خبر الغارات حوّلت الحياة الأكاديمية في غزة إلى دروب وعرة بين الأنقاض

الساعة 03:19 م|23 يناير 2009

فلسطين اليوم : غزة

إنها أول مؤسسة للتعليم العالي في قطاع غزة، وتضمّ ما يقارب من عشرين ألف طالب وطالبة، وتخرج آلاف الطلبة سنوياً. لكنّ هذه المؤسسة الأكاديمية الفلسطينية العريقة، كانت على موعد مع آلة الحرب الإسرائيلية التي أتت عليها بالدمار والتخريب وحوّلت الكثير من مبانيها ومنشآتها ومختبراتها ومرافقها إلى أنقاض.

فخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أغارت طائرات الاحتلال على الجامعة الإسلامية، التي تعدّ كبرى الجامعات الفلسطينية، ليدمِّر القصف مبنى المختبرات العلمية بشكل كامل، والذي يخدم المساقات الأكاديمية النظرية لطلبة البكالوريوس والباحثين من طلبة الدراسات العليا في كلية العلوم بالجامعة، ويضم المبنى مختبرات تخدم الدراسات البيئية والريفية وفحص المياه والتربة.

وعلاوة على مبنى المختبرات بالجامعة الإسلامية؛ طال القصف مبنى الأمير تركي بن عبد العزيز للهندسة وتكنولوجيا المعلومات، الذي أتى عليه التدمير بشكل كامل. ويضم المبنى مراسم لكلية الهندسة، ومركز لعمارة التراث الفلسطيني، والمختبرات الدراسية للكهرباء والحاسوب والأبحاث الدراسية التي تخدم المساقات النظرية.

وقد ألحق القصف أضراراً فادحة أدت إلى سقوط أجزاء من مبنى اللحيدان للقاعات الدراسية، ومبنى طيبة للقاعات الدراسية، فضلاً عن تهشم أثاث وزجاج باقي مباني ومرافق الجامعة.

ومنذ أن انقشع دخان القصف، أخذت الوفود الإنسانية والحقوقية والطبية، تتوالى على مقرّ الجامعة الإسلامية بغزة، الذي دمّره القصف الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على القطاع. وتعدّ هذه الجامعة هي

وزار وفد إنساني وحقوقي تركي الجامعة الإسلامية التي قصفها الطيران الحربي الإسرائيلي ودمّر الكثير من منشآتها ومرافقها. كما زار وفد طبي من دول عربية وإسلامية الجامعة، واطلع على حجم الدمار الذي لحق بها.

ومن بين أعضاء الوفود الزائرة كان المحامي بولانت بادروم، المدير العام لمؤسسة الحرية وحقوق الإنسان للمساعدات الإنسانية بتركيا، وعدد من الأطباء والمحاميين والحقوقيين والعاملين في مجال العمل الإنساني.

وأعرب المحامي بادروم عن شجبه واستنكاره للقصف والعدوان على قطاع غزة بشكل عام والجامعة الإسلامية بشكل خاص، وتحدث عن دور الجامعة المعهود في "تخطي الصعاب ومواجهة التحديات بالمحافظة على إبراز الوجه المشرق للجامعة في مختلف المحافل الأكاديمية".

كما زار وفد من الأطباء العرب والمسلمين الجامعة الإسلامية، وضم الوفد الزائر أطباء من أندونسيا، ومصر، وسورية، والأردن، واليمن، والسودان.

وفي غضون ذلك أصدرت الجامعة الإسلامية بياناً، الخميس، قالت فيه إنها "منذ نشأتها في العام 1978 رفعت راية العلم والمتعلمين؛ لتعلن للأجيال المتعاقبة على مر العصور اهتمامها الحثيث والمتواصل بتحقيق أعلى درجات النهضة العلمية على مستوى الوطن العربي، ولتقدم بذلك صورة نموذجية لمؤسسة أكاديمية حضارية".

