خبر مسمار المساء / معاريف

الساعة 09:50 ص|30 يناير 2009

بقلم: بن كاسبيت

        (المضمون: ليبرمان هو الظاهرة الاكثر سخونة في الانتخابات الوشيكة في اسرائيل وبيرس يبدأ بالتحدث عن الانسحاب حتى خطوط حزيران بينما يفضل نتنياهو المسار السوري - المصدر)

        سجلوا: ثمانية عشرة مقعدا. هذا ما يفترض ان يحصل عليه ليبرمان في الانتخابات. هذا على الاقل، العدد الذي حصل عليه ايفيت في يوم الاربعاء من مستشاره الاستراتيجي ارتور فينكلشتاين. لا يوصى الاستخفاف بهذا الرقم. فينكلشتاين يمتلك سمعة من يعرف كيف يتنبأ دائما بنتائج الانتخابات. اسبوعا حتى اسبوعين مسبقا. استطلاعاته المعمقة التي اجراها تحتوي بين 300 حتى 400 صفحة متراصة، ومن ضمنها مئات الجداول، والاف الارقام والمعطيات والاسهم التي لا يفهم فيها احد شيئا. فينكلشتاين يستلم هذا الكتاب السميك ويبدأ بالعمل من خلال الطرق المميزة التي طورها لنفسه هو رياضي من حيث التخصص وهو يؤمن بالارقام.

        هذا ما حدث في 96 مع نتنياهو ارتور اصاب الهدف. وهذا ما حدث في 2006 مع ليبرمان. صناديق العينة منحت ايفيت 13 حتى 15 مقعدا اما فينكلشتاين فقد كان قد قال قبل اسبوع انه سيحصل على 11 وهذا ما حدث. خلال الانتخابات التمهيدية الاخيرة التي جرت في كاديما بين تسيبي لفني وشاؤول مفاز  خمن فينكلشتاين ان مفاز سيحصل على 43.1 في المائة. هذا ما صرح به المرشح في مؤتمره الصحفي متحولا الى مهزلة ومثارا للسخرية. في يوم الانتخابات تبين ان مثار السخرية هم بقية المستطلعين الذين كانوا قد قالوا انه سيحصل على قرابة 20 في المائة بينما ستصل لفني الى 50 في المائة. وهكذا حصل مفاز في الواقع على 42.1 في المائة، اي ما تنبأ به ارتور تقريبا، ولكن صندوقا واحدا محسوبا على مفاز احرق ولم يحصى ضمن الاعداد. كانت في هذا الصندوق اكثر من 400 ورقة. وحتى لو حصل على نصف اصوات هذا الصندوق لوصل الى الرقم الذي توقعه ارتور بالضبط. الوحيد في اسرائيل الذي يقترب من ارتور في مستوى تنفيذ الاستطلاعات هو اسرائيل باخار الذي يجري الاستطلاعات لنتنياهو. ما الذي يجب ان نفهمه من كل ذلك؟ لا شيء في الوقت الحالي. الثمانية عشرة مقعدا هي في الوقت الحالي نتيجة لاستطلاع معمق اجراه فينكلشتاين وممثله في البلاد جورج بيرنباون، في يومي الثلاثاء والاربعاء من هذا الاسبوع. هذا ليس الرقم النهائي الذي يعطينا اياه فينكلشتاين بعد وعليه ان يجري حساباته قبل ذلك.

        من ناحية اخرى الامر البارز في المعطيات هو حقيقة ان ناخبي ليبرمان هم الاكثر تصميما من بين كل الاحزاب. لديه نواة صلبة حقيقية. سيشاركون في الانتخابات بمعدلات عالية وسيكون النادمون قلائل. بعدهم ياتي الليكود ومن ثم العمل وفي اخر المطاف كاديما. هذا الامر لا يغير حقيقة ان الانتخابات الحالية للكنيست تجري وتتصرف بصورة غريبة تقريبا. ايضا الانحرافات بين المستطلعين المختلفين غير عادية. ان استطاع ارتور فينكلشتاين في هذه المرة ان يصيب الهدف فاليبرمان هو الامر الاكبر الاتي في السياسة الاسرائيلية، "ايفيت المهدد".

        ليبرمان ليس متفاجئا من نفسه. لديه خطة عمل منظمة. في المرة السابقة عرف انه سيجتاز خط العشرة مقاعد، وفي هذه المرة خطط اجتياز خط الخمسة عشرة مقعدا. فماذا عن المرة القادمة؟ الله اكبر. هو تحول الى الحصان الاسود في المعركة الانتخابية. مسمار المساء. الجميع يهتمون به. ميرتس تركز حملتها عليه. والاحزاب العربية تحصد على ظهره الاصوات. تسيبي لفني تعول عليه ونتنياهو يخاف منه اما شاس فتفقد الناخبين لصالحه. الشرطة تحقق معه. ان كان هنا شيء ساخن في السياسة الاسرائيلية فهو ليبرمان. ساخن؟ لا بل ملتهب.

