عقبال الولايات المتحدة لأردوغان- هآرتس

الساعة 11:20 ص|20 يوليو 2019

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

لقد مرت اربع سنوات تقريبا على اسقاط سلاح الجو التركي لطائرة حربية روسية من نوع "سوخوي" التي كانت تطير في سماء الدولة. شرخ عميق فتح على الفور بين الدولتين وساد صمت بين فلادمير بوتين ورجب طيب اردوغان وروسيا فرضت على تركيا عقوبات شديدة منها منع التجارة واغلاق مصانع تركية وتجميد السياحة الروسية لمواقع الاستجمام في تركيا. هذا الاسبوع انقلبت الامور عندما اعترضت مضادات للطائرات روسية طائرات اف 35 المخصصة لتركيا. قرار اردوغان تجاهل الطلب الامريكي، الانسحاب من صفقة صواريخ "اس400". ربما قراءة خاطئة للواقع السياسي في الولايات المتحدة أدت بالبيت الابيض الى الاعلان عن طرد تركيا من الخطة المشتركة لاصحاب الطائرة المتطورة، وتجميد تحويل الـ 300 طائرة التي توجد قيد الانتاج الى سلاح الجو التركي.

قرار الولايات المتحدة – الذي اذا لم يتغير سيتم تنفيذه بالكامل في شهر آذار 2020، يتوقع أن يهز اقتصاد تركيا، لا سيما الصناعات العسكرية المحلية، التي تقوم بانتاج نحو 900 قطعة من قطع طائرة "اف35". هذه الضربة يمكن أن تكون بعيدة المدى لأن القرار اعتبر ذروة في الازمة السياسية وازمة الثقة بين واشنطن وأنقرة، التي من شأنها أن تنعكس على استعداد مستثمرين اجانب للاستثمار في اقتصاد تركيا. تركيا يتوقع أن تتلقى ايضا وجبة اخرى من العقوبات بسبب القرار الامريكي الذي سيعتبرها دولة معادية بسبب شراء الصواريخ الروسية.

صحيح أنه ما زال من غير الواضح أي عقوبات سيختار ترامب فرضها وماذا سيكون مستوى تأثيرها الاقتصادي، لكن تأثيرها السياسي سيكون شديد: ستضع تركيا للمرة الاولى في المحور الروسي.

قبل ثلاثة اشهر فاجأ وزير الخارجية التركي مبلوط شوبوشولو المشاركين في مؤتمر الناتو في واشنطن عندما اوضح بأن تركيا يجب عليها وزن علاقاتها الخارجية بين روسيا والدول الاخرى. "نحن لا نعتبر علاقتنا مع روسيا كبديل مع علاقاتها مع دول اخرى"، قال ممثل الدولة العضوة في الناتو، "لا يجب على أحد ولا يستطيع أحد – سواء روسيا أو الغرب – مطالبتنا بالاختيار بينهم". بهذه الاقوال دوت كما يبدو سياسة تركيا – مبدأ صفر مشاكل مع الجيران، بقيادة وزير الخارجية السابق، احمد دبوتولو، لكن منذ ذلك الحين كانت تركيا الدولة التي معظم علاقاتها مع جيرانها مليئة بالخصومات والخلافات. فهي متخاصمة مع مصر والسعودية، وعلاقتها مع اسرائيل باردة، والقطيعة بينها وبين سوريا كاملة، وعلاقتها مع الاتحاد الاوروبي على حد السيف وعلاقتها مع واشنطن نجحت في تقطيعها بصورة ممنهجة. تركيا اختارت الشراكة الاستراتيجية مع روسيا وفضلتها على الولايات المتحدة في زمن الحرب الاهلية في سوريا. المصلحة القومية والامنية لتركيا لا يمكنها التوفيق بين التحالف مع الولايات المتحدة وبين المساعدة المكثفة للاكراد في سوريا، الذين تعتبرهم تركيا منظمات ارهابية تهدد أمنها. الجهود لايجاد حل مرض لم تنجح وحاجة تركيا للسيطرة على شمال سوريا وصد النشاطات الكردية تغلبت على المصلحة الدولية.

هذا الخلاف تغذى ايضا من قرار ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها، اضافة الى نضوج صفقة القرن التي تم ابعاد تركيا تماما عنها. ولكن رغم العلاقات المتوترة بين الرئيسين، إلا أن اردوغان واصل الاعتقاد بأن ترامب لن يقوم بمعاقبة تركيا – سواء بسبب أن تركيا مهمة جدا بالنسبة لترامب، بسبب أنه استند الى وعد ترامب بعدم فرض عقوبات على تركيا، مثلما قال بصراحة بعد مؤتمر الـ "جي 20" في اوساكا. هل ترامب كذب على اردوغان أو أن اردوغان لم يفهم (أو رغب في أن لا يفهم) ما قيل له؟ عن ذلك سنسمع من اردوغان في الايام القريبة القادمة. في هذه الاثناء يبدو أنه لم يفقد فقط واحدة من كفتي ميزانه: الولايات المتحدة سيكون عليها الاستناد على صخرة جديدة في الشرق الاوسط.