وأعادت الجامعة الإسلامية بغزة إلى الأذهان أنها "تخطّت عبر ثلاثة عقود من الزمان أصعب الظروف التي يعيشها سكان قطاع غزة وهي تشق طريقها بثبات وثقة نحو تحقيق الرفعة والتقدم"، لافتة الانتباه إلى ما حققته من حضور علمي متميز في الأوساط التعليمية والبحثية.

وقالت الجامعة في بيانها إنّ "طائرات الاحتلال أبت إلاّ أن تحقق أهدافها في طمس الهوية الفلسطينية وإلغاء معالم الحضارة الإسلامية ومحاربة الثقافة العربية الأصيلة، عندما أغارت بطائراتها الحربية بعد منتصف ليل يوم الأحد الموافق الثامن والعشرين من كانون أول (ديسمبر) 2008 على ذلك الصرح العلمي الشامخ، لتتوقف معها نبضات قلوبنا وليزداد ترقبنا لشاشات التلفزة ولتصغى آذاننا لسماع الأخبار الإذاعية العاجلة، ومعها ترتسم علامات الحزن والأسى على وجوه أبناء الشعب الفلسطيني عامة وأبناء الجامعة خاصة، لتعلن الأخبار الإذاعية عن استهداف طائرات الاحتلال لمباني الجامعة الإسلامية".

مشاهد الدمار والتخريب والهدم تغمر الجامعة الإسلامية، بمبانيها ومختبراتها وأجهزتها وقاعاتها الدراسية وأثاثها ومكاتبها، بل لم تسلم حدائقها وأشجارها من الحرق والإبادة.

وأوضحت الجامعة أنّ "أحجار مبانيها المتناثرة على أرض الجامعة تروي قصة نجاح كبيرة تُسجل لأساتذة الجامعة وعلمائها وطلبتها عبر براءة اختراعاتهم وتميزهم الأكاديمي وأدائهم العلمي والإداري الرفيع، أجهزتها ومختبراتها العلمية المدمرة تدخل الحزن والأسى على قلوب مشاهديها لتذكرهم بإنجازاتها العظيمة وخدماتها المتميزة التي تضاهي ما تقدمه أضخم المختبرات في فلسطين".

وتلقى محنة الجامعة الإسلامية أصداء في الخارج، حيث دعا اتحاد جامعات العالم الإسلامي، إلى إعادة إعمارها وغيرها من الجامعات والمؤسسات التعليمية والثقافية والعلمية والأكاديمية، التي دمّرتها القوات الإسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة، حاثاً جامعات العالم على المضيّ في مقاطعة أكاديمية للجانب الإسرائيلي.

وأكد الاتحاد في بيان له صادر في الرباط الخميس (22/1)، أنّ العدوان الإسرائيلي "ضرب بآلته التدميرية، الجامعة الإسلامية في غزة وجميع الكليات الأخرى والمعاهد والمدارس والمكتبات العمومية، ودور حضانة الأطفال والمؤسسات الثقافية والعلمية" في القطاع.

واستنكر الاتحاد "الأعمال العدوانية الإسرائيلية"، التي وصفها بأنها "جرائم حرب"، مطالباً بتقديم المسؤولين عنها من القادة الإسرائيليين، إلى العدالة الدولية.

ودعا بيان اتحاد جامعات العالم الإسلامي، الذي يضم في عضويته 230 جامعة، حكومات دول العالم الإسلامي والمنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام بالتربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، إلى تقديم الدعم المالي والفني والأكاديمي إلى المؤسسات التربوية والثقافية والأكاديمية في قطاع غزة.

وطالب البيان الاتحاد الدولي للجامعات، باتخاذ "الإجراءات المناسبة لدعوة الجامعات الأعضاء إلى تجميد علاقتها مع الجامعات الإسرائيلية ووقف تعاونها العلمي والفني معها"، وفق ما جاء فيه.