خبر نتانياهو الأوفر حظاً في الفوز بالانتخابات متحالف مع صقور أبعدوا شارون بتشددهم

الساعة 07:33 ص|29 يناير 2009

فلسطين اليوم-القدس

ترشح كل استطلاعات الرأي في إسرائيل فوز حزب «ليكود» اليميني في الانتخابات البرلمانية الوشيكة في إسرائيل، ما سيتيح له تشكيل الحكومة الجديدة مدعوماً بسائر أحزاب اليمين المتشدد والحركات الدينية المتزمتة. وفي حال أصابت الاستطلاعات في توقعاتها، فإن زعيم «ليكود» بنيامين نتانياهو سيعود إلى كرسي رئاسة الحكومة الذي أخلاه مضطراً عام 1999 بعد ثلاث سنوات من الحكم.

 

ومنذ إنشاء الدولة العبرية قبل 61 عاماً تبوأ زعماء «ليكود» على فترات متقطعة المنصب الأرفع فيها لـ22 عاماً، بدأت عام 1977 عندما نجح الحزب في إطاحة حزب «العمل» العريق عن الحكم الذي سيطر عليه لفترة 29 عاماً متتالياً. وتأسس «ليكود» عام 1973 كقائمة يمينية متطرفة مشتركة لعدد من الأحزاب اليمينية أبرزها «غاحل» و «المركز الحر» و «الحركة من أجل أرض إسرائيل الكاملة». ولعب رئيس الحكومة السابق أرييل شارون الدور الأبرز في تشكيل الحزب، مع إنهائه الخدمة العسكرية في العام ذاته. واختير مناحيم بيغين رئيساً للحزب ووصل إلى كرسي رئيس الحكومة عام 1977 (حتى عام 1983) ليخلفه إسحاق شامير (1983 - 1992، باستثناء عامين) ثم نتانياهو فأرييل شارون (2001 -2005).

 

تبنى الحزب منذ تأسيسه سياسة يمينية متشددة داعمة للاحتلال متبنية حلم «أرض إسرائيل الكبرى» من البحر إلى النهر. لكن زعيمه الأول بيغين حاول تقديم صورة مغايرة كحزب يميني معتدل، فأبرم اتفاق السلام مع مصر لكنه واصل انتهاج سياسة متشددة مع الفلسطينيين وأطلق يد وزرائه في تكثيف الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة لينتهج شامير ونتانياهو وشارون سياسة مماثلة.

 

واعتبر الإسرائيليون فترة حكم نتانياهو سيئة فأطاحوا به عام 1999 بعدما خذلهم «الخطيب الساحر» و «الشخصية الواعدة» الذي دخل المعترك السياسي عام 1988 وانتخب زعيما لـ «ليكود» للمرة الأولى عام 1993، وبعدما رأوا كيف ساءت علاقات دولتهم بالحليف الأبرز الولايات المتحدة بفعل سلوك رئيس الحكومة. كما اتهموه بعدم الصدقية ونزعوا ثقتهم عنه، ما اضطره إلى ترك الحلبة السياسية والتنحي جانباً لثلاث سنوات وأكثر عاد بعدها ليكون وزيراً في حكومتي شارون ثم زعيما للحزب (منذ عام 2005)، محاولاً إقناع الإسرائيليين بأنه تغير وبات أكثر اتزاناً واعتدالاً سواء في سلوكه الشخصي أو سياساته.

 

«طريقنا تمزج بين التشدد الأمني والبراغماتية السياسية». هذه هي الرسالة الجديدة التي يحملها نتانياهو (60 عاماً) للإسرائيليين في المعركة الانتخابية الحالية، فضلاً عن وعود بتحسين الوضع الاقتصادي المتأزم، و «إدارة عملية سياسية» مع السلطة الفلسطينية.

 

وتصب حقيقة أن الوضع الأمني في أعقاب الحرب على قطاع غزة والأزمة الاقتصادية الناشئة أخيراً يتصدران المعركة الانتخابية، في مصلحة زعيم «ليكود». فلطالما تباهى نتنياهو بأنه خريج «وحدة هيئة أركان الجيش النخبوية» (سييرت متكال) وشارك في «عمليات معقدة» ويفقه في المسائل الأمنية وفي كيفية «قطع دابر الإرهاب». كما يشير إلى ما كتبه وزير الخارجية الأميركي السابق جورج شولتس بأن مؤلفاته (نتانياهو) حول الإرهاب أثرت بشكل حاسم في بلورة السياسة الأميركية ضد الإرهاب.

