خبر حرب غزة توسع أزمة الثقة بين «فتح» و «حماس»

الساعة 07:44 ص|22 يناير 2009

فلسطين اليوم-الحياة اللندنية

لم تبد حركة «حماس» الكثير من الحماس لدعوة السلطة الفلسطينية تشكيل حكومة توافق وطني عاجلة لتولي ملفي اعادة اعمار غزة واعادة توحيد شطري الوطن المنقسم، فالحرب الاسرائيلية على قطاع غزة وسعّت الهوة بين الحركتين في ما يبدو، بدلا من ان تقلصها.

 

وتنظر «حماس» بكثير من الشكوك للاقتراحات والعروض القادمة من حركة «فتح»، وتتهمها بالسعي الى الاستفادة من نتائج الحرب من اجل العودة الى غزة عبر بواية اعادة الاعمار وادارة المعابر أكثر منه التوجه الجدي لاقامة شراكة حقيقية معها.

 

وقال الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم لـ «الحياة»: «اقامة حكومة توافق وطني تتطلب تهيئة المناخ، وكل ما شاهدناه اثناء الحرب على حماس وعلى غزة لم يهيئ مثل هذه الاجواء، بل العكس، فلم يجر إطلاق المعتقلين السياسيين، ولم يُسمح للناس بالتظاهر بحرية، وبقيت مؤسسات الحركة في الضفة مغلقة، وبقي التنسيق الامني بين السلطة واسرائيل قائما».

 

وكانت السلطة وجهت فور انتهاء الحرب دعوة الى «حماس» لتشكيل حكومة توافق وطني عاجلة تتولى اعادة توحيد شطري الوطن، واعادة اعمار غزة. وقال رئيس حكومة رام الله الدكتور سلام فياض ان «المطلوب هو تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة تحظى بثقة وقبول الجانبين لتتولى هذه المهمة العاجلة، فيما تذهب القوى السياسية الى حوار على القضايا والملفات الصعبة مثل الشراكة السياسية والانتخابات والمفاوضات والمقاومة وغيرها».

 

لكن «حماس» ردت بفتور على هذه الدعوة، واعتبرتها مناورة هدفها عودة السلطة الى غزة من باب اعادة الاعمار. وقال برهوم: «سبق ووقّعنا اتفاقا في مكة ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، يتبعها التحاور في الملفات الصعبة مثل اعادة بناء منظمة التحرير واعادة بناء اجهزة الامن، لكن ما حصل هو ان السلطة جمّدت كل شيء، ولم تُظهر اي جدية في بحث هذه الملفات». واضاف: «حتى الآن لا نرى اي جديد في توجهات السلطة، وعندما نرى جديدا سنكون اول المستجيبين للحوار».

 

وكان الرئيس محمود عباس طلب من القيادة المصرية في زيارته الاخيرة للقاهرة استنئاف جهودها لاطلاق الحوار الوطني. وقال برهوم ان حركته لم تتلق بعد دعوة الى الحوار، لكنها منفتحة على ذلك.

 

وتخشى السلطة ان يؤدي توجيه دعم دولي لاعادة اعمار غزة من دون مشاركتها الى تهميش دورها وتكريس الانفصال بين الضفة والقطاع.

 

وقال فياض لـ «الحياة» ان «قبول تولي جهات دولية اعادة اعمار غزة يعني ترسيخ الانقسام دوليا، وهذا يشكل خطرا كبيرا على كل الجهود الرامية لاعادة الوحدة».

 

وتقول «حماس» ان الحرب الاسرائيلية عليها عززت من مكانتها وجلبت اعترافا دوليا بشرعيتها. وقال برهوم: «حماس حققت انجازت عدة في هذه الحرب، اهمها ان العالم بدأ يعترف بشرعيتها». واضاف: «هناك اطراف اوروبية تتصل بنا بصورة مباشرة، واطراف اخرى تتصل بنا بصورة غير مباشرة، وتفضل الا يظهر ذلك عبر وسائل الاعلام، وهناك الدول العربية والاسلامية تتعامل معنا». وتابع: «العالم يعترف اليوم بشرعية حماس، وما على السلطة سوى ان تحذو حذوهم وتعترف بهذه الشرعية التي حصلنا عليها بطريقة ديموقراطية عبر صناديق الاقتراع».

 

وتتطلع «حماس» الى حصول تغيير درامكاتيكي في السياسية الاسرائيلية والغربية تجاه قطاع غزة بعد الحرب، تبدأ برفع الحصار المفروض على القطاع منذ نحو عامين، واعادة فتح معابر القطاع مع العالم الخارجي، خصوصا المعبر الحدودي مع مصر. ويقول مسؤولون في الحركة ان رفع الحصار يؤدي تلقائيا الى تكريس شرعية الحركة في الحكم، ما يؤهلها لخوض حوار مع «فتح» من موقع افضل واقوى.

 

وتعتبر «حماس» ان اي حوار قادم يجب ان يشمل الشراكة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية قبل السلطة.

 

ويرى مراقبون ان اعادة الوحدة غير قابل للتحقق من دون اعطاء «حماس» حصة مناسبة في المؤسسة السياسية (منظمة التحرير). وفي هذا الصدد، قال رئيس شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية، النائب السابق في المجلس التشريعي الدكتور عزمي الشعيبي: «يجب على منظمة التحرير تقديم مبادرة فيها تنازلات مهمة لحماس كي ينجح الحوار الوطني». ويرى الشعيبي في الدعوات الموجهة الى الحركة من اجل الحوار باعتبارها احد الفصائل، يعكس عدم جدية، مشيرا الى ان «حماس» قوة سياسة كبيرة ومؤثرة، فازت في الانتخابات بغالبية ساحقة، ولن ترضى ان تُعامل كفصيل مثل باقي الفصائل الصغيرة.

 

واضاف: «الشراكة لا تتحقق من دون اعطاء نسبة تمثيل واقعية لحماس في المنظمة، واذا نجحنا في ذلك، ننتقل بعدها الى حكومة التوافق الوطني».

 

وشكك الكاتب هاني المصري في فرص نجاح الحوار «في ظل استمرار المفاوضات غير المجدية، واستمرار التنسيق الامني بين السلطة واسرائيل».