خبر مدفعية خفيفة ..هآرتس

الساعة 03:45 م|20 يناير 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

        (المضمون: لا يوجد من الساسة الاسرائيليين الثلاثة المتنافسين في رئاسة الحكومة واحد يمكن ان يقال فيه انه متقدم على سواه بامتياز -  المصدر).

كان لمنُصب ملوك مباي التاريخي، بنحاس سابير عين سياسية حادة، عرفت التمييز بين ما يلائم رئاسة الحكومة ومن لا يلائمها. كان اكثر من مرة ينظر في قائمة مرشحين اقترحت عليه ويقول جازما "هذه مدفعية خفيفة".

بعد ثلاثة اسابيع ستجرى انتخابات الكنيست الثامنة عشرة، ولن يستطيع احد ان يخمن اليوم هل ولدت الحرب زعيما جديدا او غيرت الخريطة السياسية. فليس كل من قاد شعبه الى حرب ناجحة يعد تلقائيا زعيما مدنيا ملائما. والمثل التقليدي هو ونستون تشرتشل، الذي بث الشجاعة في ابناء شعبه وادار الحرب بيد قوية – لكنه خسر بعدها الانتخابات لرئيس حزب العمال كليمنت اتلي، وهو زعيم متوسط، قال تشرتشل ان سيارة حكومية فارغة وصلت شارع داونغ عشرة، وخرج اتلي منها. ان الشعب الذي اجل تشرتشل زعيما للحرب، اراد بعد عصر الدم، والعرق والدموع زعيم حزب العمال الذي يعيد بناء الدولة.

يخرج ايهود باراك من حرب غزة قائدا عسكريا من الطراز الاول. ويستطيع، نظريا على الاقل، بعد ان ينتخب عضو كنيست في الانتخابات المقبلة ان يبلغ رئاسة الحكومة. لكن سابقة تشرتشل قد تنطبق عليه ايضا، بحيث ان الجمهور الذي تأثر بقدراتها وزيرا للدفاع، لن يراه بالضرورة الشخص المناسب لولاية رئاسة الحكومة. يحقد عليه كثيرون في الجمهور غيابه لست سنين عن السياسة بعد ان هزم رئيسا للحكومة، وانه جمع المال، واشترى شقة فارهة، ويحاكّ المجتمع العالي في قسم المال – وخصوصا لانه لم يكف عن علاقته المتنكرة لاناس كانوا مخلصين له في ولايته رئاسة الحكومة.

ضاعف باراك شعبيته في استطلاعات الرأي. لكنه ما يزال هو وحزبه في المكان الثالث – لا في وضع تأليف حكومة، لكن في وضع يمكنه ان يتولى شراكة رفيعة في ائتلاف، في منصب وزير الدفاع. قد يأتي يوم يبلغ فيه رئاسة الحكومة، لكن لا في هذه الانتخابات. والمشكلة هي الصد الذي طوره الجهاز السياسي له. فأناس كثيرون يعتقدون ان الناس في سنه لا يتغيرون، لكن شخصا ذا ذكاء كذكائه يعلم استخلاص العبر. اذا كان الواقع قد قدم لنا مختبرا مثل حرب الرصاص المصهور، التي مكنتنا من فحص طريقة عمل زعمائنا، فلا سبب لعدم تغيير التوجه السلبي نحو باراك، يقول احد مقربيه، ان لم يكن في هذه الانتخابات ففي الانتخابات التي تليها.

        الحقيقة المؤسفة هي انه لا يوجد حتى هذه اللحظة مرشح متقدم على نحو قاطع، من بين رؤساء الاحزاب الثلاثة الكبرى. ادى ايهود اولمرت عمله في ايامه الاخيرة زعيما لكاديما على نحو منقطع النظير، لكن كما تعلمون لا امل له ان يعود الى رئاسة الحكومة. ووقف نتنياهو جانبا مؤيدا وطنيا وموجها دوليا. بيبي على ثقة من ان الجمهور سينتخبه وان لم يكن واضحا من اجل ماذا بالضبط.

ستجري المعركة على السلطة بين الليكود وكاديما والعمل، حين سيبذل الليكود والعمل جهدا كبيرا لاعادة اعضاء حزب العمل والليكود الذين انشأوا كاديما الى "البيت"، من اجل تقليص كاديما. لكن كاديما لن يمحى كما حدث لبعض احزاب المركز العارضة مثل – وشينوي وحزب المركز. فالتقدير ان كاديما سيبقى واحدا من الحزبين الكبيرين بفضل تسيبي لفني.

        بالرغم من وجود ساسة اخيار يزعمون ان لفني لم تخترع العجل – فان العكس هو الصحيح. فقد كان للفني انجاز ممتاز بازاء الادارة الامريكية – ان تقود الولايات المتحدة عملية لوقف تسليح حماس وتمنع ايران ومصادر اخرى من تسليحها. صحيح ان رئيسا جديدا سيؤدي اليمين اليوم، لكن المعتاد في الولايات المتحدة ان يحترم الرئيس الجديد الاتفاقات التي وقعتها الادارة السابقة حتى في اخر لحظة. يقال في فضل لفني انها كانت الاولى ايضا التي طلبت في الحكومة ردا عسكريا على اطلاق صواريخ القسام قبل ان امر باراك بالعملية بكثير، وهي التي اصرت على الهدنة من طرف واحد.

ولما كان لا يوجد الان سياسي يمكن النظر اليه كالنظر الى مرشح لرئاسة الحكومة مفهوم ضمنا، والجمهور ينظر في الموجودين نظره الى "مدفعية خفيفة"، فمن المهم جدا عدم شغل النفس بالشعارات والملصقات، بل تبني اقتراح باراك اقامة سلسلة من المواجهات التلفازية بين المرشحين لرئاسة الحكومة. حان الوقت للكف عن النظر الى الناخبين كالنظر الى اغبياء.