خبر رائحة الحكم / يديعوت

الساعة 09:47 ص|30 يناير 2009

بقلم: ناحوم برنيع

        (المضمون: رائحة الحكم تفوح في الاجواء ولكن بعد الانتخابات ستتغير لهجة المتنافسين ويعودون لمحبة بعضهم البعض. والجيش منع شن عملية "رصاص مصهور 2" بعد عملية كيسوفيم بينما رغب الجميع بمثل هذه العملية - المصدر).

        هذا ليس الليكود. وليس نتنياهو ايضا. هذه رائحة الحكم. هناك اشخاص تحسن هذه الرائحة اوضاعهم الى ان يصلوا الى الامر الحقيقي، الحكم ذاته فتنفد قواهم. في يوم الثلاثاء مساءا في مباني الامة في القدس، دشن الليكود حملتهم الانتخابية. جاء للحدث 1500 شخص وهذا كثير بالمقارنة مع ما يمكن للاحزاب الاخرى ان تجلبه اليوم. قافلة الحافلات لم تتوقف في الخارج: صحيح ان رائحة الحكم فاحت في الاجواء ولكن الليكود يمتلك في الكنيست 12 مقعدا فقط وخزينته فارغة. المجموعة المنظمة الوحيدة التي لاحظت وجودها تالفت من فتيان وفتيات من مستوطنات السامرة، سيطروا على المقاعد الفارغة وكانوا ينهضون كل عشرة دقائق ملوحين بالاعلام وصارخين فيغلن فيغلن.

        انت الرئيس، همس احدهم في اذني عضو الكنيست روبي ربلين. ان رئيس الكنيست، قال له اخر ربلين المتشائم دائما خصوصا عندما تتعلق الامور به، قال انتظروا قليلا فنحن لم ننتصر بعد وعلينا احراز الفوز في الانتخابات اولا. ربلين شعر بالرضا من اولئك الذين لم ياتوا. الفاسدون اختفوا كما قال بعضهم انتقل الى كاديما واخرون تلاشوا.

        قصة الغرام بين الليكود والناخبين ارتدت خلال الخمسة عشر عاما الاخيرة صيغة ثابتة: انتخابات. الليكود ينتصر ويشكل حكومة فيتورط فيهزم في الانتخابات، فيتوجه للمعارضة ومن ثم يعيد بناء نفسه. بعد ذلك يرتفع رصيده في الاستطلاعات فيفوز في الانتخابات ويشكل الحكومة وينقسم على نفسه ليهزم في الانتخابات ويتوجه للمعارضة. بعد ذلك يعيد بناء نفسه وهكذا دواليك.

        للحظة تخطر بالبال فكرة غريبة: ان كانوا ناجحين الى هذا الحد في صفوف المعارضة ولديهم مثل هذه الشعبية والمصادقية فلماذا لا يطلبون البقاء هناك الى الابد. عندئذ سيكون لدينا شعب قوي وجيش قوي ومعارضة قوية. من الممكن تبني ذلك كشعار انتخابي.

        عليك ان تكون محايدا بعض الشيء، قال لي المحامي بلفور كافيتي من فرع الليكود في بئر السبع. لماذا هذه الكراهية لبيبي، سأل ايغال من فرع الليكود في بيت شيمش. اما ران نعمان من بئر السبع فقد ارسل بالشبكة حتى اليوم 300 حتى 400 رسالة بريد الكتروني متسائلا لماذا تتصرف وسائل الاعلام بهذه الطريقة.

        دقيقة اخرى ستمر ونتعانق جميعا وكاننا ابناء حارة واحدة. هناك محبة كبيرة بين ابناء هذه الشريحة من نشطاء الليكود، محبة للدولة ورموزها ومحبة للناس. هم فقط يكرهون تسيبي.

        عدوة الشعب

        من المسلي تقريبا ان نطلع على مدى كراهيتهم لتسيبي لفني. هم يكرهونها مثلما يكره انصار هبوعيل تل ابيب شمعون غيرشون منذ ان تم بيعه لغاديماك، ومثلما كره انصار بيتار يوسي ابوكسيس. هي تتسائل عن سبب ذلك وهي التي ترعرعت في كنف الليكود. الواقع يقول انها لم تترعرع هناك بالمرة وانما شقيقها. اما ان كانت تدعي ان مركز الليكود طلب منها المال؟ ففي الليكود مستعدين لجلب اشخاص يقولون انهم لم يوافقوا على التصويت حتى مقابل المال.