        احدهم جلس قبل عشرة ايام مع ضابط كبير متقاعد في الشرطة. هذا الضابط الذي يمتلك علاقات ومعلومات اليوم ايضا، بشره بان التحقيق مع ليبرمان سيستانف قريبا بوتيرة اسرع. قبل الانتخابات؟ اجل قبل الانتخابات. لماذا؟ لانهم مصممون على منعه من الوصول الى منصب رفيع، قال الضابط. هم يعرفون ان التحقيق سيضيف له الاصوات ولكنه في المقابل سيمنعه من التعيينات. نبوءة هذا الضابط تحققت.

        ماذا سيكون مصير التحقيق؟ هذا ليس معروفا بعد. من الناحية الاخرى المواد المتوفرة صعبة. المال تدفق واودع ومن ثم سحب. ابنة ليبرمان تحصد الملايين نتيجة لقيامها بتقديم استشارات سياسية وهي لم تبلغ 22 عاما من عمرها بعد؟ هناك حدود لما يمكن تصديقه. عندئذ يتذكر الناس شخصا اسمه جلعاد شارون الذي تحول في غضون ذلك الى محلل سياسي ومنظر للناس. الرجل حصل على الملايين من دودي افل مقابل الدخول لبضعة ساعات في شبكة الانترنت ليخرج منها مع والده بعد ذلك مثل الطفل. اذا فكل شيء ممكن.

        اليكم السيناريو المتوقع: ليبرمان يجلب خمسة عشرة مقعدا واكثر من ذلك. الليكود – فوق الثلاثين. تحقيق الشرطة يتقدم ويصل الى حد لائحة الاتهام. ليبرمان يخرج من السباق. من التالي في الدور؟ عوزي لاندو. المرتبة الثانية، لا؟ هو سيعود لليكود ويوحده مع "اسرائيل بيتنا" الامر الذي يحول الحزبين الى حزب غولي ضخم يمتلك خمسين مقعدا تقريبا. نتنياهو سيكون رئيس وزراء على راس حكومة راسخة لاربع سنوات. وماذا بعد؟ الطوفان. هذا السيناريو رفض من قبل ليبرمان نفسه بسخرية ومعه قيادة "اسرائيل بيتنا".

        في قضية التحقيق يعبر ايفيت عن الهدوء والطمأنينة ويقول ان هذه تفاهات وكلام فارغ مذكرا بانهم يتكلمون مثلما فعلوا مع ملف موشيه قصاب ومن دون ان يكون هناك اي شيء. ليبرمان يقول انه ليس قلقا. حاشية ليبرمان تقول ان هذا لو حدث فلن يكون عوزي لاندو ابدا خلفيته. "عوزي جاء للحزب كمقتنيات من اجل الانتخابات"، يقول احد كبار المسؤولين في الحزب، "هو يعرف ذلك ونحن نعرفه ايضا. وحتى ان اضطر ايفيت لاخذ مهلة زمنية فنحن نعتقد ان "اسرائيل بيتنا" لن يتوحد مع الليكود في يوم من الايام".

        الشخص البارز الى جانب ليبرمان هو عضو الكنيست ستاس مسجنيكوف. هذا الرجل ترك انطباعا ممتازا عندما كان رئيسا للجنة المالية. شاب فصيح ومنطقي. مسجنيكوف كما هو معروف هو الرجل الذي يحث ليبرمان بكل قوة للتصادم مع الليكود. المعلومات الاستخبارية تتضمن تصريحات من عضو الكنيست جدعون ساعر، في اطار داخلي لطاقم الليكود، حيث يقول ان عدو الليكود الاساسي هو ليبرمان وان من الواجب توجيه ضربة له في الراس. في هذه الاثناء يتحمل ليبرمان ذلك بهدوء ويضبط نفسه. ولديه راس قوي.

        من الناحية الاخرى، سينتهي الصبر. في يوم الاربعاء، في مؤتمر القدس اشهرت السكاكين والخناجر. نتنياهو اشار هناك ملمحا بان تقسيم القدس ليس فقط مسالة يتحدثون عنها في اليسار، وانما في اليمين ايضا. بعد ذلك نشر في المدينة خبرا صوتيا غير معروف، بصوت امرأة ، تقول ان ليبرمان قد يقسم القدس.

