عندما يفقد المفهوم معناه -يديعوت

الساعة 12:32 م|17 يوليو 2019

فلسطين اليوم

العنصرية التلقائية

بقلم: بن – درور يميني

(المضمون: توجد في اسرائيل عنصرية. يوجد تمييز. يوجد ما يحتاج الى اصلاح ويجب الاصلاح. ولكن يوجد فرق كبير بين مجتمع ديمقراطي مع جيوب عنصرية وبين مجتمع عنصري - المصدر).

استطلاع اجري مؤخرا في المانيا يظهر ان 50 في المئة في غربي المانيا و 57 في المئة في الاجزاء التي كانت في الماضي شرق ألمانيا يعتقدون أن "الاسلام هو تهديد". 100 مسجد احرق هناك في 2018. في فرنسا الوضع لا يختلف: بحث تم حول القبول للعمل يبين انه لا يوجد تمييز ضد السود، يوجد تمييز ضد المسلمين. عمليا، في كل دولة اوروبية اجري فيها البحث تتشابه النتائج. فالعنف ضد طالبي اللجوء والمسيرات النازية الجديدة كانت ايضا في السويد وفي فينلندا. فهل هذا يجعل اوروبا قارة عنصرية؟ في الجدال الذي لا يتوقف عن الاجانب والمهاجرين تطرح ايضا مواقف عنصرية. ولكن علامات الاستفهام في مواضيع الهجرة والاجانب تطرح ايضا في اطار المناقشات الجدية. تثبت البحوث بان الاجانب لا يعززون التعددية وتعدد الثقافات، بل يمسون بالتضامن. لا يدور الحديث عن كل الاجانب. بل عن اولئك الذين يرفضون تبني قيم المجتمع المستوعب.

ابتسام مراعنة، وهي مجرد مثال، هي مخرجة سينمائية. احد منتجاتها "بدل"، عن اعراف الزواج في المجتمع العربي، اثرت في حتى الدموع. كان هذا فيلما مؤثرا كان فيه ايضا نقد ذاتي وكفاح ايضا من اجل مكانة المرأة – والذي اكثر من أي شيء آخر هو المفتاح لمجتمع اكثر نزاهة، اكثر مساواة، اكثر ديمقراطية. كان مشجعا أن تنضم عربية اسرائيلية الى الرسالة التي تطلقها مسلمات اخريات في ارجاء العالم. هن في الاقلية. ولكن هذه اقلية هامة. مراعنة، تجرأت على ان تقول ايضا، بشجاعة مرة اخرى، "لا تقولوا احتلال". فمكانة المرأة في العالم العربي لا ترتبط بالحركة الصهيونية. هذا انتاج ذاتي. هذا كان نسمة ريح منعشة وجريئة، في وجه غياب اليسار الراديكالي.

 

في السنوات الاخيرة تعمل مراعنة في مجلس الثقافة لمشروع اليانصيب هبايس. وبالتالي فقد كان مخيبا للامال ان نسمعها تكتب عن اسرائيل، في اعقاب الجدال الجماهيري عن الفيلم عن ليئا تسيمل. "دولة ظلامية وعنصرية". فهل انت جدية؟ دولة فيها قاض عربي يجلس في رأس الهيئة التي بعثت برئيس الدولة اليهودية الى السجن لسبع سنوات؟ دولة عنصرية هي تلك التي يكون فيها رئيس بنكها الوطني عربيا؟ دولة عنصرية هي تلك التي يكون فيها عرب اسرائيل يتقدمون في مجال التعليم في العقد الاخير أكثر من ابناء الاغلبية اليهودية؟

وما هو اكثر وضوحا هو انه كما بحثت لم اجد اعضاء مجالس في هيئات عامة يقولون عن الدولة التي يعيشون فيها انها "ظلامية وعنصرية". كما انه لا توجد دولة تمول الافلام التي تشكل دعاية لمن يعارض مجرد وجودها. ولكن مراعنة، المخرجة الشجاعة، استسلمت للقطيع وهي تكرر الشعارات الكاذبة والثابتة.

لم تبدأ مراعنة هذه الكذبة. فمشكوك فيه أن يكون هناك يوم واحد في الصحيفة الاسرائيلية التي تطرح اساسا في الخارج لا يوجد فيها قول مشابه عن دولة ظلامية او عنصرية. ومشكوك أن يكون يوم واحد في تعليم العلوم الانسانية والاجتماعية لا يوجد فيه محاضر يعرب عن موقف مشابه. هذه هي الديمقراطية الاسرائيلية. مسموح لهم. هذا لا يمنعهم من أن ينشروا فريات الدم، وبعد ذلك ان يتباكوا على "نهاية الديمقراطية"، "كم الافواه"، وبالطبع، في نغمة متكررة، "دولة عنصرية".

هذا المرض، "العنصرية، العنصرية"، آخذ في الانتشار. بعض من اولئك الذين ظهروا في الاسبوعين الاخيرين في وسائل الاعلام وتوجوا هنا وهناك كـ "زعماء احتجاج سليلي اثيوبيا"، اطلقوا نغمات مشابهة. فسائق عمومي، في فعل بشع على نحو خاص، احتجز طفلا من اصل اثيوبي كـ "انتقاما من الاحتجاج". صحيح انه واحد من عشرة الاف. صحيح أنه نال مقتا من الحائط الى الحائط. ولكن رد الفعل كان: "دولة عنصرية".

 

محظور أن نتشوش. توجد في اسرائيل عنصرية. يوجد تمييز. يوجد ما يحتاج الى اصلاح ويجب الاصلاح. ولكن يوجد فرق كبير بين مجتمع ديمقراطي مع جيوب عنصرية وبين مجتمع عنصري. نشطاء مختلفون، قد تكون نواياهم طيبة، والصحيفة للناس المحرضين، يجدون صعوبة في أن يفهموا هذا. وهم يكررون هذه الكذبة المرة تلو الاخرى، وهكذا لا يكافحون العنصرية. هكذا يتسببون بزيادة الاغتراب.

 

الواضح هو أن ليس بشكل مطلق، بل وبالاساس بشكل نسبي، توجد ظواهر العنف تجاه الاجانب، او اولئك الذين يعتبرون اجانب، في دولة اوروبا اكثر مما في اسرائيل. ولا يزال هذا لا يجعل كل دولة فيها مثل هذه الظواهر عنصرية أو ظلامية. اذا كانت فرنسا عنصرية والسويد ظلامية – فان هذه التوصيفات، "عنصرية" و "ظلامية" تفقد معناها. لانه عندما يكون الجميع ظلاميين وعنصريين، فلا يكون أي احتمال للكفاح من اجل مجتمع اكثر عدلا.