خبر افتقرت إلى هدف محدد ...خبراء إسرائيليون: الحرب خطوة استباقية لمخطط حمساوي بالاستيلاء على السلطة

الساعة 12:45 م|29 يناير 2009
 

افتقرت إلى هدف محدد ...

خبراء إسرائيليون: الحرب خطوة استباقية لمخطط حمساوي بالاستيلاء على السلطة

القدس المحتلة:

كشف  الجنرال في الاحتياط، عاموس غلعاد، رئيس القسم الأمني- السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى أن الحرب على غزة كانت مرهونة، بالأساس، بوجود "مخطط" لدى حركة"حماس" يقضي بجعل سنة 2009 "سنة منعطف إستراتيجي، يكون نتيجة لتحقيق هدف السيطرة على السلطة الفلسطينية و من ثم على منظمة التحرير الفلسطينية، و بذا يكون في إمكانها أيضا أن تعمق أواصر العلاقة مع الإخوان المسلمين في الأردن ومصر".

مخطط انقلاب...

 و قد وردت أقوال غلعاد هذه في سياق محاضرة ألقاها خلال يوم دراسي خاص بعنوان "الحرب في غزة-، تقييم أولي ودلالات"، عقده "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب يوم 27 كانون الثاني 2009 بمشاركة مجموعة من الأكاديميين الخبراء الإسرائيليين في مجال الأمن القومي.

و شدد غلعاد أنه في يوم التاسع من كانون الثاني 2009 كان التاريخ المحدد لانطلاق هذا المخطط، نظرا لتزامنه، على المستوى الفلسطيني، مع انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس (أبو مازن)".و في رأيه فإن العملية العسكرية الإسرائيلية "جعلت من الصعوبة بمكان تنفيذ هذا المخطط"، و أدت "إلى تراجع نفوذ حماس إلى حد كبير".

و وفًقا ل "غلعاد" فإن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة حققت بضع نتائج "ظاهرة للعيان"، و منها أن باتت "حماس"، عقب العملية، منهمكة أكثر شيء في ترميم نفسها، كما أن العملية العسكرية الإسرائيلية خطأ بضع فرضيات أساسية لدى "حماس"، في مقدمها فرضية مؤداها أن إسرائيل لن تبادر إلى أي ردة فعل عسكرية على خرق التهدئة و إطلاق ولن تقوم بعملية عسكرية واسعة النطاق، و ثمة فرضية أخرى فحواها أنها تملك القدرات العسكرية المطلوبة لمواجهة الجيش الإسرائيلي والمس به.

و تابع غلعاد:" لم تفلح "حماس" في تحقيق إنجازات تؤدي إلى اهتزاز "صورة الانتصار" الإسرائيلية، على غرار عمليات اختطاف جنود إسرائيليين، علاوة على ذلك رأى غلعاد أن "حماس" فشلت أيضا، في تحقيق غاية أخرى وصفها بأنها "إستراتيجية"،  وهي تحويل معبر رفح إلى بوابة سياسية بين "كيان حماستان" و مصر، إذ أن هذه الأخيرة ظلت ترفض ذلك، وواصلت التمسك بالاتفاق الخاص في هذا الصدد منذ سنة 2005.

عمليات التهريب مستمرة

 لكن غلعاد أكد أن المشكلة تبقى كامنة في "عمليات التهريب إلى قطاع غزة"،بأنها غدت هي أيضا تخضع للعلاج المكثف في ظل "تطورين مهمين" اعتبرهما "في عداد النتائج المترتبة" على الحرب في غزة:

- التطور الأول هو حدوث تغيير كبير في موقف مصر إزاء "حماس"، إلى ناحية اعتبارها "عدوا قوميا وتهديدا وطنيا".

- التطور الثاني هو نشوء استعداد دولي غير مسبوق لمعالجة هذه المشكلة، ليس أبسطه مذكرة التفاهم الأميركية - الإسرائيلية في هذا الخصوص، و على حد قوله "لم تبد الأسرة الدولية في السابق مصلحة عميقة في التصدي لهذه المشكلة مثلما تبدي في الوقت الحالي".