        في كل مرة كان فيها الخطباء يذكرون اسم لفني وبكثرة، كان الجمهور في القاعة يرد بهتافات السخرية المدوية. هم يكرهونها هي اكثر من باراك ومن اولمرت ومن ايران وسوريا وحماس. تسيبي لفني لا تحمل على ظهرها خطاياها فقط وانما ايضا خطايا شارون واولمرت وحتى نتنياهو من الفترة التي كان فيها وزيرا للمالية في حكومة شارون. الشيطان اصبح ذو شعر اشقر.

        من المحظور الوقوع في الخطأ: هذه ليست كراهية من النوع الذي ادى الى اغتيال رابين. في يوم الحادي عشر من شباط صباحا سيتصل نتنياهو بلفني او هي به او باراك بكليهما ويتفقوا جميعا على الشروع في مفاوضات لاقامة حكومة مشتركة. العداء بين الثلاثة وربما الاربعة ان اضفنا ليبرمان سيتقلص بصورة ضخمة. هي ستضطر الى تصديقه والوثوق به مؤقتا، وهو سيضطر من التاثر والاعجاب بعظمتها مؤقتا ايضا. هذا هو حال الامور في العالم الديمقراطي وهنا ايضا.

        قبالتهم يصطف جمهور ناخبين مجرب وفطن حتى الثمالة. هذا الجمهور يدرك انها لعبة. الناس يقولون انهم لا يجدون من ينتخبونه. الحقيقة هي ان لديهم وفرة من الاحزاب التي يتوجب الاختيار بينها. الامر الذي لا يمتلكونه هو الثقة بوجود معنى لتصويتهم. هم انتخبوا بيغن في 77 على افتراض انه لن ينسحب من متر واحد فأخلى كل سيناء. وانتخبوه في 81 على افتراض انه سيجلب السلام فادخلهم في حرب فاشلة. انتخبوا رابين 92 على افتراض انه سيكافح الارهاب بصورة افضل فجلب لهم اوسلو. وانتخبوا باراك في 99 لجلب السلام فاعطاهم الانتفاضة. وانتخبوا شارون 2003 على افتراض انه سيجلب الامن والسلام فجلب لهم فك الارتباط.

        الفطنة المفرطة يمكن ان تكون مصيبة كبيرة. هذه الفطنة تحول المعركة الانتخابية الى مسالة مثيرة للضجر والهزل. الجانب المثير في حملة اوباما كان تلك الحركة الشعبية التي تشكلت من اجل انتخابه. اشخاص نهضوا في الصباح وقرروا ان هناك احتمالية وفرصة للتغيير. عندنا لم ينجح اي حزب في انهاض حركة كهذه ليس لعدم وجود مرشحين او مسائل يمكن خوض الكفاح من اجلها وانما لان الجميع هنا مصابون بالفطنة المفرطة.

        في غياب الحركة والرؤية تصبح الاحزاب الكبيرة قائمة عابرة من الاشخاص الذين نجحوا في الوصول الى المنصة. الاربعون مرشح الاوائل يجلسون على المنصة في مؤتمر الليكود. نصفهم جربوا حظهم في احزاب اخرى سابقا ومع مواقف واراء اخرى. عوزي ديان مثلا  او افي ايتام. كلاهما يعتبران اساءة للانتهازية حتى. بوغي يعلون هو الذي استهل مؤتمر الليكود. رسالته هي حظر التنازل للعرب باي شكل من الاشكال وفي اي وقت من الاوقات. في كل مرة تنازلنا فيها وجدنا عدوا. من المحظور التنازل عن هضبة الجولان او عن غور الاردن. من يقول اننا تعبنا من الحروب عليه يتزحزح جانبا. اما بني بيغن فقد القى خطابا اكثر تطرفا هو حاول دفع نتنياهو نحو اليمين على يمين ليبرمان حيث يكون برتقاليا اكثر من اخر البرتقاليين.

