خبر وفي هذه الاثناء أجهزة الطرد تدور .. هآرتس

الساعة 04:20 م|23 يناير 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

حفل التنصيب المذهل لاوباما جدير بجائزة اوسكار الاولى، وخطابه المشوق جدير بجائزة نوبل للاداب. كلماته احاطت عالما بأسره ووعوده ناطحت السماء. صوته الرخيم ووجهه المشع بثا أملا، وكأنهما جاءا من ارتباط نادر بين العقل والقلب. مليوم شخص وأكثر، جاءوا الى المكان ببرد من 10 درجات تحت الصفر توقعوا أن يسمعوا البشرى ويروها بأم عينيهم.

خطابه كان مزيجا من النشوة والواقع. حين يبعث الجميع الامال وكل واحد في مجاله ينتظر وصول المسيح بعد غد. فقد حذر من اصدار الوعود المحددة، وربما عن حق. فسفينة كبيرة كهذه لا تجري استدارة حادة جدا بسرعة. وفي كل الاحوال، فان تحت تصرفه ثماني سنوات.

كل واحد من الحاضرين في الاحتفال سمع ما اراد أن يسمعه. واذا كان بينهم يهود، فيحتمل أن تكون مرت في رأسهم فكرة عن حقيقة أن اسرائيل لم تذكر على الاطلاق. الويل – الويل – الويل. فقد تحدث عن كل مشاكل العالم الذي نعيش فيه، ولكن مع التشديد على أن قواعد اللعب وسلم الاولويات تتغير.  لعله يكون اعظم رؤساء امريكا، ولكن من ناحيتنا الخاصة، فانه لن يكون بوش. أنا لا ارى وضعا يسحب فيه رئيس وزراء اسرائيلي اوباما من جلسة، مثلما فعل اولمرت لبوش وطلب منه ان يأمر وزيرة الخارجية التصويت ضد قرار مجلس الامن. بل ويتباهى بذلك علنا. مثل هذه المناورة بالتأكيد لن تجدي نفعا لدى وزيرة خارجية صلبة كهيلاري كلينتون. كما أني لا ارى "الحركات" التي قام بها زعماؤنا مع رؤساء واصدقاء في الكونغرس تكرر نفسها مع اوباما.

ما قاله اوباما هو بالفعل رسالة واضحة: قواعد اللعب ستتغير، والواقع سيحتاج الى حوار وحلول وسط وليس الى استخدام القوة. واذا كان بسبب سنه وخلفيته، التزامه لاسرائيل، في هذه اللحظة على الاقل، ليس كما كان لدى الرؤساء السابقين. بعضهم رأوا فينا حليفا حقيقا او "حاملة الطائرات" المتقدمة لامريكا في قلب منطقة تكرها وينشأ منها مفجرو الابراج في نيويورك، الارهابيون واولئك الذين يمسون بمصالحها.

في ماضي اوباما لا يوجد أي مؤشر على موقف خاص تجاهنا. الرئيس كارتر مثلا، الذي لم يكن عاطفا على السياسة الاسرائيلية، كان ذا التزام ديني عميق تجاه اليهود. لم يقم بعد رئيس كرس وقتا كثيرا جدا وتدخلا مثله من أجل تحقيق تسوية سلمية بين مصر واسرائيل. على الرغم من ذلك، فان زعماء اسرائيل على اجيالهم لم يغفروا له ان في ادارته اعترفت امريكا بحق الفلسطينيين في دولة حسب حدود 1967.

الرؤساء ترومان، جونسون، ريغان، بوش الابن، كلينتون واعضاء الكونغرس الهامون عطفوا، بدرجات مختلفة من الود والمصالح، على اسرائيل. وحتى من لم يكن محبا لليهود بوضوح، الرئيس نيكسون، والذي كانت اشرطة محادثاته في مكتبه في قضية ووتر غيت بمليئة بالملاحظات المنددة باليهود – فانه هو الذي قرر قطارا جويا لاسرائيل لانقاذها في حرب يوم الغفران، فهو لم يحب، ولكنه قدر الاهمية الاستراتيجية لاسرائيل قوية.

اوباما، كما أسلفنا، اقل انخراطا حسيا في العلاقة مع اليهود؛ ايضا بسبب سنه وخلفيته، ولكن ايضا لان ايباك غفت حين نشأ تحت أنفها الكبير براك اوباما.

كيفما نظرنا الى كل المجريات والاحداث وما يحصل في الازمة الاقتصادية في العالم، فان السنوات التالية عندنا ستشهد تحديات أمنية. ليس لاوباما التسامح التوراتي الحسي الذي كان لكلينتون وبوش تجاهنا. وبين تعيينات اوباما حتى الان، هناك عدد من الاشخاص الخبراء فيما يحصل هنا ولديهم اراء متماسكة بالنسبة للتنازلات التي ينبغي لاسرائيل أن تقدمها. في نظرهم، حتى ايهود باراك يعتبر يمينيا جدا. هيلاري كلينتون ستكون عملية المتدخلة الرئيسة في موضوعنا. ومهم جدا العمل معها، وعدم فتح جبهة ضدها، وعدم تجاوزها عبر الرئيس او نائب الرئيس الذي يعتبر صديقا لاسرائيل.

علينا أن نغير قواعد اللعب التي اعتدنا عليها. باختصار، مطلوب سلوك مغاير مع الادارة الجديدة؛ حسب طريقة تزاوج القنافد - بحذر.

يتعين على الحكومة التالية في اسرائيل أن تحرص على الوقوع في خفة الرأي والامتناع عن العادة للشرح للامريكيين ما هو جيد بالنسبة لهم. ولكن اذا كانت مشاكلنا الامنية، التي تنكشف الان بكل خطورتها – حزب الله، حماس، سوريا وايران – سيسعى اوباما الى حلها بالحوار او بسلم اولويات مغاير، يجدر بنا أن نتذكر وان نذكر الاخرين بانه في هذه الاثناء تدور اجهزة الطرد المركزي في ايران ليل نهار.