خبر ممرضو قسم الاستقبال بغزة جنود مجهولون يستذكرون لحظات عملهم العصيبة لإنقاذ الجرحى

الساعة 09:16 ص|21 يناير 2009

فلسطين اليوم- غزة (تقريرخاص)

لم يستطع الحكيم خليل البجة أحد ممرضي قسم الاستقبال بمجمع الشفاء الطبي أن يمنع نفسه من تخيل أن إحدى بناته الخمس تبتر ساقاها كالفتاة جميلة الهباش (14عاماً) التي وصلت خلال الحرب على غزة وقد بترت ساقاها بفعل صورايخ قوات الاحتلال الإسرائيلي.

فالأطباء والممرضين والمتطوعين الذين تواجدوا في قسم الاستقبال الذي كان يستقبل الشهداء والجرحى عاشوا لحظات عصيبة مابين لهفتهم ومحاولاتهم الحثيثة لإنقاذ الجرحى وتقديم العلاج لهم ورؤيتهم لكافة الحالات الصعبة التي كانت ترد على الاستقبال ومابين خوفهم وقلقهم على عائلاتهم وأسرهم في منازلهم التي كانت تتعرض للقصف والتدمير.

الحكيم البجة (40 عاماً) الذي يقطن في مدينة غزة ولديه خمس بنات، يؤكد لـ"فلسطين اليوم"، أنه منذ عمله في قسم الاستقبال بالمجمع منذ 11عاماً لم يشهد مثل هذا العدد والكم الهائل من الشهداء والجرحى، ومن نوعيات الإصابات والحالات التي كان يسعفها ويقدم لها العلاج.

ويقول البجة:" كانت من أصعب المواقف التي مرت عليا خلال الأيام العصيبة الماضية هي حالة الهباش والتي بترت ساتقاها بفعل الصورايخ الإسرائيلية والتي لم تصدق أنها فقدت رجليها وأخذت تتعلق بي وكنت عاجزاً عن تقديم المساندة لها، وفي هذه اللحظة تخيلت أن ابنتي التي تساويها في العمر قد حدث لها ماحدث لجميلة، فدمعت عيناي وأخذت أواسيها وإن كان الأمر أصعب من المواساة".

ويضيف البجة، أن أصعب ما في الأمر أن تتوقع أن أحد أقاربك وعائلتك قد يصل مع الشهداء والممرضين فكان انتظار الموت هو أصعب من الموت بحد ذاته، ولكن الطاقم الطبي استطاع رغم كافة المخاوف والقلق من مواصلة عمله بكل قوة وعزيمة وإرادة.

" الحمد لله على كل شئ"، بهذا بدأ الحكيم نبيل أبو مسامح رئيس قسم الاستقبال بالمجمع الطبي حديثه، ليضيف بعد ما رأيناه من شهداء وجرحى خلال الأيام الماضية فيجب أن نحمد الله على كل شئ لأن ما حدث لايمكن وصفه وتخيله، ومارأيناه  من حالات وإصابات تفوق الوصف والاحتمال.

وأكد الحكيم أبو مسامح، أن الطاقم الطبي في القسم حاول أن يقدم كل مالديه من جهد من أجل إنقاذ الجرحى حيث كان يعمل في القسم أكثر من 30 طبيب وممرض ومتطوع، استطاعوا تقسيم العمل وتوزيعه وتنظيمه فيما بينهم، مشيراً إلى الحالات الصعب التي كانت ترد للمجمع وخاصةً بين الأطفال والنساء، فضلاً عن حالات الحروق الشديدة وتمزيق الجسم وتفتيته، وهتك الأعضاء الداخلية للجسم وذلك بفعل استخدام أسلحة جديدة.

وعن أصعب المواقف التي شهدها أبو مسامح، قال:" لن أنسى حالة إحدى النساء التي تعرضت للقصف وقد أصيبت في رأسها وعندما وضعت يدي على رأسها لتفحص جرحها وجدت يدي تصل إلى الرئتين لأكتشف أن الصواريخ قد أحدثت تجويفاً في جسدها، بالإضافة إلى حالة شاب يبلغ من العمر 23 عاماً وقد أتت الحروق على كافة أنحاء جسمه، فضلاً عن حالات بتر الأعضاء والتي كانت جداً مؤلمة وصعبة".

أما الممرض عطا مفتاح (23 عاماً) من مدينة غزة فكانت ذاكرته ملئى بالأحداث والحالات الصعبة التي شهدها خلال عمله في قسم الاستقبال في أيام العدوان الأخيرة، ولكن مشهد أحد الأطفال كان الأقوى والأصعب.

يقول مفتاح" وصل إلى المجمع شهداء وجرحى كثر من عائلة السموني ولكن كان من بينهم طفل يبلغ من العمر سنة ونصف وكانت إصابته في رأسه وأجزاء رأسه ودماغه في الخارج، فانتابني شعور بالخوف والحزن ولم أستطع وقتها فعل شئ سوى محاولات وضع أجزاء المخ والدماغ داخل رأس الطفل، بالإضافة إلى حالة أحد الشهداء الذي وصل بدون رأس نهائي".

ويضيف مفتاح الذي يعمل منذ سنة و3 شهور في القسم، أنه يحتاج لوقت طويل لكي يستوعب ويعي ما حدث خلال الأيام الماضية، مؤكداً أن صورة الطفل الجريح مازالت عالقة في ذهنه لن تستطيع الأيام أن تنسيه إياها.

الممرضة نهى شاهين كانت تعمل في القسم بين ناري الفزع والحزن والغضب من هول المشاهد التي تراها في حالات الجرحى والشهداء مابين الخوف على بناتها وأقاربها، لتؤكد أن الأيام الماضية لن ينساها أي فلسطيني من كافة الفئات.

وتضيف شاهين، أن أصعب المواقف كانت في بتر أعضاء الجسم خاصةً لدى الفتيات والشباب الذين يأنون لقطع أرجلهم أو أيديهم أو وجود إعاقة في أجسامهم ستبقى ملاصقة معهم طوال حياتهم.

وتشير شاهين إلى أنها مازالت تشعر بالخوف والتوتر وتعيش حالة نفسية صعبة من عودة العدوان مرة أخرى واستمرار وتواصل القصف الإسرائيلي على أبناء شعبنا.