مضمون غير واضح.. ترامب باع المزيد من البطاقات لمؤتمر البحرين - هآرتس

الساعة 01:34 م|13 يونيو 2019

بقلم: تسفي برئيل

 

(المضمون: موافقة مصر والاردن والمغرب على المشاركة في مؤتمر البحرين تدل على ارتباط هذه الدول بالولايات المتحدة أكثر مما تدل على دعمها للقضية الفلسطينية. والرئيس الامريكي يمكنه ضم هذا الحدث الى سجل جهوده الضئيلة التي بذلها من اجل العملية السلمية - المصدر).

 

البشرى التي خرجت من البيت الابيض والتي تقول إن مصر والاردن والمغرب ستقوم بارسال ممثلين عنها الى "ورشة العمل الاقتصادية" التي بادر اليها الرئيس الامريكي في البحرين في نهاية الشهر الحالي، تم قياسها على الفور بمقياس الربح والخسارة. خسارة للفلسطينيين الذين لم ينجحوا في اقناع الدول العربية على مقاطعة المؤتمر وانجاز ترامب الذي نجح في بيع ثلاث بطاقات جديدة اخرى للعرب، دون معرفة ما هو مستوى الممثلين الذين سيحضرون وما هو جدول الاعمال. ولكن مشاركة السعودية ودولة الامارات والبحرين والدول الثلاثة التي انضمت حديثا، من الجدير فحصها في سياق علاقات هذه الدول مع واشنطن واسرائيل أكثر من كونها اختبار للحماسة والمشاركة في حل المشكلة الفلسطينية.

 

الاردن قام بتأخير رده لاسابيع وحتى أنه اشار في البداية الى أنه لا ينوي المشاركة في المؤتمر. ولكن عمان مرتبطة بالمساعدات الامريكية، وأكثر من ذلك هو لا يمكنه أن يغيب عن أي لقاء يحتمل أن تتخذ فيه قرارات لها تأثير على مكانتها وموقعها في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. خوف الاردن هو من سيطرة السعودية على الاماكن المقدسة وابعاده عن العملية السياسية في المنطقة. والاكثر خطورة من ذلك هو أن الخطة الاقتصادية يمكن أن تمنح الاردن مليارات الدولارات، ولكن لهذه المساعدات يتوقع أن يكون لها ثمن سياسي كبير، ربما يتضمن الموافقة على استيعاب عشرات اذا لم يكن مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين على اراضيه كجزء من جهود تحييد موضوع حق العودة.

 

السعودية توجد في مسار تصادم مع الكونغرس الامريكي، الذي يفحص هذه الاثناء اربعة مشاريع قوانين تهدف الى عدم بيع السلاح للمملكة بسبب الحرب التي لا تنتهي في اليمن، والتي تعتبر الكارثة الانسانية الاكبر في هذا الوقت من ناحية الامم المتحدة. مكانة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في واشنطن غير مشجعة، لا سيما على خلفية قتل الصحافي جمال الخاشقجي وطلب الكونغرس مواصلة التحقيق في مسؤولية محمد بن سلمان عن عملية القتل. اضافة الى ذلك السعودية تعتبر الولايات المتحدة مرساة حيوية من اجل النضال ضد نفوذ ايران في الشرق الاوسط. لذلك، الاستجابة لأي مبادرة سيطرحها ترامب هي ضرورة استراتيجية، سواء اثمرت عن حل سياسي أم لا.

 

المشكلة الفلسطينية بالنسبة للسعودية هي ثانوية، اذا لم تكن هامشية، وبالنسبة لمصالحها الاقليمية واهمية مشاركتها في مؤتمر البحرين تشبه ظهور المشاهير في احتفال دولي.

 

مشاركة مصر في المؤتمر ايضا تعتبر جزء من نسيج العلاقات الوثيقة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الامريكي ترامب. مصر لا تعتبر خصمة بارزة لايران ومشاركتها في الحرب في اليمن ضد الحوثيين هي مشاركة رمزية. ولكن اعتمادها الاقتصادي على الرياض وواشنطن لا يسمح لها بادارة ظهرها للمبادرة الامريكية. ومليارات الدولارات التي منحتها إياها السعودية منذ تولي السيسي الحكم في 2013 والمساعدات السنوية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة منذ التوقيع على اتفاق كامب ديفيد، اضيف لها ايضا الدعم والضمانات التي منحتها الولايات المتحدة للقروض التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي بمبلغ 12 مليار دولار. هذا اضافة الى الاستثمارات الكبيرة التي ستمول بمعظمها من قبل السعودية ودولة الامارات.

