من الحل الشامل.

الى حين انهاء روسيا وتركيا والولايات المتحدة فحص حدود التوتر في الحزام المرن الذي يربطها بمنطقة ادلب والقطاع الكردي، فان المدنيين السوريين سيستمر قتلهم واصابتهم واقتلاعهم من بيوتهم بدون مساعدة وبدون حماية. منظمات الاغاثة ستواصل تجميع الاموال من اجل مساعدة المهجرين واللاجئين. ومنظمات حقوق الانسان ستصدر التقارير المعتادة عن عدد المصابين وسيتجادلون حول عددهم الدقيق. والامم المتحدة ستطلب من جميع الاطراف ضبط النفس.