اليمين الاسرائيلي اسوأ من اليمين الاوروبي-هآرتس

الساعة 11:35 ص|20 يوليو 2019

فلسطين اليوم

بقلم: زئيف شتيرنهل

في نهاية القرن الـ 19 كانت القومية المناهضة لليبرالية، الراديكالية – بعد أن شكلت اساسا للفاشية في كل اوروبا والنازية في المانيا، ورغم أنها صاغت نفسها كايديولوجيا الوحدة الوطنية، كانت عمليا ايديولوجيا الحرب الاهلية. فالعداء تجاه الاصناف المختلفة من المواطنين، وليس فقط الاقليات العرقية بل والخصوم الايديولوجيين، كان أداة عمل اساسية للقوميين المتطرفين. هكذا كان في الماضي وهكذا ايضا اليوم في البلدان التي تسود فيها القومية المتطرفة السامة: من الهند الديمقراطية المزعومة، التي تتنمر على اقلياتها، عبر بولندا وهنغاريا، وحتى اسرائيل بنيامين نتنياهو، الساعي عن وعي الى دولة أبرتهايد.

في حقيقة الامر، فان اليمين الاسرائيلي الذي يعزز الاستيطان لحاخاميه الظلاميين والعنصريين أسوأ بكثير من اليمين القومي الاوروبي الذي يحذر من اظهار العنصرية واللاسامية الظاهرة خشية ان يتهم بتطوير ايديولوجيا تشبه النازية. اما عندنا فلا توجد مشكلة كهذه اذ ان الجميع يهود، ومن سيتجرأ على اتهام اليهودي بالاقتراب من الايديولوجيا النازية. كما سادت قبل الحرب العالمية الثانية؟ ولهذا فان وزير تعليم جاهل، ليس فقط في مواضيع الجنس بل وفي التاريخ ايضا، يسمح لنفسه بان يطالب بضم ملايين العرب في ظل حرمانهم بتهكم من حقوقهم السياسية.

في كل اوروبا القومية ما قبل الفاشية وما قبل النازية كانوا متحدين في كراهيتهم لحقوق الانسان ومباديء التنور، الاشتراكيين، المثقفين، التعددية والحكم الديمقراطي. الحكومة البولندية وحكومة نتنياهو تتشابهان ليس فقط في أن تطوير الكراهية بين مواطنيهما هو اداة حكم بالنسبة لهما بل وايضا في أنهما تدفعان الى الامام صناعة تزوير التاريخ على نطاق واسع.

 

ولهذا فهامة اهمية لا مثيل لها حقيقة أن القومية المتطرفة التي غذت مصيبة اوروبا تطورت ليس فقط في المانيا في شكل نزعة المحافظة الثورية بل وايضا في فرنسا ثورة حقوق الانسان للعام 1789. وكان اليهود اكبر ضحايا لها ولكنهم ليسوا الوحيدين. لم تكن اللاسامية حادثة وقعت للتاريخ الاوروبي. كما أن الفاشية والنازية لم تأتيا من فراغ.

 

ان عملية الكذب والتزوير هي طريقة العمل الدارجة لدى القوميين المتطرفين لاختراع رواية تلبي احتياجات السياسة القومية. ومن أجل تثبيت هذه الرواية فان كل شيء مسموح به بدء بفرض الرقابة على الارشيفات، كما هو الحال عندنا، وحتى التشريعات المزيفة بشكل لا سابق له، مثل التشريع البولندي الذي تؤيده اسرائيل. حتى لو كان معروفا للجميع بانه كانت فظائع في حرب الاستقلال، فان الجديد هو أننا تعرفنا على ان الحكومة الاسرائيلية، مثل الحكومة البولندية، تعمل ليس فقط على اخفاء الحقائق بل وايضا على أن تتأكد من ان التزوير السلطوي اليوم سيصبح الحقيقة غدا. ان السير في طريق البولنديين هو خيانة مثلثة: للكارثة، للاسامية وللحقيقة التاريخية كلها معا. مثلما يعرف البولنديون لانفسهم اللاسامية حسب احتياجات روايتهم القومية – من ناحيتهم الحركة السرية القومية التي رفضت مساعدة اليهود لم تكن على الاطلاق لاسامية – هكذا ايضا اليمين الاسرائيلي وجد تعريفه الخاص: كل انتقاد على اسرائيل، على الاحتلال، على المطالبة بضم ملايين الناس في ظل سحق ارادتهم، هويتهم وحقوقهم – هو لاسامية. هذا هو الحال بالطبع بالنسبة للمقاطعة على المستوطنات على بضائعها، على صناعة السياحة فيها أو "جامعتها": تشبيه مثل هذا الفعل السياسي المشروع باللاسامية هو تزوير آخر للتاريخ اليهودي من أجل السياسة القومية الاسرائيلية المتطرفة.