 

كما يتفاخر نتانياهو بإلمامه في القضايا الاقتصادية، وحقيقة كونه يحمل اللقب الجامعي الثاني في إدارة الأعمال، وبأنه من خلال موقعيه كرئيس للحكومة وكوزير للمال في الأعوام 2003 - 2005 نجح في ايصال الاقتصاد الإسرائيلي إلى درجة عالية من الاستقرار حالت دون انهياره مع نشوء الأزمة العالمية، كما حصل في عدد من بلدان العالم.

 

وأوجز نتانياهو في تصريحات صحافية هذا الأسبوع مواقفه من مختلف القضايا التي تهم الإسرائيليين كالآتي:

 

- المفاوضات مع الفلسطينيين: يجب أن تتسم «إدارة العملية السياسية» (لا يقول مفاوضات) مع الفلسطينيين لتسوية الصراع بالمسؤولية وأن يكون الهدف الأول منها الحفاظ على أمن إسرائيل. السلام الحقيقي يجب أن يبنى من أعلى إلى أسفل ومن خلال تطوير ملموس للوضع الاقتصادي للفلسطينيين، ما سيمهد الطريق أمام الاتفاقات السياسية. أما في شأن قضية القدس، فإنه في حال أدرك الفلسطينيون أن إسرائيل مصرة على «وحدة القدس»، فإنهم في نهاية المطاف سيتعايشون مع هذا الواقع!

 

- «حل الدولتين»: لا توجد لدينا نية للسيطرة على الفلسطينيين وأنا مستعد لأن تكون لهم كل الصلاحيات لإدارة شؤونهم ولكن من دون أن تكون لديهم المقدرة على تشكيل خطر على إسرائيل مثل السيطرة على الأجواء أو إدخال السلاح أو بناء جيش وغير ذلك. ويجب أن تُسحب الصلاحيات السيادية (من الدولة الفلسطينية العتيدة) في إطار المحادثات حول الحل الدائم.

 

- إسقاط حماس هو هدف استراتيجي ويمكن تحقيقه في طرق سياسية واقتصادية وبوسائل عسكرية إذا اقتضت الضرورة. لن نجري أي مفاوضات مع هذا «التنظيم الإرهابي» الذي يصرح علانية بنيته القضاء على إسرائيل، ولذلك لا يمكن أن تكون «حماس» طرفاً في المفاوضات.

 

- الجولان المحتل: لن نوافق على الانسحاب من الجولان حتى في إطار اتفاق سلام مع سورية.

 

- ايران: يجب منع إيران من الحصول على أسلحة نووية. أعلنت ذلك عام 1996. ومن توقع هذا الخطر يعرف كيف يواجهه اليوم.

 

ويفاخر نتانياهو بما يصفه «المنتخب القومي» الذي أفرزته الانتخابات الداخلية لتشكيل قائمة «ليكود» للكنيست المقبل. وتظهر اللافتات الدعائية صوراً لنتانياهو محاطاً بثلاثة من أركان قائمته: رئيس هيئة أركان الجيش سابقاً الجنرال المتقاعد موشي يعالون، والوزير السابق دان مريدور الذي يحظى بشعبية واسعة في أوساط عموم الإسرائيليين، والوزير السابق المتشدد بيني بيغين، نجل رئيس الحكومة السابق مناحيم بيغين.

 

لكن مراقبين يشككون في أن ينجح نتانياهو في التحكم بأعضاء حزبه حيال حقيقة أن ثلثي المرشحين الـ35 الأوائل هم من غلاة الصقور في «ليكود»، ويحملون مواقف سياسية متصلبة ويعارضون أي تنازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويدعمون الاستيطان فيها. وعرف هؤلاء بـ «متمردي ليكود»، وبعضهم من «أمناء أرض إسرائيل» الذين اضطروا رئيسه السابق أرييل شارون إلى مغادرة الحزب وتشكيل حزب «كديما». ويرى معلقون أنه حتى لو أراد نتانياهو فعلاً انتهاج «سياسة براغماتية»، فإنه لن ينجح مع هذا الكم من النواب المتشددين، حتى يبدو أنه سيكون رهينة في أيديهم.