خبر مدير إذاعة القدس بغزة : شكّلنا جسراً ربط شرايين القطاع الذي قطّعه عدوان الصهاينة

الساعة 09:20 ص|28 يناير 2009

فلسطين اليوم : نقلاً عن وكالة أنباء فارس الإيرانية

خلال أيام الحرب الصهيونية الغاشمة على غزة ، برز دورٌ فاعل للطواقم الإعلامية الفلسطينية، التي واصل كوادرها وجنودها المجهولون الليل بالنهار ليغطوا العدوان الغاشم ؛ فاستحقوا بجدارةٍ لقب المقاتلين لاسيما و أن هذه الشريحة قدّمت خمسة من خيرة أبنائها خلال هذه الفترة شهداء و هم يؤدون واجبهم الرسالي.

مراسل وكالة أنباء فارس في غزة أجرى حواراً صحفياً مع الإعلامي صالح المصري ، مدير إذاعة «صوت القدس« ، التي كانت الملاذ الأول للغزيين الذين لزموا منازلهم خلال الحرب حيث كانوا يستقون منها ما يجري حولهم من أحداث متلاحقة على الأرض لتشكل جسر تواصل ربط شرايين القطاع التي قطعت بفعل العدوان البربري الغاشم.

ولم يقتصر تواصل الإذاعة على الجمهور الداخلي وحده – كما يؤكد مديرها - و إنما امتدت إلى فلسطينيي الشتات و العالم الخارجي ، كي يطلعوا على ما يجري في غزة عبر موقع الإذاعة على شبكة الإنترنت الذي يمكن من خلاله الاستماع لبثها الحي.

و قد استهل مدير إذاعة القدس حديثه عبرنا بتوجيه التحية والرحمة للشهداء الأبرار خاصة الصحفيين منهم الذين لعبوا الدور البارز في نقل مظلومية الشعب الفلسطيني و عكس معاناته و هول المجازر البشعة التي ارتكبها كيان الإرهاب الصهيوني ضده إلى العالم بأسره .

و شدد المصري على أن الإعلاميين في غزة هم من حركوا الشعوب في العالم من خلال تسليطهم الضوء بكلماتهم وبصورهم الفوتوغرافية والتلفزيونية على جرائم العدو ، لذلك كانوا عرضةً للاستهداف والقصف بشكل متعمد .

و أشار إلى أن الصحفي الفلسطيني يمتاز بالشجاعة ، موضحاً أن الطواقم الأجنبية التي دخلت لم يقارن عملها بالطواقم الفلسطينية المقيمة في غزة التي واكبت الحدث منذ اللحظة الأولى .

و قال المصري بهذا الصدد : "الصحفي الفلسطيني هو الأقدر على الدفاع عن قضيته و أنا اعتقد أن الصحفيين الفلسطينيين جميعهم أصحاب قضية ولديهم طاقة كبيرة على العمل وهذا تجلى بشكلٍ واضح من خلال تواصلهم ليلاً ونهاراً من أجل إبراز معاناة شعبهم"، داعياً إلى "تكريمهم واحترام عملهم وتوفير كل الأجواء المواتية لهم من أجل رسالتهم السامية لا أن نطاردهم ونعتقلهم كما يجري في الضفة".

كما دعا هذا الإعلامي ، الصحفيين الفلسطينيين - خاصةً المصورين- إلى توثيق أعمالهم لتقديمها كوثائق للمؤسسات الدولية التي تعتزم رفع قضايا ضد قادة الاحتلال للمحاكم الدولية للتعامل معهم كمجرمي حرب .

و أشار مدير إذاعة القدس في غزة إلى أن هناك وسائل إعلام عربية ساهمت إلى حدٍ كبير في تبني الرواية الصهيونية، في مقابل وسائل عربية وفلسطينية أخرى تجندت إلى حد كبير لمواجهة الآلة الإعلامية الصهيونية التي حاولت أن تبرر مزاعمهم في الحرب على غزة .

