خبر مقاومة غزة تبدو مطمئنة لقدراتها التسلحية رغم الترتيبات الإسرائيلية ـ الغربية

الساعة 11:34 ص|27 يناير 2009

فلسطين اليوم - غزة

بينما ينشغل المسؤولون الإسرائيليون والغربيون، وبعض المسؤولين العرب أيضاً، بالحديث عن "الترتيبات" المحكمة التي تهدف لوقف ما يسمى بتهريب السلاح إلى قطاع غزة؛ فإنّ المقاومة في القطاع تبدو مطمئنة إلى حد ما.

 

فالمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة التي تعتمد بشكل كبير على سلاحها محلي الصنع، ضمن هذا الشريط الساحلي الضيِّق والمحاصر، الذي لا تزيد مساحته عن 360 كيلومتراً مربعاً، تؤك من جانبها أنها لن تعجز عن استجلاب السلاح والذخائر مهما بلغ الأمر.

 

وأبدى أحد القادة البارزين في "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكري لحركة "حماس"، سخريته من سعي القيادة الإسرائيلية ومعها الإدارة الأمريكية وحلفائها لعدم تمكين المقاومة من تطوير قدراتها العسكرية، ومراقبتها للبحار والمحيطات والحدود، ومنع إدخال السلاح إليها.

 

وقال هذا القيادي الذي فضّل عدم ذكر اسمه، "المتتبع لمسيرة المقاومة الفلسطينية على مدار العقدين الماضيين يدرك أنها مقاومة بنت نفسها بنفسها، سواء على صعيد الوسائل القتالية أو الكوادر البشرية، والجميع يعرف كيف امتلكنا أسلحتنا وطوّرناها، إلى أن وصلنا لما وصلنا إليه، وهذا لم يأتِ بسهولة".

 

وأعاد القيادي المقاوم إلى الأذهان أنّ طموح "كتائب القسام" لم يقف عند حدود الصواريخ محلية الصنع، بل سعت إلى تطوير مداها وكذلك امتلاك أسلحة جديدة أكثر دقة وأكثر قوة، وذلك "من أجل أن تدافع بها عن الشعب الفلسطيني". وهكذا امتلكت المقاومة في قطاع غزة، صواريخ "غراد"، والتي أطلقت "القسام" المئات منها خلال الحرب الأخيرة على غزة.

 

وأضاف القيادي "قدّمنا العشرات من الشهداء والجرحى، وهُدمت عدد من المنازل خلال مسيرتنا في تصنيع وتطوير السلاح، وهذا لم يوقف طريقنا في مواصلة تصنيع ذلك السلاح في ظل

الحصار المشدد على غزة".

 

وكشف القيادي بـ"كتائب القسام"، أنّ المقاومة في القطاع تمتلك أسلحة أخرى غير "غراد"، بعضها تم استخدامه خلال الحرب الأخيرة على غزة وبعضها لم يُستخدم، رافضاً إعطاء المزيد عن هذه الأسلحة.

 

وأوضح القيادي أنّ تسعين في المائة من السلاح الذي في يد المقاومة في قطاع غزة هو من صنع محلي، وأنّ لديهم اكتفاء ذاتياً في تصنيع هذه الأسلحة والذخائر والمتفجرات، بينما يواصلون البحث عن المزيد من هذه الوسائل بشتى الطرق، مشيراً إلى أنّ "كل الإجراءات التي تحدث عنها الجانب الإسرائيلي أو ما سيتحدث عنها" لن تؤثر عليهم.

 

وبشأن الإصرار الإسرائيلي على حشد قوى دولية وإقليمية لأجل عدم إدخال السلاح إلى غزة، قال القيادي "حينما نريد إدخال السلاح إلى قطاع غزة لن نطلب إذناً من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي دولة في العالم، سندخله ونحن نعرف كيف ندخله جدياً، وكلّ محاولاتهم هذه ستبوء بالفشل والأيام القادمة ستثبت ذلك".

