خبر اوباما والشرق الاوسط: ميول وتقديرات .. اسرائيل اليوم

الساعة 03:41 م|20 يناير 2009

بقلم: ابرهام بن - تسفي

        (المضمون: كل محاولة من اوباما لبلورة سياسة معارض تجاه اسرائيل ستصطدم بكونغرس معارض بقدر لا يقل عن ذلك، والذي في الاونة الاخيرة فقد عاد لتأكيد تأييده المطلق لاسرائيل بالنسبة للحملة في غزة؛ مشكوك ايضا ان يسعى الرئيس الى المواجهة مع حليف تقليدي في مرحلة مبكرة بهذا القدر من رئاسته - المصدر).

        عشية اداء براك اوباما اليمين القانوني رئيسا للولايات المتحدة، يلف الغموض خطوط سياسته في الشرق الاوسط، ولا سيما في ساحة النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني، ومع ذلك واضح ان ما كان لن يكون مرة اخرى. التمييز بين محور الشر ومعسكر الحرية ستحل محله منظومة مركبة من المواقف ستنشأ عنها سياسة اكثر توازنا، سواء على المستوى الايراني ام في المجال الاسرائيلي – الفلسطيني. فالتماثل الجارف لبوش مع اسرائيل، والذي استمد قوته من مكافحة اسرائيل للارهاب (الذي بدا مشابها لكفاح الامة الامريكية)، من شأنه ان يغرق نحو الهوامش.

        ومع ذلك، فان تاريخ العلاقات الامريكية الاسرائيلية يشير الى ان السياسة الامريكية صممت في الغالب كنتيجة لملابسات اقليمية ومحلية متغيرة – وليس كانعكاس لمذاهب وصل معها الرئيس المنتخب. وعليه، فانه حتى لو كان ممكنا في هذه المرحلة ايضاح خطوط السياسة المستقبلية العمومية، يجدر بنا ان نتذكر بان شدة الازمات، المواجهات والصدمات في الساحة نفسها كانت في الماضي اقوى باضعاف من قوة الافكار، الايديولوجيا وتوقعات المستقبل.

        فمثلا بدأت ادارة ايزن اور طريقها في العام 1953 وفي جعبتها صيغة سحرية للتصدي لخطر التغلغل السوفياتي الى الشرق الاوسط – اقامة حلف دفاعي اقليمي، "حلف بغداد"، يضم كل القوى العربية المركزية في الساحة. على خلفية وجود النزاع الاسرائيلي – العربي، اعتقدت الادارة بان ادارة كتف باردة ورفض ادراجها في الخطط الاستراتيجية التي كانت متعلقة بهذه الرؤيا، سيضمن انضمام دول اساسية كالعراق وكمصر الى الحلف وهكذا تساعد على تحقيق مسار الصد. ولكن رغم المساعي الامريكية لادارة سياسة من الحوافز والاغراءات تجاه العالم العربي على امل تجميده لمهمات الحرب البادرة، انهارت هذه السياسة بسرعة. مداميك هامة فرت الواحدة تلو الاخرى نحو الكتلة الشرقية وتركت اسرائيل تقريبا وحدها تتحمل عبء الدفاع عن المصالح والمواقع الغربية في المنطقة. كنتيجة لهذه المسيرة، ولا سيما على خلفية المساهمات الاستراتيجية لاسرائيل في انجاح النظام الهاشمي في الاردن، تغيرت بشكل تدريجي نظرة ادارة ايزن اور: تحولت اسرائيل من عبء الى ذخر استراتيجي. ادارة كارتر هي الاخرى، التي دخلت البيت الابيض بعد نحو ربع قرن من ذلك ، بدأت رحلتها في مسارات الشرق الاوسط بموقف مقرر وقاطع، يؤمن بتسوية شاملة يكمن فيها حل دائم للمسألة الفلسطينية. نحو سنة كاملة استثمر الرئيس كارتر مساعيه لعقد مؤتمر جنيف، الذي كان يفترض به ان يتم تحت رعايته بشرى السلام الشامل. ولكن لهذه القضية ايضا، صفع الواقع الرئيس على وجهه وكارتر نفسه ساهم – في مؤتمر كامب ديفيد 1978 – في اقامة اتفاق سلام منفصل بين اسرائيل ومصر، كان يعارضه منذ البداية بشكل مطلق وجارف.

        في الحالة الحالية ايضا يحتمل ان تخرج مواقف اوباما عن الخطوط الهيكلية الاصلية لديه، ناهيك عن ان التجارب والدروس كفيلة هي ايضا ان تترك اثرها على سلوكه المستقبلي (مثلما طور الرئيس بوش الاب ضغينة شخصية تجاه شامير بلغت ذروتها في "ازمة الضمانات". في كل الاحوال، واضح انه في بداية طريقه سيخرج عن طرق عمل بوش من حيث استعداده للاعتماد اساسا على ادوات دبلوماسية "رقيقة" بدلا من اليات عسكرية "شديدة" في لقاءاته مع مندوبي محور الشرق، بما فيهم ايران. واضح ايضا انه سيتطلع الى تحقيق اهدافه في ظل مظلة دولية واسعة ومؤيدة، وذلك في خلاف تام مع نهج سلفه "وزير الدفاع غيتس ايضا وكذا مستشار الامن القومي جونز يؤيدان هذا النهج". الرغبة في العمل بالتعاون مع محافل دولية اخرى من شانها ان تدفع اوباما للبحث عن القاسم المشترك الاعظم، حتى بثمن اغلاق العيون والتسليم عمليا باستمرار النشاط النووي لطهران.

        حقيقة انه بعد انتخابه ايضا عاد اوباما الى اللهجة الباردة والمتوازنة في مواقفه من النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، تدل على ان مواقفه الاساس تشبه بقدر اكبر مواقف الرئيس كارتر اكثر مما تشبه نهج سلفه في البيت الابيض. ولا يزال – كل محاولة من اوباما لبلورة سياسة معارض تجاه اسرائيل ستصطدم بكونغرس معارض بقدر لا يقل عن ذلك، والذي في الاونة الاخيرة فقد عاد لتاكيد تأييده المطلق لاسرائيل بالنسبة للحملة في غزة؛ مشكوك ايضا ان يسعى الرئيس الى المواجهة مع حليف تقليدي في مرحلة مبكرة بهذا القدر من رئاسته.