خبر الحرب العالمية ضد تهريب السلاح إلى غزة!! .. ياسر الزعاترة

الساعة 01:26 م|26 يناير 2009

كتب: ياسر الزعاترة

يقول البند الثاني من مذكرة التفاهم التي وقعتها وزيرة الخارجية السابقة رايس مع نظيرتها الإسرائيلية ليفني بشأن تهريب السلاح إلى قطاع غزة: "ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء في المنطقة ، وفي حلف شمال الأطلسي لمعالجة مشكلة تزويد الأسلحة والمواد ذات العلاقة وتنقلات الأسلحة والشحنات البحرية إلى حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى في غزة ، شاملاً النقل في البحر المتوسط ، وفي خليج عدن والبحر الأحمر وفي شرقي افريقيا ، من خلال تحسينات على الترتيبات الحالية أو من خلال إطلاق مبادرات جديدة لزيادة فعالية هذه الترتيبات فيما يتعلق بمنع تهريب الأسلحة إلى غزة". بعد ذلك تعدد الوثيقة الوسائل التي ستستخدم لتحقيق الهدف المذكور ، وهي وسائل رهيبة بكل المقاييس. ثم تأتي النقاط الأخرى التي توحي بأننا إزاء مشكلة عالمية بالغة الخطورة تهدد أمن العالم برمته ، وليست مشكلة تتعلق بتهريب بعض الأسلحة الخفيفة لمنظمات مقاومة معزولة ومحاصرة في شريط ضيق من الأرض لا تتعدى مساحته كاملة 360 كيلو مترا مربعا.

هناك الكثير من الملاحظات التي يمكن للمراقب إيرادها بشأن هذه المعركة التي تدور رحاها من أقصى العالم إلى أقصاه ، وتشارك فيها قوىً دولية مدججة بأعتى أدوات القوة ، وعلى رأسها أكبر حلف عسكري في الكون برمته ، أعني حلف الناتو.

لعل الملاحظة الأولى هي تلك المتعلقة بتوريث هذه المهمة المقدسة من طرف إدارة بوش لإدارة أوباما ، من دون أن تقل حماسة هذا الأخير لإنجازها ، إذ بادر إلى مناقشتها مع المسؤولين المصريين وكذلك السعوديين ، طالباً إليهم المساعدة في التنفيذ ، لا سيما مصر التي تتعرض لضغوط قوية كي تتجاهل عناصر سيادتها. ونتذكر كيف انتفض الرئيس ووزير خارجيته عندما وردت أنباء توقيع المذكرة التي تجاهلت مصر على نحو سافر ، الأمر الذي جرى استيعابه على الفور من طرف الحلفاء الأوروبيين الذين توافدوا إلى شرم الشيخ لتطييب الخواطر أولاً ، والتأكيد على قداسة المهمة ثانياً ، وها هي فرنسا (ساركوزي) الأكثر حميمية في علاقتها مع الدولة العبرية لا تتأخر في التنفيذ ، حيث أرسلت فرقاطة تحمل طائرة مروحية ورادارات لمراقبة ساحل غزة ، وبالطبع بالتعاون مع الطرفين المصري والإسرائيلي ، بينما أبدت الكثير من الدول الأوروبية ، وعلى رأسها المتحمسة الثانية (ميركل الألمانية) التي تزايد على الفرنسيين في المساعدة في إنجاز المهمة.

الملاحظة الأخرى ذات العلاقة الوثيقة بما يجري تتعلق بالهدف الآخر لهذه الزوبعة ، والذي يراه البعض ثانوياً ، بينما يراه آخرون أساسياً إلى حد كبير ، أعني هدف دعم تسيبي ليفني وحزب كاديما في الانتخابات ، وبالطبع كجزء من خطوات عديدة سنتابعها خلال الأسابيع المتبقية لموعد الانتخابات ، وذلك للخطورة التي تنطوي عليها عودة نتنياهو بحسب الرأي الأوروبي والأمريكي. ذلك أن بقاء لعبة المفاوضات على قيد الحياة بصرف النظر عن نتيجتها هو هدف يستحق التضحية من أجله ، وإلا فإن انتصار جبهة المقاومة والممانعة سيبدو محسوماً ، أقله من حيث الرؤية والبرنامج ، إذا لم يكن بالإمكان تحقيق انتصار مباشر على الأرض.

على أن ذلك لا ينفي أن هذه المسألة ، مسألة التهريب ، ليست هامشية تماماً ، فهي مهمة بالفعل ، والسبب الذي يمنحها مزيداً من الأهمية هو تلك الهشاشة التي بات يتسم بها المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يحتمل الحرب ولا الخسائر مهما كانت بسيطة ، بدليل أن كل هذا الاحتفاء بمعركة غزة إنما يعود لقلة الخسائر العسكرية فيها: في تجاهل تام لعجزها عن تحقيق أهدافها ، فضلاً عن حقيقة أن قلة الخسائر إنما تعود إلى عدم تقدم الجيش الإسرائيلي صوب المناطق التي كان يمكن أن تشهد معارك حقيقية مع قوى المقاومة ، وتفضيل سياسة الأرض المحروقة حتى لو انطوت على خسائر سياسية وأخلاقية.

هكذا نتابع هذه الحرب العالمية ضد قوى المقاومة تحت لافتة تهريب السلاح ، في ذات الوقت الذي نحصل فيه على تأكيدات جديدة بأن إدارة أوباما لن تغير سياسة الانحياز للدولة العبرية ، ومن ورائها أكثر دول الاتحاد الأوروبي. أما الأهم فهو التأكيد على هشاشة هذا العدو وإمكانية الانتصار عليه لو توفرت الإرادة لدى هذه الأنظمة العربية البائسة ، ومن ضمنها النظام الرسمي الفلسطيني.