        عدا عن ذلك تم الدخول الى موقع الانترنت التابع "لاسرائيل بيتنا". وبالاضافة لذلك تدور حرب ضارية بين الليكود واتباع ليبرمان حول الشارع الروسي. مصدر بارز في "اسرائيل بيتنا" صرح منذ مدة غير بعيدة لاحد كبار المسؤولين في الليكود: "نحن لسنا في جيبكم. نحن قادرون على التوصية بلفني امام الرئيس. احذروا. ان صرح ايفيت قبل الانتخابات بيومين ان بيبي ليس موثوقا وانه لن يصدق اية كلمة يقولها، سيكون من الصعب عليكم ان تلتقطوا انفاسكم. لا يجدر بكم ان تتعرضوا لنا".

        في الليكود، في هذه الاثناء، لا يتوخون الحذر بصورة كافية. ليس امامهم مفر. مقاعد ليبرمان اتية من ناحية بيبي. يتوجب التسليم بهذا التسرب او ايقافه. في "اسرائيل بيتنا" يشحذون السيوف. "لفني توجهت الى انابوليس؟ وماذا اذن. بيبي بدوره توجه الى واي بلنتيشن وعانق عرفات. نحن نعتقد انه لا يوجد فرق كبير بين الامرين". هذه الكلمات تقال في الغرف المغلقة في الوقت الحالي، ولكن ان خرجت الى النور فستنشب الحرب. هذه ستكون ام كل الحروب.

        من الغريب انه في يوم الجمعة الماضي قبل اسبوع، التقى نتنياهو مع ليبرمان في لقاء جيد. الدماء الفاسدة اندفعت بعد ذلك فقط. من الناحية الاخرى يمتلك ليبرمان قنوات مفتوحة مع تسيبي لفني. ويعرف ان بين نتنياهو وايهود باراك اتفاق غير مكتوب (هناك من يقول انه مكتوب) ومفاده ان باراك سيبقى في وزارة الدفاع من دون علاقة بالنتائج. ليبرمان يعرف انه لن يحصل على حقيبة الدفاع، ولكنه سيقبل حقيبة المالية بسرور. المالية؟ وفي هذه الفترة؟ اجل. في هذه الفترة بالتحديد. هو يعتقد انه سيتمكن من اجتياز العوائق التي تشل الاقتصاد والدوس على البيروقراطية وانشاء اماكن عمل جديدة. هذا ان اجتاز التحقيق طبعا.

        وماذا عن نتنياهو؟ صمت مشوب بالتوتر. يحصون الايام ويريدونها ان تمر بسرعة اما ما الذي يريد نتنياهو ان يكونه عندما يصبح كبيرا فهو لا يعرف مثل غيره. من الناحية الاخرى يجلس ساعات مع بيرس. اخر لقاء كان في يوم الاربعاء ومن بعد ذلك سافرا معا الى دافوس. بيرس في الاسابيع الاخيرة يتحدث بصورة صريحة عن انسحاب اسرائيلي شامل حتى خطوط 67. مع تبادل اراض بنسبة 1 الى 1. هذه مسالة كما يقول بيرس، يجب ان تتم عبر المفاوضات مع العالم العربي كله على اساس المبادرة العربية وليس مع الفلسطينيين او السوريين. هو يقول ذلك في اطر مغلقة وللدبلوماسيين الاجانب (مثلا خافيير سولانا ومارك اوتس في هذا الاسبوع. اما مع جورج ميتشل فقد اصر بيرس على البقاء منفردين وترك السفراء في الخارج).

        ولكن الاعيب بيرس لا تلزم نتنياهو. هو سيتصرف بتلقائية محاولا عدم التصادم مع الامريكيين. ربما سيسير في مسار سوري سريع حتى يجمد المسار الفلسطيني. فقد جرب هذا الطريق سابقا ووافق عن النزول عن هضبة الجولان بما في ذلك كل شيء. الان حيث يحاول اوباما انشاء ائتلاف مع العالم الاسلامي ويجهز نفسه للانسحاب من العراق، تتحول المسألة السورية الى مسالة حاسمة بالنسبة لواشنطن. نتنياهو سيفضل التوجه الى هناك على ان يسقط هنا.

        التوتر يتزايد في محيطه واعضاء الكنيست يتشاجرون والمستشارون يتجادلون، والمناصب توزع نظريا، اما نتنياهو فصامت وهو محق في ذلك. في المحادثات المغلقة يتحدث عن موشيه ليون كوزير للمالية ويعكوف بيروبسكي كمدير عام لديوان رئاسة الوزراء، ولكن هذه الكلمات بلا رصيد في الوقت الحالي. في اخر المطاف سيضطر بيبي الى اقامة ائتلاف ان فاز. من خلال العمل وليس من خلال الاقاويل.