و بحسب غلعاد فان نقطتين مهمتين برزتا في الحرب الأولى تغيير موقف مصر، التي باتت تنظر إلى "حماس" باعتبارها "خطرا وطنيا" من شأنه أن يتصل بخطر الإخوان المسلمين و يهدد استقرار النظام فيها، بالإضافة إلى ازدياد القوى العربية التي ترى أن "حماس" هي ذراع إيرانية.

و أعرب غلعاد عن اعتقاده بأن "حماس" ليست معنية الآن بأن تهاجم إسرائيل، في ضوء انهماكها في ترميم نفسها ومكانتها، كما أن من شأن القيام بأي عملية عسكرية من القطاع أن تستجر ردة فعل إسرائيلية لا تشمل إغلاق المعابر فقط، وهو أمر تدركه "حماس" جيدا لكونه يندرج في إطار تغيير "قواعد اللعب".

ولدى تطرقه إلى مصير الجندي الإسرائيلي الأسير لدى "حماس"، غلعاد شاليت، قال عاموس غلعاد: "هناك اتفاق إسرائيلي عام على ضرورة الإفراج عنه وهذا مشروع وطني و هناك طرق تقليدية لتحقيق ذلك"، في إشارة إلى تأييده التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى في أقرب فرصة.

"المستحقات المطلوبة"

في حين تركزت محاضرة الجنرال في الاحتياط، غيورا أيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي و الباحث في المعهد، في "أهداف الحرب ومدى تحقيقها"،مؤكدا أنه في الإجمال العام طرأ تحسن ما على أداء المؤسسة السياسية الإسرائيلية، غير أنه اعتبر أن "المستحقات المطلوبة" لعملية عسكرية من هذا القبيل، في معظمها، بدأت متأخرة، وهو ما أدى إلى إطالة أمد الحرب أسبوعا واحدا على الأقل.

و في رأيه ظلت الحرب في غزة تفتقر إلى هدف محدد حتى بعد مرور أسبوعين على اندلاعها، وفي أثناء ذلك ظل الهدف الغالب على الخطاب العام هو "جعل حماس تتخلى عن الرغبة في مهاجمة إسرائيل".

و قال أيلاند إن أي عملية عسكرية لابد أن تتوافر على ثلاثة عناصر محددة، هي الهدف والمهمات والطريقة و قد كانت هناك جدالات بشأن هذه العناصر الثلاثة، حتى عقب البدء بالحرب.

و وجه أيلاند انتقادات شديدة إلى المؤسسة السياسية الإسرائيلية، التي لم تكن مجهزة بخطط سياسية قبل العملية العسكرية، مؤكدا أنه كان يتعين على هذه المؤسسة أن تقوم بذلك قبل فترة طويلة، خصوصا في ضوء واقع "أن النتائج العسكرية للحرب في غزة كانت معروفة منذ وقت طويل"، وعلى الرغم من ذلك فقد ظلت "الترويكا" السياسية الإسرائيلية، المؤلفة من رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ووزير الدفاع، إيهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، منشغلة في أول أيام الحرب بالتقارير الاستخبارية لا بالموضوعات التي يتولون المسؤولية المباشرة عنها.

واقترح أيلاند، بخصوص شاليت، رهن قضيته أيضا بموضوع فتح المعابر، باعتبار أن استمرار احتجازه هو "قضية إنسانية" من ناحية إسرائيل.

لا رؤيا بشأن "ما بعد الحرب"!

