تقرير المحرر باسل التاية بعد 10 سنوات... يتحدث عن يوميات الأسرى في رمضان

الساعة 11:57 م|20 مايو 2019

فلسطين اليوم

"في أول يوم من رمضان شعرت أن هناك شيء مختلف... غير طبيعي كنت على المائدة مع عائلتي جسدا وفكري في السجن" بهذه الكلمات وصف الأسير المحرر باسل أبو تايه من بلدة سلوان جنوب مسجد الأقصى أول أيام شهر رمضان المبارك بين عائلته بعد عشر سنوات من غيابه في السجن.

وكان أبو تايه أُفرج عنه في يناير الفائت بعد اعتقال دام عشر سنوات، قضى معظمها في سجن النقب الصحراوي، وكان خلالها مسؤول المطبخ لكل القسم المسؤول عنه، ويأخذ على عاتقه إعداد الطعام وتدوير ما يصله من مواد ليتمكن من توفير الأكل المناسب لإفطار الأسرى.

يقول أبو تايه:" يختلف التجهيز لشهر رمضان في السجون التي يوجد في خيام عن باقي السجون في الغرف، فالأمر لا يحتاج إلى إذن من إدارة السجون لفتح المطبخ في الليل للسحور وخروج الأسرى لإعداد الطعام، والتحرك في الخيم أسهل".

ولكن في الغرف أو الخيام الأمر ذاته في تعامل الإدارة التي لا تراعي خصوصية هذا الشهر، فيكون لزاما على الأسرى الاستعداد قبل بوقت

و أضاف:" لا يصلنا لحم ودجاج إلا بأيام الجمعة والسبت، ويمكن أن يأتي أول رمضان في وسط الأسبوع، يجب علينا أن نكون مستعدين من قبل".

والتحضير للإفطار بحسب أبو تايه يبدأ عند الساعة الواحدة ظهرا، حيث يقوم "شاويش المطعم" وهو المصطلح الذي يطلق على مسؤول عن المطبخ، ويساعده أربعة أسرى أخرين بذلك، وبالعادة يبدأ الأسرى أفطارهم ب"المقلوبة" أو المنسف"، ولكن في السجور يكون المتواجد في المطبخ من حواضر.

ويقول أبو تايه أنه طوال وجوده في السجن كان يحاول تقديم الجديد للأسرى،  وعدم الاكتفاء بما يوجد ب"الكانيتين"، ليقدم للأسرى وجبات قريبة من وجبات أمهاتهم.

ووجود باسل في السجن وهو المحب للطبخ من قبل اعتقاله، كان نعمة للأسرى الذين يوفر لهم قدر الإمكان ما يستطيع على مائدتهم الرمضانية

و يضيف قائلاً:" كنت أعلم من أخي أن أوضاع السجون كانت تختلف عما كانت عليه في قسمنا، فمعظم الأسرى وجباتهم تكون من الكانتين".

وليس فقط استخدام المتاح في الوجبات، ولكن كان باسل يعمل على خلق بالبدائل للمواد الغذائية التي تمنع الإدارة إدخالها، مثل الطحين مثلا والذي كان يستخدمه لصناعة القطايف في شهر رمضان، حيث كان يقوم بتنشيف الشعيرية التي تصلهم، وطحنها للتحول إلى طحين، يكون قريب في الطعم إلى القطايف العادي.

هذه القطايف كانت تكون حكرا على القسم الذي يتواجد فيه باسل، حتى أنه لقب بحلونجي السجن، لإعداده الحلويات باستمرار للأسرى خلال شهر رمضان المبارك.

هذه المهمة ليست بالسهلة، كما يقول تايه، فإعداد الطعام العادي لمجموعة من 120 شخصا ليست عادية، وخلق البدائل بدون أيه مقومات أيضا ليست بالسهولة

و وفقاً للاسير المحرر ابو تايه:" لا تدخل الإدارة لنا الطحين ويوما ما قال لي أحد الأسرى أنه يشتهي المعجنات، قمت بإعدادها من السميد واللحمة التي استغرق فرمها يوما كاملا حتى أصنع ما يكفي لكل القسم".

وليس فقط في رمضان، كان وجود أبو تايه في القسم مميزا بمحاولته محاكاة عادات الأكل خارج السجن مع الأسرى:" في الفترة الأخيرة أصبحنا نعد المقلوبة يوم الجمعة، ووجبة الغداء تقدم بعد صلاة الجمعة مباشرة، كما هي عادة معظم الأسر الفلسطينية في الخارج"، كما يقول.

وفي أول رمضان له خارج السجن برفقة عائلته وأولاده (قاسم وقيس) لم يجرب أن يعد أي من الأكلات الرمضانية في السجن، يقول:" كل شيء داخل السجن مختلف عما كنا عليه في السجن"، رغم أنه يقوم بإعداد الإفطار لعائلته كل يوم.

عمل أبو تايه في المطبخ وخدمته للأسرى في هذا الإطار ساعده على تخطي الأسر ويومياته الصعبة، ويحافظ على معنوياته ونفسيته الجيدة، بالإضافة إلى علاقاته الجيدة مع كل الأسرى:" كنت أحيانا اتفاجأ ببعض الأسرى بعد إعدادي لوجبات خاصة، يقدمون لي هديه من " الكانتين" تقديرا لعملي وتعبي في المطبخ، ويقولون لي أنه طعام أمهاتهم.