خبر سلطة النقد والجهات الدولية تواصل جهودها لحل أزمة السيولة لدى البنوك في قطاع غزة

الساعة 07:06 ص|25 يناير 2009

فلسطين اليوم-غزة

أعرب د. جهاد الوزير محافظ سلطة النقد عن مخاوفه من مواصلة الجانب الإسرائيلي المماطلة في حل أزمة السيولة النقدية اللازمة لتمكين البنوك العاملة في قطاع غزة من القيام بدورها تجاه مختلف الفئات، خاصة وأن البنوك في المرحلة الحالية بأمس الحاجة لتوفير السيولة اللازمة لدفع رواتب الموظفين والمساهمة في عملية إعادة الإعمار.

وقال الوزير لـ صحيفة "الأيام" "أخشى أن تعاود إسرائيل اللجوء لإعادة حصار القطاع وفقاً لأسلوبها السابق وذرائعها المتعددة"، مشدداً على أن إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة يتطلب توفير السيولة اللازمة للبنوك من خلال عدم إعاقة التحويلات المالية اللازمة لإعادة الإعمار.

وبيّن أن سلطة النقد تعمل بالتعاون مع مختلف الجهات الدولية ذات العلاقة على ممارسة الضغط اللازم لإدخال السيولة النقدية إلى بنوك القطاع، لافتاً إلى وجود الكثير من المساعدات الإنسانية التي تقدم من قبل مؤسسات دولية كالبنك الدولي ووكالة الغوث "أونروا" ومؤسسات أخرى إلا أن الجانب الإسرائيلي ما زال يعرقل دخولها بما في ذلك المساعدات المقدمة ضمن برنامج الشؤون الاجتماعية، إذ لم يسمح الجانب الإسرائيلي بدخول هذه المساعدات باستثناء ما سمح به أول من أمس من دخول مبلغ ضئيل لوكالة الغوث يقدر بنحو 16 مليون دولار ونحو 20 مليون شيكل.

وأوضح أنه عقب قطع البنوك الإسرائيلية معاملاتها مع بنوك القطاع باتت سلطة النقد تعمل على تسهيل التحويلات من البنوك العاملة في الضفة إلى فروعها في القطاع.

وشكك الوزير بصدقية ما أعلنه الجانب الإسرائيلي إبان أيام العدوان على القطاع بشأن موافقته على إدخال أموال المؤسسات الدولية العاملة في القطاع، موضحاً أنه لم يتم الالتزام بهذه الوعود حتى اللحظة باستثناء ما تمت الإشارة إليه بخصوص السماح بدخول مبالغ ضئيلة لوكالة الغوث.

واعتبر الوزير أن مشكلة صرف رواتب الموظفين عن الشهر الماضي لا تزال قائمة، إذ إن نسبة كبيرة من الموظفين لم تتمكن من استلام قيمة رواتبها بشكل كامل إثر أزمة نقص السيولة لدى غالبية البنوك.

ونوه إلى أهمية ما تبذله مختلف سفارات الدول والمؤسسات الدولية من جهود لتسهيل آلية العمل المفترض اتباعها من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، وذلك عبر مطالبة تلك الجهات الجانب الإسرائيلي بتسهيل إدخال السيولة النقدية إلى البنوك.

وشدد على دور سلطة النقد في حماية الجهاز المصرفي والحفاظ على علاقاته مع العالم الخارجي، مؤكداً استقلالية سلطة النقد والجهاز المصرفي كجهة بعيدة كل البعد عن مختلف أشكال الصراع والتجاذبات السياسية.

ودعا البنك المركزي الإسرائيلي للوقوف عند مسؤولياته تجاه علاقته مع البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية.

وأشار إلى أن الجانب الإسرائيلي عمد خلال الأشهر الماضية إلى وضع العراقيل أمام إدخال السيولة النقدية، إذ إن المبلغ الأخير الذي سمح بدخوله عقب عيد الأضحى كان مبلغاً ضئيلاً، علماً بأن بنوك القطاع تحتاج إلى نحو 250 مليون شيكل شهرياً لتغطية كلفة رواتب موظفي السلطة في القطاع.

وكشف الوزير عن المساعي المشتركة المبذولة حالياً بين سلطة النقد وجمعية البنوك من أجل إقرار مشروع يهدف إلى مساعدة متضرري العدوان في قطاع غزة، مبيناً أن هذا المشروع ما زال قيد البحث والتشاور.

واعتبر أن هذه المساعي تأتي في إطار المسؤولية الاجتماعية التي توليها سلطة النقد والبنوك تجاه قطاع غزة.

