خبر السلاح المشروع ايضا يقتل / هآرتس

الساعة 08:16 م|21 يناير 2009

بقلم: عميرة هاس

        (المضمون: وصف لحالة من حالات كثيرة منع فيها الجيش الاسرائيلي نقل جرحى فلسطينيين الى المشافي حتى فاظوا -  المصدر).

        كان السلاح والذخيرة اللذان قتلا الاخوين قصابا وابراهيم شراب، ابني الثامنة والعشرين والسابعة عشرة، مشروعين، لكن اذا استثنينا السلاح والذخيرة هل كان يوجد شيء قانوني في قتلهما؟ في يوم الجمعة 16 كانون الثاني، سافر الاثنان في سيارة لاند روفر حمراء مع والدهما محمد ابن الرابعة والستين من المنطقة الزراعية التي تملكها العائلة، قرب الخط الاخضر الى بيتهم في خان يونس. قاد الاب والى جانبه جلس قصابا وابراهيم في الخلف. كانت الهدنة الانسانية في ذلك اليوم بين العاشرة صباحا والثانية ظهرا. جازوا نقطة تفتيش اقامها الجيش الاسرائيلي في المنطقة، وأذن لهم بمواصلة السفر. في حوالي الساعة الواحدة بلغوا سوبرماركت ابو زيدان في حي الفخار. كان مبنى قرب السوبرماركت قد اصبح قبل ذلك موقعا للجيش الاسرائيلي قام فيه الجنود واصبح ساكنوه سجناء في بيتهم.

        فجأة اطلقت نار كثيفة على سيارة الجيب من تلقاء موقع الجيش. كان البعد بين سيارة الجيب وموقع الجيش الاسرائيلي بين ثلاثين الى خمسين مترا كما قدر الاب. اصيب قصاب في صدره، خرج من سيارة الجيب وسقط ومات. وقفز ابراهيم من السيارة وعندها اصيب في رجله باطلاق النار الذي لم ينقطع. حاول ان يستصرخ نجدة بالهاتف المحمول، وصرخ جندي الا يتصل بل سبه بالعربية – كما حدث الوالد في الهاتف توم، وهو نشيط في رابطة اطباء من اجل حقوق الانسان، بعد ساعات طويلة من ذلك في نفس المكان. اصيب الوالد نفسه في يده. نجح في ان يجر ابنه الحي الى جدار مجاور وان يتصل بالهاتف المحمول بالبيت، وبالهلال الاحمر وبالصحافيين بل بابنه في الولايات المتحدة. لقد رأى دبابة، ورأى الجنود يذهبون ويجيئون، كما أبلغ توم. في الحادية عشرة ليلا بعد الاصابة بعشر ساعات، وكان ما يزال قرب الجدار، رأى ان ابنه النازف قد اخذ يبرد وان تنفسه اخذ يضعف. نجح في ان يجره عائدا الى سيارة الجيب المخرقة بالرصاص مؤملا ان يلقى هناك دفئا اكبر. لكن بعد منتصف الليل بنصف ساعة، بين الجمعة والسبت، لفظ الابن نفسه الاخير في ذراعي الاب.

        من آن لاخر عاد الاب الثاكل وحادث توم، الذي انضم طول الليل كله من بيته في تل ابيب الى جهود منظمات اخرى، ومنها الصليب الاحمر، لاقناع الجيش بأن يأذن لسيارة الاسعاف ان تأتي من الفور. شهد توم بأنه لم يسمع اطلاق نار في الخلفية عندما تحدث الى الاب. يقع المستشفى الاوروبي على مبعدة نحو من كيلومترين اثنين عن المكان. دقيقة سفر لسيارة الاسعاف او اثنتان. في حوالي التاسعة والنصف في صباح السبت، بشر توم بأن الجيش الاسرائيلي أذن لسيارة الاسعاف بأن تأتي في الثانية عشرة ظهرا.

        جاء الناطق الجيش الاسرائيلي ردا عن ذلك: "على نحو عام، رد الجيش الاسرائيلي في الهدنة على النار عندما اطلقت على اسرائيل صواريخ فقط، او حدث اطلاق نار على الجيش الاسرائيلي. لسنا نستطيع ان نحقق كل حادثة وان نصدق او نرفض كل معلومة تثار. امكن ادخال سيارة الاسعاف بعد ان مكنت ظروف العمليات من ذلك فقط. نقل الجرحى على يد وزارة الصحة الفلسطينية الى مشفى في رفح".

        ان من لم يهرب من الشاهدات الثابتة، التي تدفقت من غزة المقصوفة الى حضن الثناء الذاتي المطمئن، يعلم ان ليس الحديث عن حالة شاذة. فقد اطلق الجنود النار كما نشرت صحيفة هآرتس، على سيارات اسعاف وعلى مواطنين هاربين، ورافعي اعلام بيضاء. وكما شهد الصليب الاحمر – كان جرحى القصف وفيهم اطفال محجوزين بين جثث اقربائهم لمدة ايام، على مبعدة ضئيلة من مواقع الجيش الاسرائيلي.

        لا يعمل الجنود في فراغ. ان لهم قادة ولهم روح الوحدة التي مكنت ذلك، كما مكنت قذائف الجيش من ان تقع على مدارس الاونروا. ليس الجيش الاسرائيلي جيش الشعب. ان الشعب بكثرته الساحقة، ايد التعليلات وشربها مشتاقا. اسرائيل ديمقراطية.لهذا فان قصابا وابراهيم قُتلا قتلاً مشروعا.