خبر يحطم الاواني / معاريف

الساعة 09:46 ص|30 يناير 2009

بقلم: جاكي خوجي

مراسل الصحيفة للشؤون العربية

        (المضمون: عندما يلتقي الاحباط بانعدام الوسيلة، وكلاهما معا يلفهما احساس بالذنب، يحصل ما حصل لكل طفل في الروضة يحاول استعادة كبريائه السليب بعد أن يكون القي به من ساحة اللعب - المصدر).

        عن مصادر المسرحية التي عقدها امس رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا ينبغي البحث في يوم اثنين آخر، قبل خمسة ايام من اندلاع الحملة في غزة. ايهود اولمرت، في زيارة خاطفة الى العاصمة التركية، التقى اردوغان في لقاء شخصي وقال له انه في رأيه ان يضع حدا للتنكيل بسكان غلاف غزة. وطلب من رئيس وزراء تركيا كبح جماح اصدقائه في حماس، والا فان آخرتهم ستكون مريرة.

        اردوغان حاول ان يثني ضيفه عن توجيه ضربة عسكرية على نمط لبنان، ولكن رئيس الوزراء تصرف وكأن ضميره وصرخة اطفال سديروت يستنجدانه. الحملة بدأت يوم السبت، واردوغان بقي خجلا. فمع ان بلاده شريك استراتيجي لدولة اسرائيل، داس عليه الاسرائيليون وسارعوا الى غزة. وبرأي الجمهور الغاضب والمعارضة الشامتة فان اردوغان كان يعرف عما سيحصل ولكنه فشل في محاولته منعه. وكان الانتقاد عليه حادا لدرجة أنه وصل في بعض الاحيان الى اتهامه بالتعاون مع اسرائيل.

        قنوات التلفزيون في العالم، حيث الترشيح اقل حرصا عما هو دارج عندنا، بدأت تبث الصور الفظيعة للاطفال الجرحى ومقطعي الاوصال. الشارع التركي هاج وماج. واردوغان الصديق المزعوم لاولمرت، الصق بالحائط. فلما كان ليس بوسعه ارسال قوات عسكرية للقتال ضد الجيش الاسرائيلي، فقد جند الى صفوفه الخدعة القديمة والطيبة: الكلمات بدلا من الطائرات. وهكذا سمعناه في سلسلة تصريحاته اللاذعة للاذن الاسرائيلية، والتي كانت ذروتها في تحذير ذي نبرة ايرانية بان اسرائيل ستكف عن الوجود اذا ما واصلت طريقها هذه.

        هذه الجولة الدموية لم تحسن صورة اردوغان. فلم يعتبر فقط كصديق للمعتدي وفشل في منع الحملة، بل في نهاية المطاف ابعد عن احتفال النهاية. خلافا لحرب لبنان الثانية، التي حثت استئناف المفاوضات بين اسرائيل وسوريا وأبرزت تركيا كوسيط نزيه ومقبول، الحملة في غزة فعلت العكس. مبارك وعمر سليمان، وليس اردوغان، جلبا في النهاية الهدوء الى القطاع. المبعوثون الكبار من اسرائيل حجوا الى القاهرة وليس الى انقرة. وكلمات التقدير من كبار مسؤولي حماس وجهت نحو مصر، رغم العلاقات الطيبة التي كلف اردوغان نفسه عناء تطويرها مع خالد مشعل.

        محاولات تركيا لوضع قدم في الباب لتكون شريكا ذا وزن في الطبخة الجديدة الناشئة في غزة لم تنجح. ارسال قوات تركيا الى محور فيلادلفيا، كما هو مخطط في اتفاق تفاهم مستقبلي يمنح أنقرة شراكة على الارض، ولكن ليس المكانة التي هي من نصيب القاهرة كصانعة سلام.

        وهكذا، عندما يلتقي الاحباط بانعدام الوسيلة، وكلاهما معا يلفهما احساس بالذنب، يحصل ما حصل لكل طفل في الروضة يحاول استعادة كبريائه السليب بعد أن يكون القي به من ساحة اللعب: سيشد الشعر او يتلفظ بالكلمات التي تغضب المربية. اردوغان اتخذ الخيار الثالث: حطم الاواني ولا يريد اللعب.