خبر الجيش الإسرائيلي يشطب قرية « جحر الديك » عن خارطة قطاع غزة

الساعة 03:17 م|20 يناير 2009

دمر معظم منازلها ومزارعها وسواها بالأرض

الجيش الإسرائيلي يشطب قرية "جحر الديك" عن خارطة قطاع غزة

 

فلسطين اليوم - غزة

تعجز الكلمات عن وصف ما يمكن أن يشاهده المرء من دمار وخراب وكوارث حلّت في قطاع غزة بشكل عام جراء العدوان الإسرائيلي الذي استهدفه على مدار 23 يوماً. لكنّ الأمر بالنسبة لقرية "جحر الديك"، التي تقع جنوب شرق مدينة غزة، مختلف تماماً، لأنه لم تعد هناك قرية في الأصل للحديث عنها.

 

يصيب الذهول من يتوجّه إلى هذه القرية التي لا يزيد عدد سكانها عن خمسة آلاف نسمة. فالدمار يتسيّد المشهد على طول طريق صلاح الدين في حي الزيتون المؤدي لها، سواء في المنازل أو المزارع أو الطرقات أو البنية التحتية. ولدى الدخول إلى هذه القرية المنكوبة تتشكل الصدمة، فلا أثر للمباني ولا للأشجار، وتداخلت الطرقات بما يبعث على التيه.

 

أصحاب البيوت المدمّرة يقفون على أطلال منازلهم التي سوّتها جرافات الاحتلال الحربية بالأرض.

 

لا يزال سكان هذه القرية المنكوبة يعيشون هول الصدمة. فقد حسبوا للوهلة الأولى  أنهم في حلم، فلم يصدقوا أنّ ذلك حدث في قريتهم وأنّ منازلهم التي كانت شاهقة قبل العدوان قد ابتلعتها الأرض، بفعل آلة الحرب الإسرائيلية التي شطبت هذه القرية عن خارطة قطاع غزة لتصبح أثرًا بعد عين.

 

لم يكتف الاحتلال بتدمير المنازل، بل سواها بالأرض وسحقها عليها بدباباته بما فيها من أثاث ومتاع، في ما يعجز أطفال جحر الديك عن العثور على شيء من أمتعتهم وكراريسهم.

 

يقول الحاج صبحي الشاويش (64 عاماً)، الذي دمّر الاحتلال منزله ومنازل أبنائه الستة ومزارع أبقار وبئر مياه ومنجرة وسيارة، وعشرات الدونمات المزرعة بالبرتقال التي تعود لهم، "لم أصدِّق أنّ هذه هي منازلنا وأراضينا التي عشنا بها منذ عشرات السنوات".

 

وأضاف الشاويش لوكالة "قدس برس"، "لقد مرّت علينا الكثير من التوغلات والاجتياحات والدمار على مدار انتفاضة الأقصى، ولكن لم نشهد مثل هذا الدمار الذي يأكل الأخضر واليابس".

 

ويروي الشاويش تفاصيل ذلك اليوم الذي توغّلت فيه قوات الاحتلال في بلدتهم قبل أسبوعين تقريباً، بالقول "كنّا في منازلنا حينما توغلت قوات الاحتلال في القرية، وبدأت بقصف منازلنا بالقذائف دون إنذار، فخرجنا هرباً من حمم هذه القذائف، فتقدمت تلك الآليات وهدمت منازلنا وسوّتها بالأرض".

 

وأضاف الفلسطيني المنكوب "لم يكتف الاحتلال بهدم منازلنا، بل دمّر مزرعة الماشية التي فيها أربعون رأساً من البقر، تُقدّر بأكثر من مائة ألف دولار. لقد فرّ البقر وإطلق الجيش الإسرائيلي النار عليها وأعدم عدداً منها، كما تم تجريف البيارة (البساتين الزراعية) التي تبلغ مساحتها 40 دونماً، والمزروعة بالبرتقال والليمون وحمامات الخضار، كما تم تدمير بئر للمياه وسيارة".

 

خلال حديث الحاج الشاويش تلقى اتصالاً عبر هاتفه النقال من أحد، أقاربه ليطمئنّ عليه ويسأله "هل عدتم إلى منازلكم؟"، فقال له "أي منازل هذه التي تتحدث عنها، لم نجد منازل، وجدنا أرض خلاء ومنازل سويت بالأرض".

 

حال الحاج الشاويش كبقية أحوال جيرانه في هذه القرية المنكوبة، التي وحسب مصادر في المجلس البلدي فيها الذي بدا بحصر الأضرار، فإنّ نسبة الدمار قد تجاوز فيها التسعين في المائة، جراء الخراب الذي لحق بالمنازل والمزارع والطرقات والبنية التحتية والمؤسسات والمساجد وغيرها من المنشآت.

 

ولاحتواء هول الكارثة، بدأت آليات البلدية بالعمل في تلك المنطقة، من أجل شق شوارع تلك القرية، ولتحديد بعض معالم هذه القرية الزراعية.

 

وعلى الرغم من تدمير معظم منازل هذه القرية وتسويتها بالأرض، إلاّ أنّ بعض المنازل ظلّت فوق الأرض دون أن تكون صالحة للسكن. فهي آيلة للسقوط بفعل تدمير آليات الاحتلال لأعمدتها، لتظل شاهدة على الجيش الذي مرّ من هنا.

 

أما أمجد الشاويش، نجل الحاج صبحي، فاعتبر ما حدث عملية انتقامية من سكان القرية، لأنّ بإمكان جيش الاحتلال تدمير المنازل وتركها على حالها، أما دفنها تحت الأرض وإعدام الدواب وكل شيء يتحرك في تلك المنطقة "فهذا ليس من فعل بشر"، كما قال.

 

وأضاف أمجد أنّ المنازل التي تمركزت فيها قوات الاحتلال حملت كتابات بالعبرية جاء فيها "هنا الدمار والنار"، كرسالة "واضحة لنا طبقوها على أرض الواقع"، وفق قوله.

 

وأشار أمجد الشاويش إلى أنّ هذه المباني التي دمرت من الممكن إعادة اعمارها خلال وقت قصير، ولكنّ الأشجار التي قلعت والمزروعة منذ عشرات السنوات تحتاج عشرين سنة أخرى حتى تكبر، وربما تكون وقتها على موعد مع اجتياح إسرائيلي آخر.