وكان التوجه للمصارف المنتشرة في مختلف أنحاء قطاع غزة أول ما فعله الغزيون بعد وقف إطلاق النار، ليتقاضوا رواتبهم التي عجزوا عن استلامها بسبب إغلاق البنوك منذ اندلاع الحرب.

لكن ما كان يخشاه هؤلاء المواطنون حدث، فالمصارف كانت تعاني أزمة سيولة خانقة، بعد أن منعت سلطات الاحتلال نقل الأموال من بنوك الضفة إلى بنوك القطاع.

وحاولت المصارف في غزة التعامل مع المشكلة المتجددة، فقررت صرف جزء من رواتب المتعاملين معها في محاولة لإرضائهم مؤقتاً، علّ المشكلة تجد طريقها للحل خلال الفترة المقبلة.

وبدا الغضب وعدم الرضا واضحين على وجه المواطن محمد الشيخ عيد، الذي لم يستطع الحصول سوى على 15% من راتبه الشهري، قائلا: "ماذا سأفعل بهذا المبلغ الصغير، هل أسدد به ديوني المتراكمة، أم أشتري به ما ينقصنا من سلع غذائية"؟.

وأكد الشيخ عيد أنه كان ينتظر انتهاء الحرب وإعادة فتح البنوك بفارغ الصبر، ليتمكن من شراء الكثير من السلع والمستلزمات التي نفدت من منزله خلال الفترة الماضية.

وأوضح أنه سيضطر للتوجه إلى البنك الذي يتعامل معه بصورة يومية، ويحاول الضغط على العاملين فيه، عله ينجح في صرف باقي راتبه، أو جزء منه على الأقل.

أما المواطن محمود صلاح فأكد أنه يعيش ظروفاً سيئة للغاية، بعد هدم منزله خلال الحرب، موضحا أنه لم يكن يوما بحاجة إلى المال كما يحتاجه في الوقت الحالي، لافتا إلى أنه اضطر للإقامة المؤقتة عند أحد أقربائه، ولا يستطيع توفير متطلبات أبنائه، وقد اضطر أكثر من مرة للاقتراض من أحد أصدقائه.

ودعا صلاح المصارف للعمل بشكل جاد من أجل إيجاد حل جذري لتلك المشكلة، وتمكين الموظفين من استلام باقي رواتبهم، ليتمكنوا من تسيير أمورهم الحياتية، في ظل نتائج العدوان المتواصل وتداعياته القاسية.

أما المواطن وسام نصر ويعمل موظفاً في السلطة، فأكد أنه رفض استلام الجزء المسموح له بصرفه من راتبه، تعبيرا عن غضبه وعدم رضاه على ما يحدث، مقسما أنه لو استلم المبلغ المذكور فلن يستطيع فعل شيء به، لذلك قرر إبقاءه في الحساب، لحين حل المشكلة.

وقال نصر: "منذ أكثر من 25 يوما ونحن نعيش ظروفا صعبة، ونعاني شحا كبيرا في المواد الأساسية، ونحن على استعداد لعيش الحياة القاسية مدة أطول".

من جهته، أكد المواطن بسام سلامة أن الحرب الإسرائيلية التي تشن على سكان قطاع غزة لم تنته بعد، رغم توقف نيران المدافع والطائرات، موضحا أن إسرائيل واصلت حربها لكن بأشكال مختلفة، فهي، على حد تعبيره، تحاول ممارسة مزيد من الضغوط على الفلسطينيين في شتى مجالات حياتهم.

واعتبر سلامة أن إسرائيل تعي تماماً أن أكثر الضغوط تأثيراً على الفلسطينيين هو حرمانهم من الحصول على أموالهم الضرورية لتسيير أمور حياتهم، داعياً ما وصفه بالعالم الصامت للتحرك ووقف ما تقوم به إسرائيل من أعمال غير إنسانية بحق الفلسطينيين.

من جهته، أكد مصدر مصرفي في قطاع غزة أن البنوك في القطاع تعاني أزمة سيولة خانقة، بسبب منع الاحتلال نقل الأموال من الضفة إلى غزة، موضحاً أن ذلك انعكس سلباً على أدائها، وجعلها عاجزة عن صرف رواتب ومستحقات الموظفين من مختلف الفئات.

وقال إن الأزمة المذكورة والتي تكررت أكثر من مرة خلال الفترة الماضية دفعت المصارف لإطلاق نداءات استغاثة لمختلف الجهات والهيئات، بغية المساعدة في حل تلك الأزمة.

وأشار المصدر ذاته إلى أن جهات محلية ودولية عديدة تدخلت، ومارست ضغوطاً على إسرائيل لحل المشكلة الحالية، متمنياً أن تثمر الجهود المذكورة عن نتائج ايجابية.