خبر مبدأ اولمرت/ هآرتس

الساعة 11:58 ص|22 يناير 2009

بقلم: آري شفيت

كان ايهود اولمرت ثلاث سنين بلا جدول عمل. فقد ترجح بين الحرب والسلام، وبين احادية الطرف والتفاوض، وبين الانفصال والانطواء والاتفاق الدائم. لكن رئيس الحكومة وجد تركته في الدقيقة التسعين. برغم كل شيء يخلف اولمرت وراءه مبدئا.

 

وهذا ما يقوله مبدأ اولمرت: في الجبهة التي انسحبت منها اسرائيل الى الحدود الدولية سترد بقوة بل بوحشية على كل تحرش بها.

 

كان اول تطبيق لمبدأ اولمرت فاشلا. فقد تمت ادارة حرب لبنان الثانية باهمال مجرم ولهذا لم تحرز اهدافها. فهي في الحقيقة ردعت حزب الله لكنها زادته قوة. وخلفت اسرائيل مضروبة. لهذا كان مكشوفا ومعلوما ان جولة عنف اخرى ستقع بالمنطقة. في شرق اوسط وحشي، الحرب التي تفشل فيها اسرائيل هي الحرب التي لا تنتهي. فهي تفضي على نحو حتمي الى الحرب التالية.

 

والتطبيق الثاني لمبدأ اولمرت لم يكن هو ايضا مثالا يحتذى. فقد كانت المعركة في غزة طويلة جدا وقاسية جدا. وكان يمكن التوصل الى الانجازات نفسها بغير عملية برية او بعملية برية قصيرة. كان يمكن منع دمار كبير وموت مئات المواطنين الفلسطينيين.

 

لكن من جهة استراتيجية احرزت الحرب في قطاع غزة اهدافا مهمة. فقد عاقبت حماس، واضعفتها وردعتها. وبينت لكل جار عدو، ان اسرائيل لن تسلم لهجمات على حدودها ونقض سيادتها.

 

يصعب على اليمين وعلى اليسار ايضا فهم اهمية هذه الانجازات. فما يزال اليمين يفكر بمفاهيم الحسم. وهو لا يدرك ان الحرب على حماس وحزب الله حرب محدودة ليس فيها نصر تام. وان هدفها كله ان ترتب لوقت ما بيئة بلا ترتيب وان يقر نظام اقليمي غير مستقر.

 

بمقابلة ذلك ما زال اليسار لم يستوعب حقيقة انه توجد حالات عدم استعمال القوة فيها غير اخلاقي. فمن غير الاخلاقي التخلي عن سكان سديروت وعسقلان. ومن غير الاخلاقي تذويب الخط الاخضر. ومن غير الاخلاقي منع سلام في المستقبل باضعاف مكانة دولة اسرائيل وقوة ردعها.

 

من المفارقة الشديدة ان اولمرت ايضا لم يدرك ادراكا تاما المنطق الداخلي للقتال الذي اشرف عليه. ففي اثناء الحرب احبها بل حاول توسيعها. وكان وزير الحرب ووزيرة الخارجية ورئيس هيئة الاركان هم الذين وقفوا رئيس الحكومة عندما تغلبت عليه غريزته مرة اخرى. لقد منع ايهود باراك وتسيبي لفني وجابي اشكنازي كارثة باهظة. منعوا الحرب في غزة من ان تدور في نفسها كما دارت حرب لبنان الثانية.

 

ومع ذلك كله ستقول خلاصة التاريخ ان اولمرت يخلف انجازا يستحق الذكر. فقد علم زعران الحي ان اسرائيل ليست ضعيفة. وقد جعل العالم يعترف بان اسرائيل عندما تنسحب الى حدودها فمن حقها الدفاع عن حدودها بالقوة كلها.

 

لم تكن الحرب في غزة حربا اسرائيلية فلسطينية. كانت حربا بين حلف المعتدلين في الشرق الاوسط ومحور المتطرفين. وفي اثناء الحرب ادت الولايات المتحدة واوروبا واسرائيل ومصر والسعودية والسلطة الفلسطينية عملها كحليف حقيقي. لهذا ستكون للحرب اثار استراتيجية تتجاوز نطاق القطاع. في 2006 عززت الحرب الفاشلة على حزب الله المتطرفين؛ وفي 2009 تعزز الحرب على حماس سليمي العقل. وهي تثبت ان الائتلاف المعتدل في المنطقة يعلم كيف يكون ائتلافا منتصرا.

 

ان مبدأ اولمرت هو مبدأ دفاعي صارم. يصعب على كثيرين هضمه. وفي الحقيقة ان قيادة المستقبل في اسرائيل يجب ان تحرص على ان يطبق المبدأ بلا قتل جماعي لمواطنين. لكن من يريد ان تنهي اسرائيل الاحتلال مضطر الى فهم ما فهمه توني بلير، ونيكولا ساركوزي، وانجيلا ماركل، وجوردن براون وحسني مبارك. ليس مبدأ اولمرت شرطا كافيا للسلام لكنه شرط ضروري.