خبر غزة: حصار متجدد• ..بشارة مرهج

الساعة 02:28 م|27 يناير 2009

 

 

26/1/2009

       حاولوا اخضاع غزة واسكات صوتها بالطائرات الحربية والمدافع والقنابل الفوسفورية فكان الفشل حليفهم. اليوم يعودون الى الحصار الذي فرضوه طيلة السنوات الماضية علّه ينفع في كسر ارادة غزة ومقاومتها الباسلة. والحصار الذي يعتمدونه اليوم أشد وأدهى لانه يأتي بعد حرب همجية استباحت المدارس والمستشفيات، وركزّت على المدنيين والاطفال وهدمت البيوت على العائلات. وهو أشد وادهى لانه يُفرض مقروناً بالمراوغة الدولية التي تتغاضى عن المجرم وتلاحق المظلوم.

       انه اشد وادهى لانه يأتي معززاً بالبوارج الفرنسية والبريطانية التي هرعت لتضييق الخناق على المحاصرين الذين انتصروا على الارهاب الاسرائيلي واحرجوا النظام العربي العاجز. انه أشد وادهى لانه يغرز انيابه، في لحم الاطفال وصدور الامهات الخارجين من تحت الرماد والانقاض، وفي ظل ما يسمى وقف اطلاق نار اضطرت اليه اسرائيل المأزومة  بعدما فرغت مخازنها من الذخائر، وأُصيب جنودها بالأحباط وتسربل سكانها بالخوف والقلق.

       مرة اخرى تجدد اسرائيل محاولاتها للانتقام من اهل غزة وادخال اليأس الى قلوب الفلسطينيين المتمسكين بحقهم وارضهم  وقدسهم. وازاء هذه المحاولات المتجددة لكيان الاستيطان والاغتصاب لتشتيت الفلسطينيين والغاء حق العودة وتصفية القضية الفلسطينية فليس من واجب يعلو على واجب التضامن الكلي مع غزة بأهلها ومقاومتها. فهذا حق لغزة علينا وهي تدافع عنا جميعاً اذ تدافع عن نفسها ويتوزع ابناؤها الجراح والمجاعة والشهادة. وازاء هذه المحاولات المتجددة لتركيع غزة فان الفلسطينيين في الداخل والشتات  مدعوون لوقف الحملات المتبادلة واعتماد الخطاب الفلسطيني الديمقراطي الذي يضع الخلاف في موقعه الطبيعي ويستعيد المؤسسات على اساس وثيقة الوفاق الوطني. لقد قاتلت  فصائل المقاومة في غزة الى جانب حماس وتسابق ابناؤها، في ملحمة فريدة، لتقديم التضحيات الجسيمة، فاصبح من حق الجميع المشاركة في القرار كما في حكومة جامعة تنهض بالقضية  وتكون منزهة ومحصنة بوجه الفساد.

       فهذه التعددية الفلسطينية هي مصدر غنى للشعب الفلسطيني الذي كان على الدوام مثالاً حياً للعمل الديمقراطي كما للحيوية النضالية والعطاء الحضاري في منطقة منكوبة بالاحتكار والتبعية والاستبداد.

       واذا كانت دول وهيئات تختلق الذرائع للسكوت عن الحصار والامتناع عن ارسال المساعدات الى غزة المحاصرة فان تشكيل هيئة وطنية موثوقة من مناضلي فلسطين وشخصياتها الوطنية قد يكون الرد العملي على كل من يريد حرمان غزة من حقوقها ومستحقاتها.

       وبمواجهة الحصار الظالم المتجدد فان الانظمة العربية المعنية مدعوة للمساهمة الفعلية في رفع هذا العار عن كاهل العروبة والانسانية وفتح كل المعابر والامتناع عن اي خطوة او صيغة او اتفاق يستهدف ابتزاز غزة وتجويعها وتركيعها.

       ان نهج ممالأة العدو وحلفائه الذي تعتمده الانظمة لم يجلب سوى المهانة الى اصحابه ولم يجلب سوى النيران الى صدر الشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة.  اما الذين يراهنون على الرئيس الامريكي الجديد لانصاف الفلسطينيين ورفع الظلم الكبير عنهم فعليهم ان يدركوا ان باراك اوباما مطوق بأقطاب الحزب الديمقراطي المؤيد لاسرائيل، كما هو مطوق باللوبي الاسرائيلي الموجود داخل البيت الابيض نفسه ولذلك فهو عاجز عن اتخاذ اي قرار نوعي لمساعدة الفلسطينيين – هذا ان اراد – ما لم يكن ثمة ضغط جدي وحقيقي بالمقابل يتمثل بالجهوزية الفلسطينية الفعالة لدحر الاحتلال، وبموقف عربي قوي قادر على المناورة وفرض نفسه على المستوى الاقليمي كما الدولي. فبدون هذين العاملين ستظل المصائب والويلات من نصيب الشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها سواء جاء جورج ميتشل او ذهب فيليب حبيب، ومن هنا اهمية التمسك بالسلاح الفلسطيني والمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية رغم التشنجات القائمة، ومن هنا ايضاً اهمية المبادرة التي قام بها الملك عبد الله في قمة الكويت رغم المحاولات المحمومة لاستفزاز الذين اقبلوا عليها ورحبوا بها.