 

مصر والسعودية ودولة الامارات تتعاون في المجال العسكري مع الجيش الخاص للجنرال الليبي خليفة حفتر. ومع اسرائيل يوجد لمصر حلف غير رسمي في الحرب ضد الارهاب قرب حدودها. ولكن مصر والاردن وحتى البحرين أوضحت بأنها تتمسك بحل الدولتين، وهي الصيغة غير المقبولة على اسرائيل. ويبدو أن واشنطن قد تنازلت عنها. وهناك مصلحة للمغرب في الحفاظ على مكانتها كشريكة في الخطوات السياسية في المنطقة. وفي السابق كانت شريكة في الوساطة بين اسرائيل والفلسطينيين. ولكنها ايضا دولة محتاجة من ناحية اقتصادية، والعلاقة الوثيقة مع امريكا هي الضمانة الهامة لها لخلق حزام مالي من اجل أن تبقى على قيد الحياة.

 

جميع الدول ورجال الاعمال الذين سيشاركون في المؤتمر من الواضح لهم أن أساس عبء تمويل الخطة، التي حسب التقديرات ستقترح تجنيد 70 مليار دولار تقريبا، سيلقى على كاهل الخليج. حتى الولايات المتحدة لم تذكر المبلغ الذي ستوافق على دفعه من اجل تنفيذ الخطة. الاتحاد الاوروبي اوضح موقفه والذي يقضي بأن أي خطة لا تقترح حل سياسي واقعي وتناقض مبدأ حل الدولتين، هي خطة لا تستحق النقاش.

 

الاتحاد الاوروبي حظي بالانتقاد من مستشار ترامب، غارد كوشنر، فقط في 4 حزيران قبل يوم من لقاء وزراء الخارجية لدول الاتحاد من اجل مناقشة القضية الفلسطينية. دول الاتحاد تعلمت من لقاءات سابقة، اللقاء الذي عقد في وارسو في شباط الماضي واللقاء الذي عقده البيت الابيض في آذار 2018، بأنها مطلوبة كي تستخدم مثل الصراف الآلي لصالح افكار ترامب. الآن ايضا يقول زعماء كثيرون في دول الاتحاد إنه من الخطأ المشاركة في مؤتمر البحري، الذي يعتبرونه محاولة لتجاوز المسار السياسي الذي بدونه لا توجد أي فائدة حتى للحديث عن التمويل والاستثمارات.

 

من ناحية الفلسطينيين، مشاركة الدول العربية في المؤتمر رغم الجهود الكبيرة التي بذلها محمود عباس لاقناعها بعدم المشاركة، هي دليل آخر على أن "القضية الفلسطينية" تخدم الدول العربية كساحة لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة واسرائيل، وتنظيم خارطة النفوذ العربي في الشرق الاوسط. هذه الدول حسب تقدير عباس، تفضل الحفاظ على الوضع الراهن الذي يضمن لها الدعم الامريكي دون دفع مقابل سياسي على شكل الاعتراف باسرائيل واقامة علاقات معها، مثلما كان مطلوب منهم فعله لو أن العملية السياسية وصلت في النهاية الى اتفاق سلام.

 

ولكن ايضا حتى لو أن عباس قرر الموافقة على دعوة ترامب من اجل أن يحصل على الاقل على المساعدة الاقتصادية السخية التي ستقدمها الخطة، فان تجربته الصعبة علمته بأنه في كل ما يتعلق بالتمويل لا يوجد له من يعتمد عليه. مثلا، الدول العربية تعهدت في مؤتمر القمة العربية هذه السنة بتحويل 100 مليون دولار شهريا للسلطة من اجل جسر فجوة خصم اموال الضرائب التي فرضتها اسرائيل. وحتى الآن لم يصل أي دولار، وقطر فقط هي التي وافقت على تحويل 480 مليون دولار للسلطة، التي سيتم تنقيطها خلال فترة زمنية طويلة.

 

مؤتمر البحرين لا يمكن ولا ينوي أن يكون البديل عن المفاوضات السياسية، أو اقتراح حل سياسي يتجاوز المفاوضات. مشكوك فيه أن يتم التوصل فيه الى توافقات ملموسة على الاموال وعلى الجدول الزمني حتى بالنسبة للمجال الاقتصادي. ترامب يمكنه أن يضم هذا الحدث الى سجل الجهود الضئيلة التي بذلها في العملية السلمية، والتي حطمها عندما اعترف بالقدس كعاصمة لاسرائيل ونقل اليها السفارة الامريكية واعترف بضم هضبة الجولان لاسرائيل.