احمد عبد الرحمن

الجهاد الاسلامي بين عهدين !! نظرة عن قرب !!

الساعة 03:15 م|07 مايو 2019

كثيرة هي المقارنات التي أُجريت بين عهدين أو شخصين أو فكرتين على مر التاريخ والأزمنة !! وعديدة هي المحاولات التي تحاول قراءة الاختلافات والفوارق بين الكيانات والمجتمعات المختلفة !!

ومن هذه المقارنات التي تستحوذ على اهتمام الكثيرين من الكتّاب والمختصين خلال هذه الفترة تلك الخاصة بحركة الجهاد الاسلامي في ظل امينها العام الجديد الأستاذ " زياد النخالة " ومقارنتها بعهد سلفة الدكتور " رمضان شلح " شفاه الله .

ومن خلال متابعتي لعديد الآراء والمواقف ووجهات النظر سواء لكتّاب فلسطينيين أو عرب أو "إسرائيليين" أجد ان الكثير منهم يحاول إثبات نظرية تقول أن الجهاد الاسلامي يمر بمرحلة تحول استراتيجي في مواقفه من قضايا عدة سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الإقليمي ناهيك عن العلاقة مع العدو الصهيوني، وان الجهاد تعيد تموضعها في أكثر من مكان وعلى اكثر من صعيد.

وتعتمد هذه الفئة على بعض المواقف والتصريحات التي أطلقها الامين العام الجديد وخاصة تلك الخاصة بالعلاقة مع العدو وبالتحديد في موضوع التهدئة ، ونظرته إلى السلطة الفلسطينية وتعيين رئيس وزراء جديد لها ، وكذلك العلاقة مع محور المقاومة والجمهورية الاسلامية في إيران .

ويبدو لي ان هذه المجموعة اختلط عليها الامر ما بين الشكل والمضمون !! بمعنى آخر اهتموا بالشكل والاسلوب والمفردات وتغاضوا عن الفكرة والمبدأ الحقيقيين .

  فعندما نقارن بين مواقف الرجلين وخصوصا في القضايا المهمة والحساسة كالتي أشرت إليها آنفا نجد تطابقا كاملا وواضحا لا لبس فيه !! ربما هناك فارق فقط في الأسلوب وبعض المصطلحات المستخدمة من كلاهما !! وهذا طبيعي فلا يوجد شخصين يستخدمان نفس الكلمات لوصف امر معين رغم اتفاقهما عليه !! فلكل أسلوب وطريقة يتميز بها عن غيره .

قبل سنوات تشرفت برفقة بعض الاصدقاء بلقاء الرجلين وجها لوجه خلال إحدى المؤتمرات في بلد عربي واستمعت لكلاهما كل على حدة لساعات طوال وناقشنا عديد القضايا التي تشغل بال الجميع سواء محليا أو إقليميا ولم أجد أي اختلاف يُذكر بينهما في المضمون !! وكان هناك توافق في وجهات النظر إلى أبعد الحدود !! طبعا لكل منهما أسلوبه وطريقته الخاصة ، وهذا امر بديهي ولكن في النهاية كنا نصل إلى نفس الفكرة ونفس المبدأ في قراءة القضايا المختلفة .

وقد وجدنا ان الدكتور رمضان شلح  الذي يحمل خلفية اكاديمية علمية مميزة يتحدث بلغة المثقف المقاوم بكل ما للكلمة من معنى !! ووجدنا ان الاستاذ زياد النخالة الذي جاء من خلفية عسكرية وقضى سنوات طوال من حياته في سجون الاحتلال يتحدث بلغة المقاتل المثقف إلى ابعد الحدود .

ولذلك أنا ممن يعتقدون جازمين أن تصريحات الأستاذ " زياد النخالة " حول ما يحدث هذه الأيام من تطورات وخصوصا على المستوى الداخلي والعلاقة مع العدو والحصار المطبق على غزة وما يخلّفه من نتائج كارثية على اهلها  والاصطفافات الإقليمية التي باتت واضحة اكثر من أي يوم مضى ، لن تختلف عن تصريحات ومواقف الأمين العام السابق لو كان يتواجد على رأس حركته في هذا الوقت .

حتى لو قارنّا تلك التصريحات بأخرى قالها قادة فصائل المقاومة الفلسطينية على اختلاف مسمياتها لوجدناها تصل لنفس النتيجة وتصب في نفس الاتجاه !!

تصريحات ومواقف الاستاذ " النخالة " تلخص بوضوح المشهد الفلسطيني اليوم !! وتعطي انطباع بان المرحلة التي نعيشها اليوم بكامل تفاصيلها الصعبة ومفرداتها القاسية لا تتحمل أي عمليات مجاملة لهذا الطرف أو ذاك مهما كان موقعه او تأثيره !!

وكأني به يقول : إن كان أصحاب المشاريع المشبوهة والانهزامية لا يخجلون من مواقفهم ويجاهرون بها امام الجميع فما بالك بأصحاب الحق ومُلّاك الأرض وحملة الأمانة !!

 إن كان البعض يتفاخر بعلاقته مع العدو الصهيوني وسيدة الشر في العالم امريكا !! فهل نخجل نحن من علاقتنا مع محور مقاوم وشريف وقف مع شعبنا وامتنا بكل ما يملك من امكانيات ومنع سقوط كثير من القِلاع التي ما زالت تقاوم !!

ختاما أرى أن الامين العام الجديد للجهاد الاسلامي لم يبتدع سياسة مختلفة عن سابقه كما يدّعي البعض  !! ولم يقامر بمصلحة شعبه واهله الذين يحبونه ليرضي أطرافا إقليمية كما يزعم آخرون !! ولم يحمل نزعة متشددة في مواجهة قضايا يعتقد البعض أنها بحاجة إلى اللين والرفق  !!

باختصار هذا الرجل تحمل امانة وتركة ثقيلة في مرحلة صعبة وحساسة من تاريخ الصراع في فلسطين والمنطقة !! ويعمل بنفس الروح التي سادت على الدوام داخل صفوف هذه الحركة الوسطية التي يشهد لها الجميع !! ولم ولن يقدم أي مصلحة تُذكر على مصلحة شعبه وابناء وطنه الذين يحبهم ويحترمهم !!