خبر « أي شيء يعني ان يكون طبيبا؟ » / يديعوت احرنوت

الساعة 08:10 م|21 يناير 2009

بقلم: افيعاد كلاينبيرغ

 

(المضمون: انتقاد لبلادة الحس الاخلاقي عند الاسرائيليين وعدم اعتبارهم لكوارث ومآسي غيرهم. نظر في حادثة قتل بنات الطبيب الفلسطيني عز الدين ابو العيش بقذيفة اسرائيلية - المصدر)

 

        جلس الدكتور عز الدين ابو العيش في دهليز مشفى شيبا، الذي يعمل فيه وحاول الحديث في السلام. قال "اريد ان تكون رسالة الطبيب من جباليا رسالة سلام للعالم كله". ليس سهلا نقل رسالة سلام عندما تكون مطروحة امامك جثث ابنائك. فالدم يصرخ من الارض، والقلب يطلب الانتقام.

        نجح الدكتور ابو العيش في التغلب على صوت الدم، وان يتحدث الينا حديث الانسان الى الانسان. فبإزاء دم ابنائه المسفوح حافظ على صورة الانسان. يصعب ان نقول اشياء مشابهة في الاسرائيليين الذين اتوا الحفل الصحفي المرتجل في شيبا. يجب ان نناقش الاقوال التي قالوها في الواح قلوبنا، يجب ان نرددها والا ننساها. فهي شهادة تثير القشعريرة على الثمن الاخلاقي الذي تجبيه منا نشوة القوة وتبلد الاحساس، وتزكية النفس والعنصرية.

        اليكم الاقوال التي قالها يهود رحماء ابناء رحماء، للاب الذي ثكل من قريب ثلاث من بناته وحاول ان يقول اقوال مصالحة وسلام: "انت مخرب، قمامة، هذا انت". واكبرت المرأة الصديقة ليفنا شتيرن الصنع وبكتت الوالدة الدامعة بقولها "ابني في المظليين. من ذا يعلم ماذا كان يوجد عندك في البيت... من يعلم اي سلاح كان عندك في البيت. ماذا يعني انه طبيب؟ الجنود عرفوا بالضبط. كان عندهم سلاح داخل البيت، يجب ان تخجلوا. لي ثلاثة جنود، لماذا يطلقون النار عليهم؟ قالوا لك اخرج لماذا لم تخرج؟ الواضح لي شيء واحد هو ان انبوب الجيش الاسرائيلي لم يصب بيتك عبثا. من الخزي والعار ان يعطوك منبرا في مشفى ينام فيه جنود جرحى".

        شتيرن مثل نموذجي للاخلاق التي تميزه. مهما نفعل فسيكون لذلك سبب حق. اذا كان انبوب الجيش الاسرائيلي الذي لا يعرف الخطأ قد امات بنات الدكتور ابو العيش، فيجب ان يكن مذنبات. بماذا بالضبط؟ بأنهن واجهن انبوب الجيش الاسرائيلي.

        انتبهوا الى انزلاق شتيرن من الشك الى اليقين: ففي البدء "من ذا يعلم ماذا كان؟"، وبعد ذلك "من يعلم اي سلاح كان؟"، وبعد ذلك "الجنود عرفوا بالضبط" وبعد ذلك "كان عندهم سلاح داخل البيت". وفي النهاية الاعلان الغالب: "انبوب الجيش الاسرائيلي لم يصب بيتك عبثا". او كما صاغ ذلك احد اتباعها: "اذا كانوا قصفوا بيتك، فقد كان لذلك سبب حق".

        ليتني استطيع ان اقول ان الحديث عن شذاذ، ان شتيرن وجماعته متبلدي الحس الذين صحبوها شذاذ، وانه لا يوجد اسرائيليون كهؤلاء اخرون، وان شرا وقسوة كهذه لا تخطر في البال. اشفق من ان يكون اقل شذوذا مما يريحنا الاعتقاد.

        انظروا حولكم واستمعوا الاصوات. هكذا تسمع الحيوانية الاخلاقية، وهكذا تبدو. لاكثرنا بطبيعة الامر اداب افضل من اداب السيدة شتيرن. فقد كنا ندع العربي يقول قوله من غير ان نصرخ "مخرب، قمامة"، لا من الفور على اية حال، لكن اكثرنا، كالسيدة شتيرن لا يهمه كم يموت من الناس في الطرف الثاني ولماذا يموتون بالضبط، فهم برابرة ونحن مستنيرون، وهم مخطئون ونحن محقون. ولهذا يموتون ونعيش نحن.

        الجيش الاخلاقي يخاطر بنفسه كي لا يمس بالابرياء. التبجح عندنا موجود في النظرية فقط. وراء حدودنا لا يوجد ابرياء. لهذا لا حاجة الى الاعتذار (عن ماذا؟)، ويحسن ان نثير من الفور زعم ان البنات قتلن بشظايا صاروخ غراد فلسطيني (اذا لم ينفع فلن يضر). وعلى نحو عام "اذا قصفوا بيتهم فقد كان لذلك سبب حق". قولوا منذ الان ان مساعدات المخرب من جباليا ابو العيش، قد قضي عليهن بعملية ناجحة للجيش الاسرائيلي.