خبر فلسطينية اعتقدت أن أسرتها أبيدت فعثرت على ابنتها في المستشفى

الساعة 05:42 م|20 يناير 2009

فلسطين اليوم: غزة

الطفلة (( أميرة القرم)) على سرير العلاج في مستشفى الشفاء

لا تكاد الأم تصدق ما تراه عيناها، فبعد أن ظنت أن عائلتها قد أبيدت، ولم تبق إلا هي لتعيش وحدها الحسرة وتكابد مرارة فقدان الأحبة على هذا النحو المروع، فإذا بها تكتشف أن ابنتها التي ظنت أنها قد قضت تحت ركام المنزل ما زالت حية ترزق. عندما عادت هذه السيدة الى بيتها في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة يوم السبت الماضي، وجدت جثث زوجها ونجليها، بينما لم تجد جثة ابنتها أميرة القرم، 14 عاماً، فاعتقدت أن استشهدت في القصف وأن جسدها تحول الى أشلاء متناثرة بين الركام، وما زادها يقيناً بأن هذا كان مصير اميرة، هو حقيقة أن بعض الجيران عثروا على بعض الأشلاء، وجزء منها شعر طويل، فتيقنت أنها ابنتها. وكانت المفاجأة «المفرحة» عندما اكتشفت لاحقا أن ابنتها أصيبت خلال القصف الإسرائيلي وتمكنت من الزحف من البيت، وهي تنزف دما بعد استشهاد والدها وشقيقيها، الى بيت الجيران حيث ظلت فيه إلى أن تم نقلها للمستشفى.

 

ويروي تفاصيل قصة أميرة التي لا تزال ترقد في مستشفى دار الشفاء بغزة لا تقوى على الكلام بشكل طبيعي، جار العائلة الصحافي عماد عيد مدير وكالة «معاً» في قطاع غزة.

 

ويقول إنه عاد برفقة زميله سامي زيارة مراسل التلفزيون الهولندي، بعد ظهر السبت الماضي الى منزله في حي التل الهوى، الذي سبق أن اخلاه هو وعائلته، وعندما دخل المنزل، فوجئ برؤية فتاة ملقاة في صالون المنزل والدماء تنزز من جرروحها، فاستهجن الأمر. وأضاف عيد في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» أن الذي مزق نياط قلبه هو مبادرة الفتاة الدامية له بالقول «سامحني عمو أني دخلت منزلك بدون إذنك، فقد قتل والدي وشقيقاي، ولا ادري كيف دخلت منزلك». وينقل عيد عن هذه الفتاة قولها إنه عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي حي تل الهوى، أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة على بيت العائلة، فأصيب والدها بجراح خطرة، وغرق في دمه، لكنه طلب جرعة من الماء، فأحضرت له كأساً من الماء وظلت تسقيه، وفي تلك الأثناء اندفع شقيقاها عصمت، 12 عاماً، وعلاء، 11 عاماً، نحو الباب لاستدعاء مسعفين في محاولة لانقاذ والدهما، وحاولت أميرة أن تلحق بها، وبينما كانت تقترب من الباب، فإذا بجنود الاحتلال يطلقون قذيفة صوب شقيقيها، فيستشهدان على الفور، وتصاب هي بجروح متوسطة.

 

ولكن ورغم جراحها، عادت أميرة الى والدها لكي تواصل اسقاءه الماء، وليلفظ أنفاسه الأخيرة بين يديها الصغيرتين، وبعد قليل من التردد قررت ترك المنزل بأي وسيلة، فزحفت الى أقرب منزل من منازل الجيران، فكان هذا منزل الصحافي عيد الذي نقلها للمستشفى، وقام بعرض صورتها على تلفزيون محلي لكي يتعرف عليها أحد من اقاربها، وبالفعل جاءت أمها التي لم تكن في البيت وقت القصف لتكتشف أنه لا يزال هناك أحد من أفراد عائلتها على قيد الحياة.

 

وترقد أميرة في المستشفى وهي تعاني من كسر في قدمها، حيث أجريت لها عملية جراحية، وهي ما زالت تعيش الصدمة المروعة بمقتل والدها وشقيقيها أمام ناظريها. بينما يكرر عماد عيد أن أكثر عبارة ستظل تؤثر على مشاعره هي مبادرة أميرة له عند دخوله المنزل واكتشافها بداخله «سامحني عمو أني دخلت منزلك بدون إذنك».