 

وبدا القيادي واثقاً من تأكيداته عندما قال "لو جففوا كل البحار والمحيطات، وأغلقوا كل الصحاري والطرق والأنفاق، فلن نعجز الوسيلة في التزود في السلاح، لأنه من حقنا وسنسعى لذلك بكل الوسائل والطرق، ونتحدى كلّ البوارج وحاملات الطائرات في عرض البحار والمحيطات وأجهزة الرصد بكل أنواعها على الأرض"، على حد تعبيره.

 

ومن جهته؛ وصف الدكتور عاطف عدوان، عضو المجلس التشريعي عن حركة "حماس" وأستاذ العلوم السياسية، الجهد المحلي الفلسطيني في تصنيع المتفجرات والسلاح والصواريخ والاعتماد على الذات، بأنه سيصب في أنّ الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة سيجدان أنفسهما ينفقان أموالهما دون أن يجدوا عائداً حقيقياً على أرض الواقع لمنع استجلاب السلاح.

 

وقال عدوان إنّ "المقاومة لا خوف عليها، وهي بإذن الله تعالى قادرة على أن تنجز ما أنجزته سابقاً، خاصة في ظل هذا التعاطف الدولي، فالمعركة الآن هي معركة عقول وأدمغة أكثر مما هي أي شيء آخر"، وفق تقديره.

 

وتابع الأكاديمي الفلسطيني "من تعوّد على أن يحضر هذا السلاح لفترة زمنية طويلة، سيطوِّر تكتيكاته بناء على ما هو مستجدّ الآن، خاصة وأنهم يتحدثون الآن عن قضية بحار، وأنّ السفن البحرية الإسرائيلية من الأكثر السفن تطوّراً وما أضيق المساحة البحرية لغزة، وبالتالي هم لا يأتون بجديد من الناحية الموضوعية. قد يشدِّدوا قليلاً في أعالي البحار، وأنا صراحة لا أدري من أين يأتي السلاح سواء من البحار أو أي مكان آخر، ولكن هم لن يستطيعوا أن يمنعوا وصول هذا السلاح إلى غزة بأي حال من الأحوال، ولا يمكنهم أن يتواجدوا في كل شبر"، كما قال.

 

ولفت الدكتور عاطف عدوان الانتباه إلى "أننا في هذه المرحلة قد لا نريد كمقاومة أشياء مادية، بل نريد أفكاراً لتطوير كل شيء ولمواجهة ما هو موجود، مثل مواجهة طائرة الاستطلاع "الزنانة" أو الدبابة أو الطائرة المروحية، لأنّ هناك دولاً عظمة وكبرى لا تستطيع مواجهة ذلك، ولكن بفكرة صغيرة هنا أو هناك تدعم المقاومة، وإن شاء الله سيخيب ظنهم ولن يتحقق شيء لهم في منع دخول السلاح"، على حد قوله.

 

ومضى أستاذ العلوم السياسية إلى القول "لا توجد هناك في تاريخ الشعوب أسبقيات استطاع العدو فيها أن يمنع حركات المقاومة من التزوّد بالوسائل القتالية، حتى قديماً في عهد الاتحاد السوفيتي بالنسبة لأفغانستان أو الولايات المتحدة أو الكيان الإسرائيلي"، وأضاف "لا يمكن أن يحاصروا حركة مقاومة ويمنعوها من استجلاب السلاح من الخارج، وهذا ليس تهريباً، فهو حق للشعوب المظلومة والمقهورة والواقعة تحت الاحتلال"، على حد تعبيره.

 

وخلص عدوان إلى القول "قد يفعلون (الجانب الإسرائيلي وأطراف دولية) ما في وسعهم وربما أكثر ما في وسعهم، ولكن أتصوّر أنّ السلاح حينما كان يأتي قديماً قبل هذه الحرب لم يكن يأتي ببساطة وبسهولة أو بشكل مكشوف، كان يأتي من خلال وسائل سرية وخاصة"، كما استذكر.