في حين أكد العميد في الاحتياط، شلومو بروم، رئيس برنامج علاقات إسرائيل و الفلسطينيين في "معهد دراسات الأمن القومي"، أن إسرائيل لا تملك أي رؤيا محددة بشأن كيفية تأثير الحرب في غزة على الموضوعات عديدة منها هل حققت الحرب ميزان ردع في مواجهة "حماس" في غزة؟.و ما هو تأثيرها على مستقبل "حماس"، من جهة وعلى مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية، من جهة أخرى؟، و ما هو مصير الحوار بين "فتح" و"حماس"؟ و هل سيتأثر مستقبل العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، و ما هي احتمالات حدوث تغييرات داخلية في حركة "حماس"، يمكن اعتبارها إيجابية من ناحية إسرائيل؟

و قدم د. عوديد عيران، رئيس "معهد دراسات الأمن القومي"، محاضرة حول ردات الفعل الدولية على الحرب في غزة.وأشار، على وجه التحديد، إلى حدوث أضرار سياسية من ناحية إسرائيل على المستوى الدولي أهمها  قضية الرد العسكري الإسرائيلي غير المتكافئ، و التعرض لمؤسسات دولية في القطاع، على شاكلة المدرسة التابعة لوكالة "أونروا"، و استعمال أنواع معينة من الأسلحة.

تضعضع علاقتها بتركيا

و أكد أن موضوع العلاقات الإسرائيلية - التركية هو موضوع مهم للغاية على المستوى الإستراتيجي، خصوصا وأن محاولة تركيا أن تتوسط خلال الحرب في غزة لم يحالفها النجاح، أساسا بسبب الموقف المصري، كما أن وساطتها في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية معرضة للانتهاء، في ضوء مطالبة سورية أن تتم هذه المحادثات، في حال استئنافها، برعاية الولايات المتحدة، في إثر تغيير إدارتها.

في حين استهل البروفسور يورام دينشتاين، الخبير في شؤون القانون الدولي و رئيس جامعة تل أبيب سابًقا، محاضرته بالتوكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة لم ينته بعد، على الرغم من تنفيذ خطة فك الارتباط الأحادية الجانب. غير أن الحكومة الإسرائيلية تعتقد بأنه انتهى، كما أنها أقنعت المحكمة الإسرائيلية العليا بهذه المقاربة.

و قال إن أي احتلال يصل إلى نهايته المنطقية والقانونية في واحدة من حالتين: الأولى التوصل إلى اتفاق ثنائي في هذا الشأن، والثانية انسحاب الطرف المحتل بصورة كاملة من الأرض التي كان يحتلها.

إلا أن المحاضر نفى، جملة و تفصيلا، أن تكون إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في القطاع في أثناء عملية "الرصاص المسكوب" على المستوى العام، و ذلك وفًقا للتعريف القانوني المخصوص بشأن هذه الجرائم في "أنظمة الحرب" المرعية على الصعيد الدولي.

لا حاجة للتكافؤ ...

و أوضح أن العدد شبه المتساوي للقتلى الفلسطينيين المدنيين والقتلى الفلسطينيين الذين في الإمكان اعتبارهم جزءا من المجهود الحربي للطرف الآخر، يؤكد أن سلوك إسرائيل كان "ممتازا"، بل يمكن القول إن "الأميركيين يتطلعون إلى أن يكون سلوكهم على هذا النحو في العراق وأفغانستان"، في الوقت نفسه لا توجد هناك أي حاجة لأن يكون تكافؤ بين الطرفين، ولجوء إسرائيل إلى استعمال القوة المفرطة والنيران الكثيفة قانوني للغاية، و قد سبقتها الولايات المتحدة إلى هذا الأسلوب في كوسوفو وكانت الذريعة هي عدم تكبيد الجيش الأميركي خسائر بشرية فادحة.

أما على المستوى التفصيلي فلم يكن في الإمكان معرفة الحالات التي لقي مدنيون أبرياء مصرعهم خلالها، بسبب التعتيم المطلق الذي فرضته المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على العملية العسكرية. وهناك حالة واحدة ثمة شك بشأنها هي حالة المدرسة التابعة لمؤسسة "أونروا"، والتي قيل إن الجيش الإسرائيلي يحقق فيها.

كما رفض هذا الخبير المزاعم التي قالت إن إسرائيل استعملت أسلحة محرمة دوليا، و خصوصا القنابل العنقودية، وقال إن الجيش استعمل قنابل فوسفورية لكن كانت بغاية الإضاءة وهي ليست سلاحًا في عرف القانون الدولي مع أنه قد يكون فتاكًا، تماما مثل الأعيرة المطاطية.