خبر من الذي لا يتوجب انتخابه..هآرتس

الساعة 01:42 م|29 يناير 2009

بقلم: شلومو افنيري

احدى مشاكل المعركة السياسية الصعبة في اسرائيل اليوم هي عدم استقرار الحكومات وهشاشة الائتلافات الحاكمة. بذلك نشأ وضع تتكرر فيه المعارك الانتخابية للكنيست قبل موعدها.

 

هناك اسباب كثيرة من وراء ذلك، ولكن هنا سبب واحد يكرر نفسه: ضعف الاحزاب الكبيرة من اليمين ومن اليسار. في كل معركة انتخابية تظهر قوائم انتخابية جديدة. في بعض الاحيان تحمل هذه القوائم اسماء مغرية وتكون فيها شخصيات يبدو انها تمتلك حل كل مشاكل اسرائيل، ولكن بسرعة كبيرة يتضح ان هذه الاحزاب لا تمتلك فلسفة ونظرية سياسية واضحة ومنظمة، وان الشخصيات التي تقف على رأسها لا تمتلك اية تجربة سياسية رغم جاذبيتها وبلاغتها. وبالرغم من ذلك، بسبب عدم الارتياح من الاحزاب القائمة، تظهر هذه القوائم كمخلص دوري للدولة وتحظى وبصورة مفاجئة احيانا برصيد غير بسيط من الاصوات – اليكم على سبيل المثال حزب الوسط "شينوي" وحزب المتقاعدين.

 

الحقيقة هي ان هذه ليست احزابا حقيقية، وانها حركات احتجاجية. لم تنجح اي منها بالتحول الى حزب حاكم، الا انها كلها قضمت من قوة الاحزاب الكبيرة – العمل و الليكود – وصعبت عليها اقامة ائتلاف راسخ ومستقر. كاديما هي ظاهرة اخرى وان كانت قد نشأت حول سياسة مستجدة (فك الارتباط) وشخصيات كريزماتية ذات رصيد: هذا الحزب هو امور كثيرة في ان واحد، ولكنه ليس بالتاكيد حركة احتجاجية، بل بالعكس.

 

بعض هذه القوائم الانتخابية نجحت في النفاذ الى الحكومة، وتحولت شخصيات تفتقد للتجربة، لم نسمع من ذي قبل الى وزراء بين ليلة وضحاها. ولان الامر لم يتعلق باحزاب حقيقية وانما بمجموعة عابرة جدا من الشخصيات التي تفتقد للخطة السياسية الواضحة، فسرعان ما تورطوا وعلقوا في نزاعات وخصومات وانشقاقات داخلية وفي بعض الاحيان انشقاقات مرضية مزمنة، وفي اخر المطاف تلاشوا – هذا ليس قبل ان يلحقوا ضررا جسيما في قدرة اسرائيل على اقامة حكومات مستقرة. في الانتخابات الحالية ايضا ظهرت عدة احزاب عدمية كهذه.

 

في العاشر من شباط سيكون امام الناخب الاسرائيلي عدد واسع من الاحزاب ذات المواقف والسجل الواضح – بدءا من اليمين المتطرف، مرورا باليمين الوسط، والوسط – يسار، وانتهاءا باليسار المعتدل واليسار غير المعتدل كثيرا. رغم ذلك هناك دائما اغراء بالتصويت من البطن لحزب عابر ما والتعبير عن ذلك بصورة استعراضية وتجسيد الحلم المثالي من خلال ذلك: نزيه، نقي، اخضر، تماما مثلما جاء في الكتابات الطوباوية التي نرغب فيها جميعا في ايامنا. ولكن الانتخابات ليست مسابقة جمال، وانما اختيارا عقلانيا مدروسا بين بدائل واقعية، تتعامل مع الحواسم الصعبة التي يتوجب اتخاذها في هذا العالم، في ظل واقع معقد، يتوجب فيه تدارس المرغوب والمحسوب والممكن وما الذي نسعى للوصول اليه في مواجهة ما يمكن الوصول اليه.

 

السياسة الديمقراطية هي مهمة صعبة تستوجب قرارات غير بسيطة. من هنا ياتي الميل الطبيعي والانساني جدا للبحث عن المخلص الدوري الذي يتحدث بصورة جميلة ويظهر بصورة جميلة ويعد باكوام وتلال وجبال. ولكننا في عمق الواقع العكر، وفي اطاره وضروراته حيث سنضطر لاتخاذ قرارنا الحاسم والتصرف وفقه.

 

من الاجدر ان يعترف كل ناخب بان الحسم الذي سيقدم عليه يلزمه بتحمل المسؤولية: التأكد من نوع الحكومة التي يريدها، ومن الذي يريده ان يقوده هو والامة، واية سياسة يريد ان يراها تتحقق. التصويت من اجل القوائم اللطيفة الصغيرة الفارغة، انما يؤدي فقط الى اضعاف القدرة على الحسم: اليس هناك امر اهم لاسرائيل في هذه الاونة من القدرة على الحسم.