و أكد المصري أن الوسائل العربية التي تجندت لخدمة الرواية الصهيونية فشلت في سياستها حيث تكشف أسلوبها الذي استعانت فيه بعبدة الدولار من الكتّاب والمثقفين المرتزقة لتبرير العدوان وفقاً لأجندات استخبارية تعمل لصالح الكيان الصهيوني.

و في سؤالنا له عن تجربة الإذاعة وتغطيتها خلال الحرب – لاسيما وأنها كانت معرضة للقصف نظراً لأنها صوت يعبّر بلسان حال المقاومة-، قال الإعلامي المصري:" منذ اللحظة الأولى للحرب أدركنا أن المهمة صعبة وشاقة ولنا نصيب كبير منها، لأن العدو ركّز في حربه على اختراق بث الإذاعات ، و بدأ يبث سمومه للناس وبدا واضحاً أن الحرب جزء كبير منها إعلامي و نفسي تنفيذاً لمقررات تقرير "فينوغراد" الذي أوصى في جزء منه حول هذا الجانب" .

و أضاف : "نحن أدركنا مهمتنا الوطنية والإعلامية وكانت مهمتنا منذ اللحظة الأولى أن نتعامل مع مستمعينا بسياسية خاصة، لأن الحرب تتطلب تماسك الجبهة الداخلية وليس بث الرعب في نفوس الناس" .

و أشار إلى أنهم بدأوا على الفور بترتيب غرفة البث الخارجي تفادياً لأي قصف خاصةً بعد أن استهدف العدو فضائية الأقصى، لافتاً إلى أنه جرى تأمين مكان بديل بعيداً عن تواجد الإذاعة كي يتم ضمان تواصل الرسالة الإعلامية .

و أوضح أن المهمة كانت صعبة للغاية ، مبيّناً أنه أصدر توجيهاته للكادر العامل بالتركيز على المقاومة والصمود و ذكر خسائر العدو وفي المقابل عدم الإفراط في الحديث عن الشهداء والجرحى بالإضافة لاستضافة الشخصيات الدينية كي ترفع من أزر الناس وتشد من هممهم .

وتابع يقول : "وكان من بين توجيهاتنا للطاقم العامل ضرورة استضافة أصحاب الخبرة في الإرشاد النفسي كي يقوموا بدورهم في إرشاد العائلات الفلسطينية المعرضة للقصف في كيفية التعامل مع الصغار، والتركيز على المحللين السياسيين المتفائلين، و الاتصال بالشخصيات السياسية كون الأمر متعلق بتحدي الاحتلال وإثبات أن المقاومة لا زالت بخير وهي بين صفوف شعبها".

و تحدث المصري عن معوقات فنية اعترت عمل الإذاعة في ظل الحرب لعل أبرزها – كما بيّن- عطل المولد الرئيسي للإذاعة في ظل غياب الكهرباء بفعل العدوان بالإضافة لإصابة مراسل الإذاعة شمال القطاع والعمل في ظروف سيئة حيث كان يجلس المذيع والمهندس والمنفذ على طاولة واحدة وفي بعض الأحيان كانت تخرج أصوات وضجيج لكن كنا لا نعير اهتماماً، لأن مجرد العمل في مثل هذا الظرف العصيب أمر بالغ الأهمية.

و في تقييمه لأداء المؤسسات الإعلامية الفلسطينية إبان الحرب ، قال المصري : "أبرز ما لفت نظري هو غياب التوجيه والوعي الممنهج للسياسة الإعلامية"، مشيراً إلى أن "الإرباك أصاب كثيراً من المؤسسات الإعلامية التي بدا واضحاً غياب الخطط البديلة لها في الحرب أو في الأزمات" .

و مضى يقول : "كنت أفضل أن يتوحد البث كي نخاطب الجمهور بشكل واع و وطني لا أن يغني كل منا على ليلاه (..) آمل أن نتعلم من هذه التجاوزات الصغيرة ونحاول أن نحسن الأداء بشكلٍ أفضل" .