        تسيبي لفني؟ تتجول مفعمة بالنشاط والحيوية. السؤال هو ان كانت هذه "الحفارة المصهورة" كما نعتها احدهم في هذا الاسبوع ستصل في اخر الحفر الى الجائزة الكبرى او الى ثقب اسود. المشاعر مختلطة في كاديما. اجواء كئيبة من جهة لان اغلبية الاستطلاعات تتوقع لكاديما بالهبوط. اشخاص يقاتلون دفاعا عن البيت اي المناصب بعد الانتخابات. هناك ايضا عددا غير قليل من الشاعرين بالمرارة. هناك ايضا من الناحية الاخرى استطلاعات جيدة وحملة اعلانية ممتازة داليا ايتسك تخوض الكفاح ولكن الاحباط كبير. كل شيء سار ضد مصلحة تسيبي في هذه الحملة. الحرب، الاقتصاد، الاجواء السائدة. سرقوا الاجندة منها وتركوها في الوراء. من الناحية الاخرى هي كسبت ذلك باستحقاق ونزاهة. من لا يشكل حكومة عندما تكون الفرصة بيديه، كما يقول احد كبار كاديما، عليه ان لا ينتقد احدا بعد ذلك. هي كانت هناك ورمشت اولا. وهذه مسالة لا تكفير عنها. على ما يبدو.

        ايهود باراك في تراجع. رد فعل العملية في غزة يتلاشى، تماما مثل الردع. وباراك كعادته يتورط في حالة من العجرفة والغرور كما فعل في هذا الاسبوع عندما بدأ يتحدث عن المرتبة 21 باعتبارها مرتبة واقعية لحزب العمل. الواقع على الارض مغاير قليلا. الاستطلاعات تتنبأ له بالحد الاقصى 16 مقعدا. عملية "الرصاص المصهور" لقيت القبول من الجمهور ولكن مع مرور الوقت تتزايد الاسئلة. في اخر المطاف ما تحسن في هذه الحرب كان معالجة قضية الجبهة الداخلية. في هذا المجال يستحق متان فلنائي واللواء يائير جولان كل الثناء. ولكن من الذي يذكر كل ذلك الان؟ نحن في ايام الانتخابات وباراك يسير ضد التيار. بعد الانتخابات سيضطر حزب العمل الى الاختيار بين منح الشرعية لحكومة نتنياهو وبين الانتقال الى صفوف المعارضة. كل شيء يبقى مفتوحا في الوقت الحالي.

        بقيت مسالة صغيرة واحدة يتوجب انهاءها. قبل الانتخابات: جلعاد شليت. من اين يعرف نيكولا ساركوزي انه حي يرزق؟ جهات دبلوماسية تعتقد ان ساركوزي مارس الضغوط على بشار الاسد الذي ضغط من ناحيته على مشعل فوفر المعلومات التي نقلت هاتفيا الى باريس. الاتصالات الجارية لاطلاق سراحه مجمدة حاليا. احدى قنوات الاتصال التي تقدمت بصورة كبيرة قبل عملية "الرصاص المصهور" اختفت من بعد هذه العملية. الاتصالات لم تستانف بعد واسرائيل تبحث ومعنية بذلك، ولكن القناة غير موجودة.

        المصريون في المقابل موجودون. ما الذي يقولونه؟ هذه ايام الذهب وهذه فرصة لا تتكرر. قبل الانتخابات بين الحكومات. الامر الذي يتوجب على اسرائيل ان تفعله هو ان تقرر. وفقا للمصريين يجدر باولمرت بان يجمع باراك ولفني ونتنياهو وان يطلب من هذه الرباعية ان تتخذ القرار. من الواجب ان يدعم نتنياهو هذا القرار وان يعد بعدم توجيه الانتقادات اليه او مهاجمته. هذا من مصلحته. فهو ايضا يريد استلام طاولة نظيفة من دون قضية شليت المشتعلة فوقها. بعد القرار يتوجب اعطاء المصريين قائمة من خمسة عشرة حتى عشرين سجينا "ثقيلا" تريد اسرائيل استبدالهم من قائمة حماس الاصلية، وهذا كل شيء. المصريون يخوضون على عاتقهم مهمة اقناع حماس باستبدال هذه الاسماء والانطلاق على الطريق. ما هي احتمالات ذلك؟ المصريون يقولون انهم لا يعرفون ولكنهم يريدون ان يجربوا. في الوقت الحالي ليس هناك من يجرب.