خبر محور أميركي ـ صيني يتولى دور القطب الراجح

الساعة 07:25 م|22 يناير 2009

عن «فايننشل تايمز» البريطانية، 13/1/2009

عندما أوفدني الرئيس جيمي كارتر الى الصين، في 1978، لمباشرة مفاوضات سرية انتهت الى تطبيع العلاقات الصينية - الأميركية، لم يكن عدد الأجانب المقيمين ببكين يزيد على 1200 شخص. وقبل أيام، انتقل ألف ومئة مسؤول أميركي رسمي الى مبنى السفارة الأميركية الجديد، وارتفع عدد الأجانب ببكين الى 150 ألف شخص. ولا شك في أن عالمنا اختلف عما كان عليه بعد تطبيع العلاقات الأميركية - الصينية. فهذه أفضت الى تعاون أمني جنت ثماره الصين والولايات المتحدة. وغيّر التطبيع هذا خريطة الحرب الباردة، وقوض نفوذ الاتحاد السوفياتي. وأسهم في نجاح عملية الإصلاح الاقتصادي التي باشرها الرئيس دنغ زياوبينغ. وكان من العسير تحرك عجلة النمو الصيني من دون تعزيز العلاقات التجارية الصينية - الأميركية. ويرى بعض المراقبين أن العلاقات الصينية - الأميركية هي علاقات شراكة متبادلة، وأن كلاً من الصين والولايات المتحدة تقوم سياسة الأخرى تقويماً عملانياً ومعتدلاً يحترم القوانين الدولية. ولكن الصين، وقوتها تتعاظم، هي، اليوم، قوة تسعى الى صياغة النظام الدولي صياغة جديدة. وهي تنتهج نهجاً معتدلاً وسلمياً في سبيل بلوغ غايتها. وينظر الاميركيون الناشطون في مجال السياسة الخارجية بعين الرضا الى تخلي الصين عن الذهنية العقائدية التي تندد بصراع الطبقات العالمي وتدعو الى الثورة. وهذا النهج عبد الطريق أمام التعاون الصيني - الاميركي لمواجهة تحديات كبيرة، على غرار برنامج كوريا الشمالية النووي. والحق أن العلاقات الاميركية - الصينية ليست ثابتة، بل مشرعة على التغيير. وثمة احتمال أن تتوطد واحتمال أن تفتر وتنكمش. وعليه يستحسن تعزيز التعاون الجيو استراتيجي بين البلدين. والصين، من وجه آخر، شريك مباشر في الحوار مع إيران. وإذا أخفقت المفاوضات مع إيران، لحق الضرر بمصالحها. وفي حال تعاونت بكين وواشنطن في ملف الهند وباكستان، قد تنجحان في إنقاذ الشرق الأوسط الكبير من كارثة إقليمية. ويجب أن تسهم بكين في حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وهو يتهدد الشرق الأوسط بالاضطراب وانتشار التطرف العقائدي. وحريّ بنا الاتفاق على سبل التعاون في مواجهة خطر التغير المناخي العالمي، وان نبحث احتمال إنشاء قوة احتياط تابعة لقوات حفظ السلام في الأمم المتحدة لنشرها في الدول الفاشلة، وأن نناقش سبل إسهام مبادرة دولية للتخلص من الترسانات النووية في الحؤول دون انتشار الأسلحة النووية. وعلى الصين والولايات المتحدة التعاون لتوسيع مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى المعروفة بـ «جي 8»  الى مجموعة من 14 أو 16 دولة. فمثل هذه الخطوة توسع دائرة صناع القرار الدولي، وتسهم في مواجهة الأزمات الاقتصادية مواجهة ناجعة. وبلوغ هذه الأهداف هو رهن إنشاء «مجموعة من دولتين» غير رسمية. فالمثال الذي ينبغي للعلاقات الاميركية - الصينية أن تبلغه هو علاقات شراكة تضاهي العلاقات الأميركية بأوروبا واليابان. واجتماع قادة البلدين على خطوة على الطريق هذه دورياً، وعدم الاكتفاء بمناقشة العلاقات الثنائية بينهما، بل مناقشة أوضاع العالم. ففي عصر تتعاظم فيه مخاطر «صدام الحضارات»، يجب المبادرة إلى ترويج المصالحة بين الحضارات. وهذه مهمة تليق ببلدين يملكان القدرة على رسم وجه عالمنا المستقبلي.