خبر استشارة تحت النار..هآرتس

الساعة 01:45 م|29 يناير 2009

بقلم: قبيحاي مندلبلت

على المختص القانوني العسكري مثل اي مستشار قانوني، ان يضع امام الهيئة التي يقدم لها المشورة مجموعة من الادوات والوسائل القانونية التي يمكنها من خلالها تحقيق اهدافها، مع الحرص الاكيد على قيود القانون وقصوره. هو ملزم مثل اي رجل عسكري لتنفيذ هذه المهمة وفقا لقدراته المهنية مع الالتزام العميق بقيم "روح الجيش الاسرائيلي" – كرامة الانسان، وطهارة السلاح، والمصداقية وما الى ذلك. هذه الواجبات تكمل بعضها البعض في الجيش الاسرائيلي ولا تناقض بعضها بعضا.

 

في عملية "الرصاص المصهور" رافق الخبراء القانونيون في الجيش الاسرائيلي تحت رئاسة وقيادة قسم القانون الدولي عملية القتال من مراكز صنع القرار في هيئة الاركان وفي القيادة الجنوبية وقيادة الفرقة. قرار المرافقة القانونية للعمليات القتالية ليس بالمسألة البديهية العادية. هذا القرار يعبر عن ادراك القادة لاهمية القانون والقضاء في عملية صنع القرار الحربي، ويعبر عن فلسفة الجيش الاسرائيلي بان القتال يتم في اطار قانوني وليس خارج حدوده. هي تعبر عن فهمنا المهني بان القادة يحتاجون الى مستشارين قانونيين ماهرين ومتواجدين في متناول اليد ليشيروا الى حدود المحظور وكذلك المسموح في العمليات.

 

الاستشارة القانونية والقضائية بصدد العمليات الميدانية ليس نظريا ولا اكاديميا. نتائجها تتجسد من خلال قرارات عملية عميقة التاثير يقدم عليها القادة في الجيش. ليس هناك مكان للاسلوب المبهم وغير الملزم الذي يميز الكتابات الاكاديمية في بعض الاحيان. وعلى غرار القادة يتوجب على القانون المستشارين القانونين العسكريين ان يبلوروا مواقف ووجهات نظر واضحة "على المحك" وفي اللحظات الحرجة، من خلال دخان المعركة وفي ظروف توضح وتظهر المعضلات القانونية التي تميز عمليات القتال الحديث، حتى اخرها. من شاهد الامور بام عينيه هو وحده القادر على ادراك الصعوبة والتعقيد وكذلك نوعية الاستشارة القانونية المقدمة ودرجة تاثيرها على صناع القرار.

 

الاستشارة القانونية العملياتية هي دائما مسألة مثيرة للتحدي، وفي المعركة التي تخاض ضد الارهاب تصبح هذه الاستشارة اصعب باضعاف المرات. ليس صدفة اننا لا نسمع عن وجود خبراء قانونيين في القانون الدولي لدى العدو. هو يعتبر ان التزام اسرائيل بقوانين القتال ومقتضياته نقطة ضعف، وثغرة يمكن استغلالها. نحن نواجه من يقاتل عن قصد باللباس المدني ومن خلال بيئة مدنية ويستخدم المدنيين كدرع بشري ويهاجم عن قصد مواطني اسرائيل. عدو منفلت بلا كوابح ويصرح انه "يحب الموت" ويختبىء من وراء ظهر النساء والاطفال.

 

رئيس المحكمة الاسرائيلية العليا المتقاعد اهرون باراك كتب، هناك شك ان كان القانون الدولي قد تخيل في تصوراته عدوا غوليا من هذا الصنف، ولكن رغم ذلك – يتم القتال ضد هذا العدو وفقا لمعايير القانون والقضاء. القتال ضد مثل هذا العدو هو تحدي صعب الا انه لن يؤدي ابدا الى تخلي الجيش الاسرائيلي عن التزامه بالعمل في اطار القانون الملزم. التزام الجيش الاسرائيلي بالقانون هوجزء من هويته القيمية – والوطنية وهذا ما فعلناه ايضا خلال القتال في قطاع غزة.

 

قادة الجيش الاسرائيلي، كتفا الى كتف مع المختصين القانونيين في النيابة العسكرية، فكروا عميقا خلال القتال الدائر في القضايا والمسائل الصعبة التي تقض المضاجع. كيف يمكن تطبيق مبادىء النسبية والتمييز، كيف يمكن بناء اليات ميدانية في العمليات مثل توجيه تحذير للسكان المدنيين للابتعاد عن مناطق المعارك، الامر الذي يتيح ضرب العدو مع تقليص الاذى الذي يمكن تجنبه ولشدة الاسف في مثل هذا النوع من القتال، في صفوف المدنيين.

 

من الصعب احيانا هضم حقيقة ان قوانين القتال هي قوانين تهدف الى تنظيم وتقليص الضرر ولكن ليس منعه لان القتل والدمار هما جزء لا يتجزأ من واقع الحرب. المختصون القانونيون في النيابة العسكرية تحت قيادة ودعم قيادة الجيش ودعمي انا يعملون من اجل مساعدة الجيش الاسرائيلي في خوض القتال داخل حدود هذا النظام وفي مواجهة عدو لا يعرف الحدود.

 

هل حدثت اخطاء في ارض المعركة؟ لا شك هذا ما يحدث في كل قتال (الاخطاء خلال عملية "الرصاص المصهور" كلفت الجيش الاسرائيلي دما دمويا فادحا). وهل اسهمت النيابة العسكرية في اقناع الجيش باتباع المعايير القانونية التي يلتزم بها؟ ليس هناك شك في نظري ان الجواب على هذا السؤال ايجابي.