        نتنياهو لا يريد ولا يستطيع ان يكون في هذه المواقع لا قبل الانتخابات بسبب المترددين ولا بعدها بسبب الامريكيين. مع خطاب حماسي منادي بالحروب كهذا ستوصد ابواب البيت الابيض في وجه. نتنياهو بينه وبين ذاته يفضل يعلون وبني بيغن كصورة مشتركة فوق لوحة اعلانات يرتديان البدلات التي ليست لهم ويصمتان. وزير الدفاع سيكون باراك في حكومته اما الخارجية فستتولاها لفني. يعلون سيكسر راسه في احدى الوزارات اما بيغن فسيلقبي الخطابات من اخر الطاولة ويكتشف كما في الماضي ان الناس ناكرون للجميل ولا يعترفون لمن يحدثهم عن اخطائهم. جئت صديقا فخرجت كلحوح ضيع طاقاته.

        اتفاق عمل

        قلت لايهود باراك انظر كم احسنت هذه الحرب صنعا معك. فجأة اصبح الجميع يريدونك كوزير للدفاع بما في ذلك لفني ونتنياهو. انت وزير دفاع الجميع.

        بريق ظهر في عيون باراك وشفته السفلى امتدت للخارج. لحظة الحقيقة جاءت.

        "انا اشكرك على الثناء". قال "انا لا ابحث لنفسي عن وظيفة. لا يتوجب ان نستبعد رغبة الجميع بوجودي في وزارة الدفاع كتعبير عن رغبتهم بعدم رؤيتي كرئيس للوزراء" وفقا لاي سيناريو يمكنك ان تكون رئيسا للوزراء؟ سألته "ان كنا الحزب الاكبر في تكتل الوسط – يسار وان كان هذا التكتل يمتلك كتلة مانعة تزيد على 60 مقعدا فسيكون بامكاننا ان نشكل حكومة برئاستي". هذا السيناريو مفرط في تفاؤله ليس هناك استطلاع واحد حتى الان يمنح حزب العمل تفوقا على كاديما، وليس هناك استطلاع واحد يعطي الحزبين ومعهما ميرتس والقوائم العربية اغلبية في الكنيست القادمة. باراك يعرف. ولكنه يعرف ايضا ان من يمتنع عن الاعلان عن نفسه كرئيس للوزراء يتنازل عن اللعب في ملعب الكبار.

        "نحن البديل الحقيقي". قال "كاديما عالق في المنتصف بيننا وبين نتنياهو. هم مزيج غريب وعجيب. مخيم لاجئين مليء بالتناقضات. ليس لهم ماض او تراث. لفني قالت ان كل صوت لا يذهب اليها هو صوت لنتنياهو وانا اقول العكس. لنفترض ان كاديما سيحصل على 21 مقعدا سبعة اعضاء اي الثلث سيقولون بعد الانتخابات انهم سينتقلون لليكود. بار اون ومفاز ومارينا من جهة رامون وايتسك من الجهة الاخرى. هذه الخطوة ستكون قانونية تماما وشرعية، ولكنها مخالفة لارادة الناخب. بعضهم فعل ذلك في السابق. من الممكن الوقوع في حب حزب العمل او عدم الوقوع به، ولكن ليس من الممكن ان نقول باننا لا نعرف من الذي يؤيده هذا الحزب ثلث قائمتنا لن ينتقل الى الليكود في اي من الاوقات". هل ستنضم الى حكومة مع افيغدور ليبرمان؟ سالت. باراك  اخذ يتلوى، "نحن لن نكون في حكومة لا تتلائم حقوقها الاساسية مع نهجنا ولا حاجة للقول اكثر من ذلك".

        باراك شعر انه بحاجة الى توضيح ما قاله. هو اعطاني هذا التوضيح بالامس عبر الهاتف. يبدو لي ان ما قاله مهم: ان لم يكن لدى تكتل الوسط – يسار كتلة مانعة وتتوجه لفني او هو الى تشكيل حكومة ويكونان بحاجة الى اصوات شاس او ليبرمان فشاس هي الافضل ولكن ليبرمان ايضا موجود بالحسبان. اما ان شكلت لفني الحكومة وقررت دعوة نتنياهو او ليبرمان اليها فسيتوجه حزب العمل للمعارضة. وان شكل نتنياهو الحكومة فسيدرس حزب العمل قراره وربما يرد بالايجاب شريطة بقاء ليبرمان في الخارج.

        معقد؟ ليس كثيرا. الكثيرون تحدثو في هذا الاسبوع عن الاصوات الاضافية التي حصل عليها ليبرمان نتيجة التحقيق الجنائي الجاري ضده. الامور لا تبدو على هذا النحو في نظر قادة الاحزاب. هم يرون تحقيقات مرهقة وحظر قوي من قبل المستشار القضائي للحكومة. ان لم يكن بامكان ليبرمان ان يصبح وزيرا فسيخرج من اللعبة الائتلافية. وفي الولاية التالية سيعيش حياة جنونية في بلاروسيا.

        رصاص اضافي

        المرشحون الثلاثة مقتنعون بان المشكلتين الاشد صعوبة اللتان ستواجهان الدولة في السنوات الاتية هما ايران والركود الاقتصادي. ثلاثتهم يسلمون بقرار اوباما بالتفاوض مع ايران ولكنهم على قناعة ان عليه ان يحدد مدة زمنية للتفاوض وفي المقابل بناء دعم دولي لتصعيد العقوبات. ثلاثتهم مستعدون لتدارس توجيه عملية عسكرية.

        ما هو الاختلاف بينك وبين الاخرين؟ سألت باراك. "يساري هو يسار فطن" قال "انتهت الاوهام بما فيها الوهم الاتي من اليمين بان يتدخل رب السماء ويحدث انفجار كبير ويتلاشى الفلسطينيون، وكذلك وهم اليسار بنزول ملاك من السماء جالبا معه شرق اوسط جديد. ولا اعتقد ان الوقت قد حان لقيام اسرائيل بطرح مشاريع للتسوية الشاملة القائمة على الدولتين. اسرائيل تعتبر الخطة السعودية اساسا للنقاش ولكن ليس بالضرورة اخذ كل شيء موجود فيها. ليس بالضرورة مثلا ان تكون هناك تسوية شاملة مع الفلسطينيين والسوريين اولا ومن ياتي العالم العربي. يتوجب تفكيك العملية الى مراحل انتقالية يحدث فيها تقدم مع العالم العربي، كل ذلك من دون التنازل عن المسؤولية العليا للامن". اين؟ جواب "بين النهر والبحر" قال باراك. "ليست هناك صواريخ من الضفة لان الجيش الاسرائيلي موجود هناك". سؤال. هل سيعمل الجيش الاسرائيلي على اعادة غزة للسلطة الفلسطينية؟ جواب. "علينا ان نحذر من المراهنة والمغامرة بتنظيم حياة شعوب اخرى" قال باراك. "جربنا ذلك في اكثر من مرة وفشلنا والامريكيون ايضا فشلوا في العراق وافغانستان. انا لا اعرف ما الذي سيحدث في غزة في المستقبل. ولكن ان عاد ابو مازن الى هناك فساكون مسرورا. ربما ستقبل حماس مبادىء الرباعية وان حدث ذلك فسنتفاوض معها. اما المسالة الايرانية فمعقدة جدا والمسالة السورية كذلك وحزب الله. كل من يعتقد اننا سنتمكن من قصف طهران فيختفي كل شيء مخطىء. ليس هناك اي شيء قابل للاختفاء". سؤال. هل سيستأنف اطلاق النار في غزة. باراك رد بالنفي. "انا اعتقد اننا نسير على طريق التهدئة. كان لي انتقاد على حرب لبنان الثانية، ولكن ليس من الممكن تجاهل حقيقة انها خفضت رغبة حزب الله باستئناف المصادمات".

        ولكن عندما ادت العبوة التي وضعت على الجدار الحدودي في كيسوفيم الى قتل جندي، نشب الجدل من جديد. رئيس هيئة الاركان اكتفى برد محدود من سلاح الجو. وسائل الاعلام ارادت اكثر من ذلك. رئيس الوزراء اراد اكثر. الجيش كان الحاجز الاخير امام "رصاص مصهور 2". اشكنازي اعتقد ان الرد على قتل الجندي يجب ان يكون اكثر انضباطا من الرد على موت مدني. الراي العام يعتقد بصورة مغايرة لشدة الاسف.